محمد وفيق شاهين / لبنان... الطريق إلى إلغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص
1 يناير 1970
06:14 ص
| محمد وفيق شاهين? | إن تفاقم الأحداث في لبنان والتي أدت إلى انحدار مستمر في مفهوم الوطنية شكلت انعكاسات سلبية على الازدهار في لبنان. ومما لا شك فيه أن الانقسامات الطائفية والمذهبية التي زادت الأمور سوءا فرضت أهوالها على الاستحقاقات الديموقراطية التي يتميز بها لبنان ضاربة بعرض الحائط بمفاهيم العيش المشترك التي بني عليها الدستور اللبناني والتي أفرزت أكبر مخالفة لنصوص مؤتمر الطائف الذي استبشر به الوطنيون المخلصون تحقيقا لقدسية العيش المشترك الذي قصد نقل لبنان من مستنقع التشرذم إلى واحة الوحدة الوطنية.
إن من حق المسيحيين على لبنان أن يكون لهم تمثيل نيابي صحيح يحقق لهم الطمأنينة ويرضي طموحهم الوطني ومن حقهم وحق غيرهم أيضا أن يوجسوا خيفة من مشاريع القوانين المغلفة بشتى العناوين الوطنية التي تقود في النهاية إلى تحكم الأكثرية الانتخابية في نتائج التمثيل الصحيح للمسيحيين وغيرهم.
كما أنه لا يجوز لمن يتمتع بأكثرية عددية أو أكثرية انتخابية من بقية الطوائف والمذاهب في لبنان أن يزايدوا في الوطنية على بقية الطوائف والمذاهب الأخرى (بمعنى إما أن تذهبوا معنا يا مسيحيين وغيركم من اللبنانيين بعناوين تجعلنا ننتخب نوابكم أو إنكم تجنحون نحو العزلة والانقسامات).
وفي هذا الخضم من التجاذبات والانقسامات الطائفية والمذهبية والتي كرست المحاصصة الهدامة والتي أدت للأسف إلى ما نشهده من فساد إلى حد أن أصبح موظف الدولة يقدم تقاريره إلى سيده في المذهب قبل أن يقدم واجباته إلى دولته ووطنه. فإلى أين يسير هكذا وطن وهل يجوز أن نسكت على تفاقم المفاهيم الهدامة للوطن والمواطن؟ لنواجه الحقيقة ونقول بكل صراحة أن أمراء وأسياد الطوائف والمذاهب في لبنان كل يعمل من أجل مصلحته وللحفاظ على مكاسبه من خلال تأجيج الصراع الطائفي لتحقيق أكثر التفافات مذهبية حوله. ولكن ماذا لو أشركنا أصحاب المصالح مع بعض عن طريق الوطنية بدلا من المذهبية ليصبح الزعيم المسلم بحاجة إلى صوت الناخب المسيحي والزعيم المسيحي بحاجة إلى صوت الناخب المسلم.
نرى هنا أننا واجهنا مشكلة الذهاب إلى لبنان دائرة انتخابية واحدة وهذا أمر غير مقبول بعدما مررنا بالتجربة غير المرضية لبعض الطوائف عندما كانت المحافظة دائرة انتخابية رغم ظهور الخطابات السياسية المعتدلة.
إذن ما هو الوجه السيئ في أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة اما بالنسبية أو من دونها؟ الأمر واضح ولا يقبل الجدل في أن المذاهب ذات الأكثرية العددية والأكثرية الانتخابية تتحكم بنتائج الانتخابات كليا. ولكن للبنان الوطن حق يطفوا على جميع الحقوق الطائفية والمذهبية وهو أن يكون لهذا الوطن مواطنون يجتمعون ويدينون بالوفاء لوطنهم بصرف النظر عن مذاهبهم.
هنا لا بد من وضع معادلة تنصف الجميع وهي إخراج نتائج الانتخابات من معادلة طغيان التفوق العددي لبعض الطوائف على الأخرى. الحل ليس سهلا من الناحية العملية ولكن تفاقم الانقسامات بين أبناء الوطن يحتاج إلى تبسيط الصعوبات مهما كانت لاسيما إذا اعتمدنا مبدأ إلغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص.
لماذا لا نعتمد على مشروع الهيئات الانتخابية في تحديد نتائج الانتخابات النيابية؟ وبناءً على ذلك تجري الانتخابات على مرحلتين:
1- مجلس النواب في لبنان مقسم إلى 64 نائبا للمسيحيين كافة و64 نائبا للمسلمين كافة.
2- الهيئة الانتخابية تعتمد على المشروع الأرثوذكسي ( الذي كان من شأنه أن يزيد الوطن شرذمة والمواطنين فرقة ) معدلا على مرحلتين و أن يكون بموجب ما يلي :
- المرحلة الأولى : اعتماد أصغر الدوائر ( الحي أو الشارع ) لينتخب كل مذهب هيئة انتخابية تتألف في مجاميعها من ألف منتخب ( أو أكثر أو أقل ) لكل عضو في مجلس النواب، أي أن يكون مجموع الهيئة الناخبة للمسلمين لكافة أطيافهم 64 ألف عضو وللمسيحيين 64 ألف عضو وهؤلاء مشتركين يشكلون القاعدة الشعبية لانتخاب 128 نائبا لمجلس النواب مناصفة. فيكون قد تساوى عدد الناخبين لأعضاء المجلس النيابي بين المسيحيين والمسلمين، وكذلك يتحرر كل نائب من عصبيته المذهبية ويكيف خطابه بالوطنية وليس القبلية أو المذهبية.
وبذلك لا يكون لأي طرف حجة في أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة مناصفة إن كانت مع النسبية أو من دونها ويكون بذلك كل مرشح لمجلس النواب هو بحاجة إلى أصوات الطوائف كافة التي تتساوى بعدد الناخبين دون التركيز على مذهبيته ويكون قد تمثل الوطن في مجلس النواب بنواب لبنانين وطنيين مناصفة بين المسحيين والمسلمين وليس بنواب مذهبين وفئويين وقبليين.
* الرئيس المؤسس لمجلس العمل والاستثمار اللبناني في المملكة العربية السعودية