سعد خالد الرشيدي / تحت المجهر / نواب... الـ «برروم»

1 يناير 1970 07:20 ص
| سعد خالد الرشيدي |

اشتهر الفنان اسماعيل ياسين بكوميديا من نوع خاص، استطاع من خلالها توظيف موهبته الكوميدية في توصيف الاحداث التي نعيشها في المجتمع بدقة متناهية، وبطريقة استطاع من خلالها ان يصل إلى قلبونا وعقولنا في وقت واحد.

من اشهر افلام الفنان الراحل «اسماعيل يس في البحرية»، و«برروم» من اشهر الكلمات التي جاءت في مشاهد الفيلم، والتي درجت بين الجمهور بمرور الزمن إلى كلمة تحمل دلالات رمزية يتم استخدامها عندما يراد التعليق على شخص لا يعرف ماذا يفعل، واتى سياق هذه العبارة في اطار نقاش فتح بين الشاويش عطية والعسكري اسماعيل يس حين سأله الشاويش عن رقمه على المركب، فأجاب ياسين بسرعة غير العارفين بالأمور و بما يدور من حوله بـ «برروم».

انتهت انتخابات مجلس الامة 2013 على خير وسلام، ما يعطي المجلس المنتخب الفرصة لتنفيذ خطته لانعاش الاقتصاد بالمفهوم الحقيقي، وينهي أزمة سياسية في البلاد ويمهد الطريق لتجاوز تحديات متجذرة، وسط تمنيات من المواطن والوطن بان يؤدي هذا المجلس الدور المطلوب منه في إحداث التنمية المستدامة اقتصاديا وسياسيا ودخلا وتوظيفا وصحيا واجتماعيا... الى آخره من الملفات المزمنة لجهة حلها، وان يبتعد عن تكرار سيناريو الماضي في اعادة المشهد السياسي المحتدم، وصناعة المظلومية مع الحكومة.

لكن قبل ان يؤدي هذا الدور يتعين ان يكون الاعضاء على قدر من المسؤولية في المهمة التي اوكلها اليهم الشعب، والا يقتصر دورهم في اتخاذ القرارات على نفس سياق «برروم»، حيث سيخسر المجلس ثقة المواطنين اذا تراجع عن الاصلاح الذي ملء أعضاؤه به الدنيا في برامجهم الانتخابية.

واعتقد ان أفضل حل إلى ذلك هو ان يظل المجلس والحكومة المرتقبة يؤديان مهامهما مع ضمانات قوية بتماسك مواقفهما وخططهما الحقيقية نحو الاصلاح وليس لمعاكسة الرأي من اجل الشو الاعلامي وتربية الولاءات الشعبية على حساب مصلحة البلاد.

يدرك الجميع بالتأكيد سبب تراجع الأداء العام في الكويت منذ فترة طويلة، الذي يعزوه البعض إلى بروز مجموعة الضد من النواب الذين وقفوا دائما في وجه الحكومة متهمين اياها بالفساد والتنفيع وشراء الذمم وغيرها من الاتهامات المعلبة، دون ان يقدموا في المقابل، بحكم موقعهم النيابي، اي حلول عملية من شأنها ان تنهي أزمات الفساد والتنفيع وشراء الذمم، سوى النجاح في تغذية مشهد التصادم المستمر مع الحكومة عبر سياسة الصوت العالي.

وهو ما أدى في النهاية إلى تراجع جميع محركات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئة التنافسية، الأمر الذي أدى إلى خسارة القدرة على التحكم في مسار التنمية الذي نحلم به جميعا، ما دعا ولي الامر إلى اقرار تغييرات تشريعية بإقرار ما يعرف بالصوت الواحد.

أنا أؤمن أن التاريخ يعيد نفسه في أوقات وأماكن مختلفة، وذلك يعني أن التطورات السياسية التي شهدها المشهد الكويتي لجهة الخلاف المحتدم بين مجلس الامة والحكومة خلال السنوات الماضية وحجم تأثيره على الاداء العام حدثت قبل الآن وعايشتها الأجيال السابقة، لكن ما يهم ان نوابنا ووزراءنا عن هذه المرحلة نجحوا في تجاوز ازمة خلافاتهم بالعمل معاً على تقديم كل ما ينفع الوطن والمواطن، ويبقى الأمل على نوابنا ووزرائنا الحاليين للاقتداء بالتجربة، وقيادة سفينة الكويت إلى بر الأمان.