تركي العازمي / جاسم بودي واغتيال القانون!

1 يناير 1970 01:50 ص

في مقال الرأي اليوم «أوقفوا اغتيال القانون... وهيبتكم» ربط لنا الأخ الفاضل جاسم بودي، بو مرزوق، صورة واضحة المعالم عن الوضع الراهن الذي تمر بها البلاد في جزئيات معينة وسنعلق على واحدة فقط من باب التذكير فقط. يقول بو مرزوق: «بين التساهل في تطبيق القانون وبين التطبيق الارتجالي الخاطئ له صار الولاء للقبيلة والعائلة والمذهب أقوى من الولاء للدولة» و«النظام الذي يخسر القانون ليربح ولاءات إنما يخسر الدولة وأهل الكويت يريدون أن يربحوا القانون والدولة». هاتان العبارتان ما إن قرأتهما إلا وأنا أتذكر مقالاً قد كتبته من قبل تحت عنوان «إنهم لا يجيدون القراءة». نعم... إن المسؤولين لا يجيدون القراءة السليمة للأحداث، ولا يستشعرون البعد الحقيقي وراء كل حدث يطفو على السطح، فكثير من القرارات ظهرت إلى النور من اعتقاد ارتجالي على الحدث لتخرج القرارات بشكل خاطئ، وهذا يؤكد لنا غياب القيادة السليمة، ولنا في قضية شطب المرشحين وشركة الفرز الإلكتروني عبرة! القيادة تعددت أنماطها ونظرياتها حسب الرؤى المستنيرة من قبل علماء القيادة، ومن تلك النظريات ما هو معروف بمسلمات القيادة حسب قول ستوغديل: «إن القائد هو حصيلة حدث معين ولا يمكن أن يكون القائد منتمياً للقائد الذي سبقه بصلة الدم، القرابة، أو أن يكون ابن القائد قائداً». ويقول جوسلنغ: «إن القيادة من دون أساس إداري قوي يمكن إن تكون مدمرة» وهذا ما ينطبق عليه القول الدارج «لكل زمان دولة ورجال»، فمتطلبات وقتنا الحالي بحاجة إلى رجال من طراز خاص يتفهمون الأحداث ويدرسون السبل الصحيحة لرسم المفاهيم الإدارية لمعالجة الفساد الإداري، وذلك من خلال فكر فريق عمل لا أن تكون على صفة ارتجالية. والملاحظ أن القيادة بما فيها التقليدية حرصت على جانب التحفيز وروح العمل الجماعي، إذ ذكر ناش أن «القيادة عامل محفز للتغيير في تعامل الناس»، وكلها تؤكد على أن الباحثين لم يكونوا مقتنعين بأن القيادة لها صلة بالقبيلة، الفئة، العائلة إلا في النواحي السلبية التي تؤثر على مفاهيم القيادة السليمة.

وعلى الصعيد المحلي، فقد كانت هناك دراسات وأبحاث كثيرة تمت في الكويت، ولكنها مع شديد الأسف لم تجد من يستفيد منها على النحو المطلوب، فالمطوع في عام 2000 وبعده الفضلي والريس في عام 2004 لاحظوا في بحوثهم عن السلوك وولاء الكويتيين الأفراد أن الضغوطات الثقافية أوجدت حالاً من الولاء للعائلة، القبيلة، الحزب، الفئة، وتلك التي تدفع بالولاء للدولة. إن ما ذكر في تلك البحوث تطرق إلى مستوى الولاء في الكويت، وتحديداً في مؤسساتها، إذ لوحظ أن الواسطة قد أوجدت غطاء خاصاً بحكم الاستثناء، فذهب على أثره الولاء إلى القبيلة، العائلة، أو الطائفة، ولو أن السادة المسؤولين لدينا يجيدون القراءة لكانوا استفادوا منها. في رسالة الماجستير ذكرنا بعض السلبيات التي تطرق إليها باحثو الإدارة والقيادة وجميعها تصب في خانه غياب القانون عن الممارسات التي تحصل على أرض الواقع والعاطفة، وحينما تميل إلى طرف توقع الضرر في الطرف الآخر والدولة عموماً.

لقد ذكر أخونا الفاضل بو مرزوق جوانب معينة، وإننا ندعم وجهة نظره في فحوى الرسالة التي وجهها إلى الجميع بمن فيهم ولاة الأمر، لأننا وللأمانة قد بلغنا من سوء التطبيق للقانون درجة لا يمكن تجاهل الآثار الناجمة عنه وتستدعي الضرورة إلى اختيار التطبيق العادل للقانون من دون بهرجة إعلامية أو نوايا أخرى لا تعيد لنا هيبة الدولة. نحن باختصار ضد كل ما من شأنه خفض مستوى الولاء للدولة، مهما كانت المبررات أو الحجج التي يسوغها البعض عند التعامل مع القضايا الحيوية، والخطر يكمن في أن الجميع يحاول أن «يدني النار صوب فرصة»! إن البلد بحاجة إلى الذين يجيدون قراءة الأحداث، بحاجة إلى قادة أصحاب قرار ينتج من فكر جماعي لا ارتجالي ومستند إلى قواعد إدارية قانونية تواكب الحدث ومتغيراته... والله المستعان.


تركي العازمي


كاتب ومهندس كويتي

[email protected]