عادل حسن دشتي / شقشقة / مسجد البهرة إرهاب فكري بامتياز!

1 يناير 1970 07:23 ص
عادل حسن دشتي

لم يجانب النائب صالح عاشور الصواب عندما وصف قرار اللجنة الفنية بالمجلس البلدي الرافض لطلب وزارة الأوقاف تخصيص أرض لإقامة مسجد على نفقة طائفة البهرة بالإرهاب الفكري، ولا يجانب الصواب أيضاً من يزيد عليه ويصفه بانه إرهاب فكري بامتياز، فإذا كانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هي التي تقدمت أصلاً إلى المجلس البلدي للحصول على الموافقة، وهي صاحبة الحق الأصيل في تبيان مدى انطباق الشروط والنظم والقوانين والتعاليم الإسلامية على مثل هذه الطلبات، ولديها من لجان الإفتاء والمشايخ والعلماء الأفاضل ما قد حسم الموضوع من جانبيه الفقهي والعقائدي، فإن ما تم إثارته من قبل أعضاء اللجنة الفنية في المجلس البلدي في شأن طائفة البهرة لهو خارج عن نطاق صلاحية وأهلية المجلس البلدي ولجنته الفنية، وإلا فبأي مبرر شرعي أو أخلاقي أو قانوني يتم إخراج الناس وإدخالهم تحت مظلة الإسلام العظيم من غير ذوي الاختصاص والعلم، ومن قبل أعضاء لجنة فنية متخصصة في حصر وتنظيم وتوزيع الأراضي وتحديد أوجه استخدامها لا بالتحقيق والفصل في عقيدة المستفيدين منها.

ورغم الموقف الواضح والمبدئي لعضو المجلس البلدي الدكتور فاضل صفر وزميله العضو خالد الخالد إلا أن أصوات العقل والحكمة لم تكن مسموعة في تلك الجلسة. وإذا كانت منظمة المؤتمر الإسلامي قد اعترفت بهذه الطائفة كإحدى الطوائف الإسلامية المعترف بها في عالمنا الإسلامي الكبير، فعلى أي وجه شرعي يستندون؟ وإذا كان أبناء طائفة البهرة يصرحون ليلاً ونهاراً وعلى رؤوس الأشهاد وآخرها بيان صحافي مدفوع الثمن في احدى صحفنا المحلية قبل أيام بأنهم يشهدون بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن كتابهم القرآن المجيد وقبلتهم الكعبة المشرفة، فهلا شق أعضاء المجلس البلدي ومن تناول الموضوع من النواب والكتاب عن قلوب أبناء طائفة البهرة جميعاً ليتبينوا حقيقة إيمانهم عملاً بحديث المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) لأسامة بن زيد في القصة المعروفة؟ وما هي مبررات النائب خضير العنزي في ضغوطه وتدخله في أعمال المجلس البلدي وهو الذي لم ينته التحقيق معه بعد في الاتهامات الموجهة ضده في شأن تدخله وهجومه على القضاء، وأما تسميته للمسجد بالمعبد فهو طعن صريح منه لأبناء هذه الطائفة الإسلامية. والمستغرب كذلك أن النائب الفاضل يخشى أن يتأثر أبناء المنطقة التي نعرف ويعرف النائب قبلنا أنها منطقة خدمات صناعية وتخزينية لا يوجد بها سكن أو ساكنون ولا أبناء ولا أحفاد، ولا ندري سبب هذا الخلط في الأوراق. أما بالنسبة إلى المشاكل التي يخشى النائب أن تحدث مستقبلاً فإنها بالتأكيد لن تكون من قبل ابناء هذه الطائفة وليبحث عن مثيريها، وتشهد سجلات المخافر وأروقة القضاء بأن أبناء هذه الطائفة هم أقل الناس، بل وأندرهم حضوراً أمامها.

أما الكاتب والدكتور الأكاديمي الفاضل الذي أفنى أعواماً خمسة من عمره في تتبع هذه الطائفة من خلال الكتب والوثائق، وأورد كل سيئة وموبقة كتبت أو نقلت عنهم أو منهم فكم كان مفيداً للأمة الإسلامية لو أفنى ربع هذا الوقت في دراسة سبل محاربة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وأمضى ربعاً آخر في معرفة الهموم والجوامع المشتركة بين مختلف الفرق والطوائف الإسلامية لتقليل الهوة في ما بينها لمواجهة تداعي الأمم علينا، وأمضى الجزء الأخير من هذه الأعوام الخمسة في دراسة وتحليل ظاهرة الانتحاريين التكفيريين وأسباب نشوئها وسبل معالجة من غرر بهم عن جهل أو غفلة أو حماس لدرء خطرهم عن الأمة الإسلامية والعالم بأسره، ولربما أجابنا عن سؤال يتيم هو كيف لم يخرج من طائفة البهرة على عظيم انحرافها وكبير خطرها على الأمة الإسلامية وهم المتطرفون الدمويون، حسب دعواه، انتحاري واحد يفجر نفسه بالمسلمين وينحر رقابهم، كما يحدث من قبل بعض الجماعات التكفيرية، لكان ذلك والله اجدى وأنفع للأمة من الغوص في التاريخ والبحث في بطون كتب الملل والنحل، وما كتب عن الفرق بين الفرق.

أما تحميل هذه الطائفة كل جرائم التاريخ وخطايا الفرق الأخرى كلها فهذا خلاف لأدنى مراتب الموضوعية في البحث، وهل من العقل والمنطق والانصاف أن نتهم طائفة بأسرها بالتطرف والإرهاب لأن الزرقاوي كان يوماً أحد افرادها، وهل من الموضوعية والعدالة ان نتهم فرقة بأكملها بالتكفير لأن مخربي «القاعدة» أو عصابة شاكر العبسي خرجت من رحمها أو قريبة من فكرها أو تتفق معها في بعض أفكارها وعقائدها. وأما القول إنه لا يوجد مواطن من هذه الفئة لكي يتم السماح لهم ببناء المسجد فإن هذا القول يحتاج إلى مقال منفرد مطول يفصل قليلاً في مدى تطبيق الدستور ومبادئ العدالة والمساواة على جميع المواطنين لكي نعرف حقاً ماذا يحدث.

إن ما نتناوله اليوم ليس بالضرورة دفاعاً عن أحد، ولكنه بالتأكيد رفض لمبدأ استسهال البعض في التكفير وإخراج الناس من الملة حسب المزاج والأهواء والمصالح والضغوط من هنا أو هناك، ففي ذلك فتح لباب الفتن عظيم لن تسلم منها فرقة أو طائفة أو جماعة، فالحكم على الفرق والجماعات والطوائف الإسلامية ليس بالأمر الهين والسهل، لكي يصول فيه أحد ويجول، وليكن حديث المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم): «من استقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم، وحسابه على الله»، هو المقياس الذي نقيس به غيرنا من المسلمين الذين نختلف معهم في رؤيتنا لأحد فروع أو تفاصيل ديننا الإسلامي الحنيف، ولتتسع صدورنا لعرض وجهات النظر كافة، وكفانا حجراً على الأفكار والآراء والمعتقدات إن كنا حقاً بالوسطية مقتنعين، فالحقيقة أكبر من أن يحتكرها فريق لنفسه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


عادل حسن دشتي


كاتب كويتي

[email protected]