علي سويدان / حتى نلتقي / للكبار فوق 18 سنة... فقط

1 يناير 1970 07:22 م
| علي سويدان |

كلنا نحسب أعمارَنا بالسنوات من أجل معرفة السن التي بلغناها، ولكنْ المتخصصين يعرفون أن هناك حسابا آخر يطلقون عليه: العمر العقلي؛ يعني رصيد الإنسان من جملة الخبرات التي مرَّ بها وقدرته على استحضار ما يلزم منها لتجاوز حالات مشابهة يمر بها في المستقبل، لذا قالوا: (أجسام البغال وأحلام العصافير) ولذلك قال إيليا أبو ماضي:

وإذا بَصُرْتَ بهِ، بَصُرْتَ بِأَشْمَطٍ

وإذا تُحَدِّثُهُ تَكَشَّفَ عنْ صبي

لذلك آن لنا نحن العرب أن نحسب أعمارنا بلغة العمر العقلي لا بالسنوات فقط، تُرى تحتاج أميركا غطاءً عربياً من أجل مهاجمة سورية؟ بالتأكيد لا تحتاج ذلك لأن الغطاء العربي موجود منذ السنة الأولى من الحالة السورية يوم قرر العرب الحصار على سورية وبعد ذلك تجميد عضويتها في الجامعة العربية ثم قرارهم قطع البث الفضائي السوري وأخيراً حين جهر العرب بدعمهم بالمال والسلاح لأطرافٍ في سورية ثم إعلانهم أن سورية بلد محتل؛ وأن السوريين احتلوا سورية!!

حقاً شر البلية ما يُضحك، ورغم أننا نُصرُّ على حصر الحالة السورية وتقزيم تأثيراتها في دائرة حقوق الإنسان ولا أدري أين كان هذا النشاط المفرط عند العرب في دائرة القضية الفلسطينية حين أمر شارون بكسر عظام الفلسطينيين وهدم البيوت على رؤوسهم في جنين وشاهدنا ذلك في أول أيام تسلم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن الحكمَ في البيت الأبيض يعلن عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها! أين كان العرب أنفسُهم المتحمسون اليوم لإنقاذ الشعب السوري؟ الحرب على سورية _وأي قرار حرب في العالم_ لا يمكن أن يُتخذ إلاّ بتوافر أمرين: الأول المصلحة، والثاني القوة؛ أيْ إذا كان هناك لدى القوى العالمية وفي مقدمتها أميركا كان لديها قوة تستطيع من خلالها ضرب سورية وكان لديها أيضاً مصلحة تعود عليها وعلى إسرائيل من وراء ذلك ستبدأ الحرب وستكون هناك ضربات جوية ولا حاجة لأيّ استعراضٍ إعلاميٍّ قبل الحرب! هل تذكرون يوم ضربت أميركا موقعين في السودان وقالت: إنها مصانع للسلاح! كان ذلك في جنح الليل، وغيرها من أمثلة.

نعم لو نقص عنصر واحد من عنصريْ اتخاذ قرار الحرب أيْ توافرت القوة اللازمة لضرب سورية وليس هناك مصلحة في ضربها فلن تقع الحرب ولو أقمنا عُرساً إعلامياً يوحي بالحرب! ورقصنا بسيوفنا من أجل ذلك!

أيها السادة الكرام الأقوياء في العالم لا يسألون عن أطفال سورية ولم يهمهم من قبل أطفال غزة، الأقوياء في العالم يحترمون كل قوي ويحتقرون كل سخيف يركض بين أيديهم! الموضوع أكبر من ذلك، الأقوياء في العالم يبحثون عن مصالحهم وخلافهم اليوم على الكنوز التي تملأُ باطن الأرض في سورية؛ والعرب اليوم يدركون أن النفط لم يعد قوة محتكرة في أيدٍ بعينها.

أخبرتُكم من قبل أن في ساحل سورية أربعة عشر حقلاً من النفط؛ أربعة منها فقط تعدل الإنتاج اليومي لدولة عربية واحدة تنتج النفط اليوم! هل تتوقعون أن يترك الأقوياءُ في العالم هذه الثروات من غير أن يُقيموا من أجلها ثورات بل حروبا في المنطقة؟! لذلك لِيَخْرُجَ العربُ من عنق زجاجة فارغة أدخلوا أنفسَهم فيها، ليخرجوا من مسرح العزف على حقوق الإنسان؛ ذلك الإنسان الذي ذبحوه في فلسطين بسكوتهم وذبحوه اليوم في سورية بكلامهم وأموالهم.

واجتماع عشرة رؤساء أركان جيش في العالم في الأردن ليبحثوا الحالة السورية قبل يومين؛ يعني عشرة جيوش: ما شاء الله عشرة مقابل الجيش السوري!! معناها سورية لابد أن تكون عضوا دائما في مجلس الأمن! المسألة تتعلق بعدم تفاهم بين روسيا وأميركا على الثروات السورية حتى الآن، والتأجيل الأميركي لاجتماع يجمعهم بالروس كان من المقرر أمس الأربعاء أُجل لترتيب أوراقهم وفرض شروط على سورية من خلال هذه الحرب الإعلامية والوصول بها إلى حافة الحرب، ولو حصلت أي ضربات على سورية فهي لإيجاد توازن بين الشروط الروسية من طرف والأميركية من طرف خاصة بعد أن رجحت الكفة لصالح الجيش السوري على الأرض، أما الأردن فلا علاقة له بالجيوش العشرة التي استضافها على أرضه، يعني كرم الضيافة عندنا نحن العرب يُضرب به المثل: حرام.. معقول يقولون للأردن: «الاجتماع عندك وبعدين يتهرب، والله مو حلوة لازم يستضيفهم ويعزمهم على منسف كمان!»





[email protected]