كثرت التحليلات في صحافتنا المحلية حول تشكيلة مجلس 2008 والأطراف الفاعلة والمؤثرة فيه، ولا تخلو تلك التحليلات من همز ولمز ومحاولة لتشويه بعض الأطراف تحت مسمى التحليل السياسي، وما علينا الا ان نتصفح بعض الصحف لنرى حجم الهجوم القاسي على نتائج الانتخابات والتي لا يشك عاقل بأنها من أنزه الانتخابات التي مرت بها الكويت وأنها تمثل ارادة الشعب الكويتي بالرغم من تحفظنا على بعض الممارسات التي تمت فيها.
كتب عبدالمحسن جمعة في جريدة «الجريدة» 21/5/2008 تقريراً برلمانياً بعنوان «نتائج الانتخابات... أي مستقبل رمادي ينتظر البلاد؟ المرأة عادت بالوعي السياسي إلى الوراء بعقلية التعصب الديني والقبلي»، وقد اعتبر الكاتب نتائج التصويت نموذجاً لمعضلة الديموقراطية في العالمين العربي والإسلامي، أما تمثيل التيار الديني من النتائج فقد كان نتاج الغرائز الدينية والشحن الطائفي، وأما المحصلة العامة للانتخابات التي توصل اليها الكاتب فهي صدمة تحتاج لمراجعة واقع نخرت فيه كل الآفات على مدى أكثر من ربع قرن وتمكنت منه للأسف، وأنها تمس الهوية والكيان!!
سبحان الله! هل كل هذا التحامل من الكاتب بسبب فوز مجموعة من المحافظين الذين يمثلون الشريحة الأكبر في المجتمع ويسعون للمحافظة على قيم المجتمع وعاداته؟! وهل وقوف غالبية الشعب الكويتي مع التيار المحافظ كان نتاج الغرائز الدينية؟! ولست أدري كيف يكون التمسك بالدين غريزة كغريزة الأكل والشرب والنكاح وغيرها؟! وأين ذهب دين الإسلام الذي لا يشك مسلم بأنه تنزيل من رب العالمين جاء لصلاح البشرية؟! وهل يخاطب الكاتب الشعب الكويتي أم الشعب السوفياتي أيام لينين وستالين؟! وكيف عادت المرأة بالوعي السياسي إلى الوراء بعقلية التعصب الديني والقبلي، ألأنها مارست حقها في الانتخاب واختارت من تراه الأنسب لتمثيلها، أم لأنها لم تختر من يراه الكاتب متوافقاً مع منهجه وتطلعاته، فكال لنساء. لا يخضعن لتياره أسوأ الأوصاف؟!
أما الأستاذ الدكتور فلاح المديرس المتخصص في الكتابة عن الحركات السياسية فقد كتب في «القبس» في نفس اليوم تحليلاً في أسباب فوز السلف وتراجع الإخوان، لم تخل من التناقض وتشويه الحقائق ومنها:
أولاً: أنا أرى بأن المبالغة في الحديث عن فوز السلف وتراجع الإخوان له أهداف اخرى عند البعض، ومن أهدافه إيغار الصدور ودق اسفين بين الدعوات الإسلامية، فالسلف والإخوان ينطلقون من مشكاة واحدة ويتعاونون لتحقيق أهداف مشتركة.
ثانياً: اعتبر الكاتب بأن تواجد السلف من خلال الجمعيات التعاونية واللجان الخيرية والمساجد ومجمل الأنشطة الاجتماعية من الأسباب في فوز السلف وتراجع الإخوان، مع ان الإخوان لديهم نشاطات مماثلة للسلف في تلك المجالات، ولكن القضية الأهم هي ان من يستطيع التواجد في المجالات العامة وله نشاطات كبيرة فيها فهذا معناه اتساع قاعدته الشعبية، لذا فمن الطبيعي ان يكسب في انتخابات مجلس الأمة، وهذا ما يحصل للتيارات الدينية عامة.
ثالثاً: ناقض الدكتور نفسه عندما علل أسباب فشل الحركة الدستورية هو قيام حركة بين القبائل ترفض توظيف الثقل القبلي لمصلحة حركة سياسية، بينما علل نجاح السلف بسبب تحالفات قبلية وعائلية، وهي كذلك حركة سياسية.
رابعاً: أورد الدكتور معلومة خاطئة عندما اعتبر فوز السلف بسبب تأييدهم لإسقاط القروض، بينما يعلم القاصي والداني بأن أكثر من تصدى لقضية اسقاط القروض هم السلف وأنهم اصدروا فتاوى دينية بتحريم ذلك، وكذلك حديثه عن تصدي ممثلي الحركة الدستورية للتعليم المشترك وأنه اضعفهم، بينما الواقع هو أن موقف التيار السلفي كان بنفس القوة لذلك العبث الذي مارسته تيارات فشلت في تبني قضايا المواطنين الحقيقية وصادمت معتقداتهم.
د. وائل الحساوي
[email protected]