د. وائل الحساوي / نسمات / 133 مليارا سنوياً مو عارفين نستفيد منها

1 يناير 1970 11:40 م

لا أريد ان أبدي رأيي في الوزارة القادمة مادامت لم تكتمل ولم نختبرها أمام المجلس، ولكن الواضح هو ان النسق التقليدي لتشكيل الوزارات هو المسيطر عليها بكل مافيه من تناقضات وتجاذبات وترضيات، فوزير من تيار حزب الله مع وزير سلفي ووزير ليبرالي ووزير قبلي، وقد يكون ذلك مقبولاً لو أن الحكومة قد وضعت لها برنامجا واضحاً تسير عليه وتلزم به الكتل التي تشترك معها، ولكن من الواضح ان شيئاً مما اقترحناه لم يجد له مجالاً للتطبيق، وأن النتيجة ستكون كما وصفتها سابقاً عبارة عن قبعة الساحر التي لا ندري ماذا سيخرج علينا منها: أرنب أو حمامة أو ثعبان، ثم تدور العجلة وتتوالى الأزمات، ويفكر الجميع متى سيتم حل الحكومة والاتيان بحكومة جديدة، وهكذا.

ليسمح لي القارئ العزيز أن أبدي رأياً حول بعض القضايا الساخنة التي سيبدأ بها التسخين المبكر للمجلس، فقضية اسقاط القروض وزيادة الرواتب تمثل البرنامج الانتخابي لعدة مرشحين، وقد فاز بعضهم في الانتخابات، فما هو الحل الوسط بين من يرفض اسقاط القروض جملة وتفصيلاً وبين من يطالب باسقاط جميع القروض لجميع المواطنين؟ لا شك ان وصول أسعار النفط إلى 124 دولاراً للبرميل يلخبط حسبة كل من كان متحفظاً، فالميزانية اليومية من عائد النفط تصل الى 310 ملايين دولار، والميزانية السنوية تصل إلى 113 مليار دولار، ولو حسبنا عائد الاستثمارات الخارجية التي تبلغ 220 مليار دولار لوجدنا أنها لا تقل عن 20 مليار دولار سنوياً.

بقسمة هذا المبلغ على مليون مواطن كويتي فإن دخل الفرد السنوي هو 133 ألف دولار وهو مبلغ خيالي.

كذلك فإن زيادة اسعار النفط قد تسببت في زيادة التضخم الذي وصل في الكويت أكثر من 9 في المئة، أي أن مصروف الأسرة الشهري بدلاً من ان يكون 500 دينار سيزيد 50 ديناراً، وفي السنة المقبلة 100 دينار وهكذا.

اذا فلا بد من نظرة شاملة للأوضاع في ظل المتغيرات وعدم السعي لحل المشكلة جزئياً، حتى الأخوة المتمسكمن بضرورة إقرار زيادة الخمسين دينارا التي رفضتها الحكومة في المجلس السابق يفكرون بطريقة ساذجة - مع احترامي لهم - والمطلوب هو دراسة جادة لمدى الارتفاع في مستوى المعيشة وكيفية تحقيق ذلك لا عن طريق زيادة الرواتب وحدها مثل زيادة الخدمات التي تقدمها الدولة لمواطنيها،  وعلى رأسها تحسين الخدمة الصحية والتعليم وتوفير السكن المناسب للأسر خلال فترات انتظار قصيرة، وتحسين اداء الطرق وغيرها، فهذه الخدمات تمثل اولوية للمواطنين مقابل زيادة دخولهم.

كذلك فإن الحكومة لا بد وأن تعيد النظر في سياسة انتاج النفط، فما حاجتنا لانتاج 2.5 مليون برميل يومياً (والاتجاه نحو زيادتها إلى 3 ملايين) إذا كنا لا نحتاج كل هذا العائد منها؟ وما الذي يمنع من ابقاء نفطنا في الأرض كرصيد لنا في المستقبل، لاسيما وان الدراسات الجادة قد بينت أن العمر الافتراضي للنفط الكويتي لا يزيد على 30 عاماً؟

وإذا كانت الحكومة مضطرة للإبقاء على الانتاج الحالي من أجل عيون العم سام، فلماذا لا تسلك سلوك دولة النرويج التي خصصت صندوقاً لعائدات النفط يمنع القانون المساس به، بل جعله كاحتياط مستقبلي للاجيال القادمة؟

أما قضية اسقاط القروض فهي مهزلة يجب منع المتحمسين لها وحسم الأمور هذه المرة وللأبد منها، ولا شك ان صندوق المعسرين الذي تم إقراره من المجلس الماضي كفيل بحل مشكلة كل معسر، وكفانا تلاعباً بمشاعر الناس تحت شعار كسب الأصوات.


كفانا تفريطاً بأمن بلادنا

وصلتني رسائل كثيرة تحذر من الترضيات على حساب الوطن وأمنه، وكفانا تساهلاً مع من يصطفون مع أعدائنا ويفشون أسرار بلادنا التي تصلهم على أعلى المستويات، وإن لم يكن المسؤولون يشعرون بخطورة تلك الترضيات فلا أقل من احترام مشاعر شعبنا وشعوره تجاه من وقفوا مع اعدائنا.


د. وائل الحساوي

[email protected]