ضاد / سحر الكراسي
1 يناير 1970
05:07 م
| د. أحمد بن بحار الرشيدي |
شَرُّ الأَخلّاءِ مَن وَلّى قَفاهُ إذا/ كان المُوَلَّى وأعطى البِشرَ مَعزولا.
ما أكثر رؤية أولئك الذين يتزلفون الناس تقبيلا لأنوفهم لا تواضعا منهم، ولكن من أجل** مصالح خاصة، والتي ما إن يبلغوها حتى يقلبوا ظهر المجن لمن كانوا بالأمس معارف وأصدقاء، والأعجب مما سبق أنهم إذا ما عزلوا من مناصبهم عادوا سيرتهم الأولى تهليلا وتقبيلا!
أنا شخصيا لقيت نماذج ممن يصدق فيهم بيت الشاعر الذي صدرنا به مقالنا لهذا اليوم! أولئك الذين إذا كانت حاجتهم عندك صاروا أصدقاء، والغريب أن لديهم قدرة عجيبة في الوصول إليك والتواصل معك حتى لو بعد هجر طويل، ثم إذا أردت من أحدهم أمرا يسيرا لم يخجل من غلق الأبواب دونك أو إيقافك في حرارة الشمس أمام بيته انتظارا لموعد سيتبخر تبخر صداقتهم.
هذه النماذج مع الأسف الشديد تتكاثر في مجتمعنا بشكل متسارع، وغالبا ما يكون موسم التلاقح لها (الانتخابات) لمختلف المجالس، أولئك الذين متى تولوا مناصبهم نسي اسمك، وتحدث معك برسمية، ودقق في المواعيد، وأفرغ شحن هاتفك في محاولاتك للاتصال به، ثم إذا تقاعد أو عزل أو سقط؛ بادر بالاتصال بك عند أدنى حاجة له!
إن العرب لهم صفات راسخة لا تفارقهم، وكلما تخلفت صفة من تلك الصفات عند الرجل العربي تلاشت بقدرها ملامح العروبة فيه، ومن أهم تلك الصفات الكرم والنخوة والنجدة والوفاء.
ألا كم هو عجيب أمر الكراسي تصير الطفل الوديع متجهما متغطرسا يختال اختيال الطواويس، يُغلِّق الأبواب ليكون بينه وبين الناس ألف حاجب، كلمتهم التي يرددونها (في اجتماع)! ولا حول ولا قوة إلا بالله!
وبرغم ما سبق ما تزال الدنيا بخير، فثمة رجال مهما لعق عشاق الكراسي أقدامهم، لا يزدادون إلا تواضعا ورفعة.
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر
على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه
على طبقات الجو وهو وضيع
ولن تجد ذا مروءة وعقل يتكبر أو يغتر بأيام يتبوأ فيها منصبا سريعا ما سيتركه إلى البيت أو إلى القبر!
إن المناصبَ لا تدوم لأهلها.
إن كنتَ فى شكٍّ،فأين الأوَّلُ؟!
فاصنع من الفعل الجميل فضائل.
فإذا عـُزِلتَ فإنّها لا تـُعزَلُ
ولست أجد ختاما لهذا المقال أحلى وأحكم من قول عبد الله بن مبارك رضي الله عنه:
يد المعروف غنمٌ حيث كانت
تحمَّلها شكورٌ أو كفـور
ففي شكر الشَّكور لها جزاءٌ
وعند الله ما كفر الكفـور
* كاتب وأكاديمي كويتي
On Twitter: @analrashedi