اكد مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية في تعليق له على الخلاف بين ادارة سوق الكويت للأوراق المالية ومجموعة من الشركات المدرجة فيه انه .
كان متوقعاً، وستنشأ نزعات وخلافات أخرى ما لم يتم تأسيس هيئة مستقلة لسوق المال واسناد ادارتها لأشخاص أكفاء وأمناء، لكن وللأسف الشديد، هناك تدخلات ومصالح تحول دون تأسيس هيئة قوية، وان كان ولابد، فهيئة ضعيفة تستند الى قانون هزيل وفضفاض. وذلك لكي يمكن الالتفاف عليه والتحايل بسهولة مطلقة، وقد بدا هذا الأمر جليا من خلال المعارضة الشديدة لأفضل صيغة، تم تقديمها حتى الآن لقانون هيئة سوق المال، والذي كان يتكون من 111 مادة تقريباً، فقد لاقى هذا المشروع رفضا سافرا ومعارضة عنيفة من جانب أطراف عدة هي نفسها المستفيدة الأولى من الفوضى السائدة حالياً، وكانت الأزمة الأخيرة نتاج هذه الفوضى، وستفرز أزمات لاحقة لربما تكون أكثر شدة وعنفاً واثارة للجدل العقيم والدوران في حلقة مفرغة، والى أجل غير مسمى».
واضاف «سنركز من طرفنا على القضية الرئيسية، وهي الادراجات الجديدة، وذلك على الرغم من أهمية القضايا الأخرى محل الاحتجاج من جانب مجموعة الـ 43 شركة، وهي قضايا التحييد والدمج وزيادة رساميل الشركات، وتكمن مشكلة الادراجات الجديدة في قرار لجنة السوق بشأنها، والمؤرخ في 23/01/2007، حيث قمنا بانتقاده من خلال تقريرنا الصادر في 30/01/2007، وذلك بعد الاطلاع على ما قاله مدير عام البورصة من خلال مؤتمره الصحافي في 29/01/2007، وكان محور انتقادنا هو عدم تحديد معايير واضحة لأرباح الشركات المقترحة للادراج، حيث لم يشر قرار لجنة السوق الى نقطة مهمة جداً وهي مصدر الأرباح، والتي يجب أن تكون تشغيلية بما لا يقل عن 50 في المئة من الأرباح المعلنة من وجهة نظرنا، الأمر الذي يضمن وجود نشاط وعمل حقيقي للشركة، وليس أن تكون معظم الأرباح لشركة خدمية أو صناعية، مثلاً، ناتجة عن المتاجرة في الأوراق المالية أو عن اعادة تقييم موجودات».
ورأى «الجمان» انه «من جهة أخرى، من غير المقبول اطلاقاً، أن ينص قرار لجنة السوق في مادته رقم 15 على أن لها الحق في رفض طلب ادراج أي شركة من دون ابداء الأسباب، وبالتالي فان وجود 14 مادة تحدد بعض شروط ومعايير الادراج لا لزوم منه اطلاقا، مادام استخدام المادة 15 ممكنا، بحيث تنسف جميع تلك الشروط والمعايير، كما أنه من غير المنطقي التعامل مع قضايا استراتيجية مثل موضوع الادراج أو عدمه بهذه الطريقة في دولة دستور ومؤسسات، فذلك يفتح الباب على مصراعيه للقرارات المزاجية والكيدية العشوائية أيضاً، على الرغم من توقعنا لاهتمام ادارة السوق في توضيح أسباب عدم قبول بعض طلبات الادراج، واستبعادنا لاستغلال ادارة السوق وجود تلك المادة بشكل ديكتاتوري مطلق».
واضاف «على الرغم من انتقادنا الشديد للقصور الكبير في شروط الادراج وخصوصا بما يتعلق بعدم تحديد نوعية الأرباح وادراج المادة رقم (15) التي تعتبر مصدراً للتأزيم والاستفزاز أيضاً، فاننا نؤيد رفض ادراج شركات ليس لديها عمل حقيقي ونشاط فعلي، كما يجب الا تخضع ادارة السوق الى ضغوط تدعو الى ادراج شركات تشكل خطراً على المتداولين في سوق الكويت للأوراق المالية بصفة خاصة، وعلى الاقتصاد الوطني عموما، وقد نتج عن ضبط عمليات الادراج، اضافة 12 شركة جديدة الى السوق المالي هذا العام، وتتمتع معظمها بعمليات حقيقية وسجل تشغيلي معروف، والتي شكلت قيمة مضافة الى سوق المال، وذلك على خلاف الادراجات السابقة وخاصة عام 2005، والذي تم فيه ادراج 33 شركة، وقد تبين من خلال دراسة دقيقة قمنا بها بأن ما لا يقل عن 50 في المئة من تلك الشركات لا تتسم بنشاط فعلي أو عمل حقيقي، وربما عدم وجود موظفين، حيث كانت مجرد تراخيص لشركات أو محافظ مالية تم تحويلها الى شركات، وهذا ما يريد تكراره البعض الآن، ولا شك بأن أي تساهل في ادراج شركات ليس لها نشاط حقيقي سيفتح المجال لزيادة عدد الشركات المدرجة التي تشكل مخاطرة غير مبررة للمستثمرين في البورصة، حيث ان هناك طابورا طويلا جداً من الشركات الورقية تنتظر دورها للدخول الى البورصة، الا أنه لا بد من التصدي لذلك من خلال وقفة جادة تجاه نوايا الاثراء الكبير والسريع على حساب الغير. واشار «الجمان» الى أن «الأمر يتعدى التأكد من جدية الشركات المتقدمة للادراج، الى ضرورة التعامل بحزم مع الشركات المدرجة حالياً وغير الملتزمة بنشاطها، وهو الأمر الذي قد يتطلب منحها فترة زمنية مناسبة لتعديل أوضاعها بما يتماشى مع الأغراض التي أسست من أجلها، والا استلزم الأمر ايقافها عن التداول، فلا يعقل أن تخسر شركة عقارية، على سبيل المثال، ما يعادل رأسمالها عندما تتراجع البورصة، وتربح ما يعادله أيضاً اذا ما تحسنت». وتابع «من جهة أخرى، فاننا نستغرب عدم قيام المحتجين على موضوع الادراج بعدم ادراج شركاتهم في السوق الموازي، حيث يتوقع قبول معظمها، ان لم نقل جميعها، في ذلك السوق، نظراً للتساهل الكبير في شروط الادراج فيه، حيث ان السوق الموازي لم يبق من حقيقته الا اسمه فقط، فتداول الأسهم به يتم في أوقات تداول السوق الرسمي نفسها، ويطبق عليه أنظمة التداول ذاتها من حيث الوحدات الكمية والسعرية، كما أن السوق الموازي يعتبر قطاعا تاسعا في واقع الأمر، وليس سوقاً موازياً بالمعنى الحقيقي الذي يتطلب اختلافاً ملحوظاً عن السوق الرسمي، وذلك بالنظر الى ارتفاع درجة المخاطرة المرتبطة بالشركات المدرجة فيه».
وشدد «نود في السياق ذاته أن ننوه الى ضرورة ازالة المادة رقم (15) والتي تنص على حق لجنة السوق في رفض ادراج أي شركة في السوق الموازي دون ابداء الأسباب، وذلك كما هي الحال ذاتها في الادراج بالسوق الرسمي. وحتى يكون موقف لجنة السوق قوياً ومنطقياً في معارضتها لادراج شركات ورقية، فان اعادة النظر أمر لا بد منه في شروط الادراج، وخاصة بما يتعلق بالمادة رقم (15) والتي هي من مسببات نشوب النزاع، بالاضافة الى تحديد معايير واضحة لمواصفات الشركات التي تطلب الادراج، من جهة أخرى، وحتى تكون قرارات لجنة السوق مدروسة، فانه لا بد من التفرغ لأعضائها، بالاضافة الى توفير جهاز فني ومهني من المتخصصين لتقديم المعلومات والبيانات الصحيحة والمطلوبة لبناء القرارات عليها، وذلك لتفادي الارتجالية والثغرات في القرارات التي تصدرها، وكذلك التداعيات السلبية لتطبيقها، ولا شك بأن كل ذلك لا يغني عن سن تشريع متكامل لتأسيس هيئة لسوق المال لتنظيم كافة شؤونه، والرقابة على مجرياته، وتطبيق العقوبات المناسبة، وذلك للحد من حالة الفوضى والفلتان الحالية والتي تعتبر بيئة خصبة لاثارة النزاعات والاشكالات غير المبررة والمستمرة.
من جهة أخرى، يجب على الجهات المعنية سواء وزارة التجارة أو سوق المال أو حتى البنك المركزي القيام باجراءات معينة لتفادي أزمات جديدة، حيث يجب الحد من اساءة استغلال المادة التي تتيح للشركات غير الاستثمارية استثمار فوائضها في محافظ أو صناديق مدارة من جانب مؤسسات متخصصة، وذلك كون كثير من الشركات انحرفت عن نشاطها الرئيسي بحجة وجود هذه المادة، حيث تقترض شركات غير استثمارية مبالغ ضخمة وتوظفها في الأسهم على سبيل المثال عن طريق مؤسسات مالية شكلياً، في حين أنه لا دور لتلك المؤسسات الا مجرد تسجيل الاستثمارات باسمها فقط، بينما تدار الاستثمارات من جانب تلك الشركات في حقيقة الأمر، وبذلك تقع الشركات في محظورين رئيسيين، الأول أنها استثمرت أموالا مقترضة وليست فوائض، والثاني عدم قيام مؤسسات متخصصة بادارة فعلية للأموال المستثمرة، كما يجب وضع ضوابط معينة للشركات القابضة نظراً لكونها تعمل في عدة مجالات استثمارية دون رقابة البنك المركزي، بل بدأت بعض الشركات الاستثمارية التحول الى قابضة للتخلص من رقابة البنك المركزي، والتي تعتبر جدية عند مقارنتها برقابة وزارة التجارة أو سوق المال، كما يجب الحد من التداخل في الملكيات ما بين الشركات المدرجة، الأمر الذي يسهل عمليات التلاعب في حركة أسعار الأسهم، وبالتالي التحكم الدقيق في أرقام النتائج النهائية للشركات المعنية.
أما فيما يتعلق بالجدل حول عدد الشركات المشتكية والبالغ 43 شركة، والشركات التي لم تشتك وعددها 150 شركة، فان هذا الجدل غير ذا معنى، حيث ان الفيصل في الموضوع هو مدى جدية الشكوى ومسبباتها المنطقية، فالنظر بها واجب، ولو صدرت من شركة واحدة، فنحن بصدد مواضيع جوهرية، ولسنا بصدد أقلية وأكثرية وتصويت لانتخابات.»