سعد خالد الرشيدي / تحت المجهر / ذكرى الكويت ... وبرنارد شو
1 يناير 1970
07:01 ص
| سعد خالد الرشيدي |
ذكرتني الحملة النيابية التي تتعرض لها وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي بخصوص ما اثير حول تعيينها لشقيقتها مستشارا لها بــ1250 دينارا واقارب اخرين، بالمقولة المشهورة للاديب والمفكر جورج برنارد شو (العربة الفارغة تحدث ضجيجا اكثر من العربة الممتلئة).
ليتها ذكرى لم تفعل، بالطبع مرد ذلك ليس لقيام الوزيرة بخطأ خيب معه الآمال المعقودة عليها في استكمال النفضة الواسعة التي بدأتها في وزارة الشؤون والعمل منذ توزيرها الأول، لكن لأنها لم تنتبه إلى انها تكافح في بيئة تعاني من مرض الانقياد وراء الصوت العالي اكثر من صوت العقل.
لنبدأ القصة...
ماذا فعلت الوزيرة ذكرى... وهل تعيينها لشقيقتها يستحق كل هذا الصخب النيابي؟
سؤال طرحته في البداية على نفسي، وفكرت مليا للاجابة عنه بتفكير نقدي مستشرفا أثناء ذلك جميع الكوارث التي يمكن ان تتعرض لها الكويت بسبب تعيين شقيقة ذكرى؟
مبدئيا، نفت الوزيرة تعيين أي قريب لها في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، فيما لفتت إلى ان ديوان الخدمة المدنية وافق على الاستعانة بشقيقتها وخصص لها مكافأة مالية، لذلك من المفترض الا تكون هناك جدلية حول ما اتخذته الوزيرة من إجراء مشروع.
بل يتعين على النواب الذين يفضلون على ما يبدو الحكم المطلق على حساب تجربة الديمقراطية في نقد الوزراء ان يمتلكوا في طرحهم حس التناسبات وتنزيل الاشياء ضمن منظوريتها الصحيحة اي يكونوا مثل الثائر الحق صاحب الحس النقدي السليم وليس لتصفية حسابات للغير. فشقيقة الوزيرة مواطنة كويتية تستحق جميع المزايا التي يمكن ان يحصل عليها اي كويتي اخر، وليس من المفترض ان تحرم من الحقوق التي منحها اياها الدستور لمجرد انها اخت الوزيرة؟
بالطبع تعد مجافاة للموضوعية اخذ طرف القصة وتسويقها على الجمهور، فاذا كانت الوزيرة استعانت بشقيقتها فهذا لا يتعين الانقسام حوله إلى درجة نثر الرماد في العيون لإعماء الناس عن الجزء الأهم في الموضوع.
فبنظرة بسيطة للأحداث يتبين ان الوزيرة ذكرى أول وزير تتبنى إجراءات اصلاحية واسعة في وزارتها ليس اقلها حملة تجديد الدماء التي بدأت بإحالة قيادات عديدة كانت تسمى بالرؤوس إلى التقاعد لم يجرؤ غيرها على زحزحتها من كراسيها، ولو بمجرد التفكير.
يحق لمن فزع ضد تعيين الوزيرة لشقيقتها على بند المكافاة، الاستماع له اذا كان اكتشف مثلا ان شقيقة الوزيرة حاصلة على مؤهل لا يؤهلها للوظيفة التي شغلتها، أو انها تتقاضى راتبا عاليا قياسا بالخدمات المطلوبة منها. وقتها كان يمكن اعتبار ذلك فسادا اداريا ليس من الوزيرة فحسب بل من ديوان الخدمة الذي وافق اصلا على تعيين شقيقتها، لكن الواقع يخالف ذلك فشقيقة ذكرى مستوفية لجميع شروط التعيين بدءا من كونها كويتية ومرورا بالمؤهل الدراسي وانتهاء بموافقة ديوان الخدمة.
نقطة ثانية لا تقل أهمية عما سبق، وهي ان جميع التكتلات السياسية في الكويت استفادت من مراكزها في تعيين محسوبين عليها في مطارح قيادية أهم وأخطر من وظيفة مستشارة ذكرى، فيما ثبت لاحقا انهم لا يملكون شيئا لتقديمه إلى الكويت من مركزهم سوى الخلفية السياسية التي يتسيجون بها، ولم نسمع من يندد أو يشجب مثلما تفعل العرب مع اسرائيل في قتل الفلسطنيين.
روى لى احد الاصدقاء ذات مرة بأنه سمع خطابا للزعيم الالماني هتلر، وقتها تخلى عن قناعته بأن هتلر شخص نازي قتل في طريقه إلى تخليد اسمه الآلاف بدون سبب، بل واعتقد انه بطل عظيم يستحق التقدير.
لكن للمفارقة، قناعة صديقي هذا لم تدم سوى دقائق معدودة بعد انتهاء الخطبة، وهو ما يفسره علماء النفس بكاريزما الصوت العالي في استغلال المواقف الصغيرة في تجييش العواطف الشعبية.