ما نسمعه عن فقهاء ودعاة الفضاء المفتوح أو القنوات يسيء بحق لقدسية ومكانة الفقه والوعظ والعلم الشرعي، كما تعلمناها وقرأنا عنها عبر التاريخ الإسلامي...فمن يقتات على الفقه وترتيل القرآن ويجني الثروات من وراء تعبير الرؤى في المنامات، والرقى، والقراءة على الزيوت، والمياه المعبئة، والفتاوى «المسلوقة» فهو أقرب إلى النفاق منه إلى الإخلاص فهذه المهنة أصبحت أقصر الطرق إلى الثراء.
سمعنا عن شيخ لا يقبل في اللقاء الفضائي الواحد إلا مبلغاً وقدره، وسكناً في أرقى الفنادق، ووسيلة تنقل حديثة، حتى يفتي للناس في مسائل شرعية ودعوية، وآخر لا يقبل في جلسات الرقى الشرعية إلا مبلغاً وقدره، وأجر الساعة عنده يفوق أجر المغني أو المطرب، وآخرون خصصوا مديري أعمال يديرون لهم محاضراتهم الفضائية والخاصة، ومديرو استثمار يستثمرون ما يجنون من ثروات باسم «نشر الدعوة» وتثقيف الناس في أمور دينهم ومجموعة من الفقهاء والشيوخ يطلق عليهم فقهاء النخب والأثرياء، وآخرها بدعة شركات الاتصالات الجديدة لمن يريد فتوى عبر «الإس ام أس» للشيخ الجليل صاحب الفقه الغزير أرسل رسالة تأتيك الفتوى خلال ثوان...
الفساد وباء، بل طاعون أصاب حياة الناس بأكملها، فمثلما طال الفساد عمل الوزارات والإدارات والمسؤولين كذلك الفقهاء، ومن يحملون العلم الشرعي، لم يكونوا بمنأى عن براثن هذا الفساد.
الفقهاء والدعاة الأثرياء الأولى أن نوجه إليهم سؤال البرلمانيين: من أين لك هذا؟ من أين جنيت هذا المال؟ بأي حق وبأي مخرج شرعي تستحل هذا الجني على حساب الدين؟ أحد تلك الأسماء أصبح ثراؤها فاحشاً عن طريق الرقى الشرعية عبر الفضائية التي يمتلكها. جميل أن نرى القنوات الفضائية وسيلة لتثقيف الناس في أمور دينهم، ولكن من غير المقبول استغلال هذه الأسماء الدعوية والفقهية وما يحملونه من علوم للثراء وجني المال، ورسولنا الكريم حذرنا من الأكل بالقرآن والتكسب من ورائه «إقرأوا القرآن ولا تأكلوا به»، والأدلة المحرمة في ذلك ليست للحصر.
(1)
قالوا الفساد قد انتشرْ!
أضحى طِباعاً للبشرْ
في كُلِّ يومٍ نَسْمَعُ
عن مُفسدينَ وَجُشَّعُ
قالوا وزيرٌ مفسدُ
صارَ الفسادُ بلا يدُ
وكلاؤهُ...مُدراؤهُ...عُمَّالُهُ...
هم مُفسدونَ كما الوزيرِ «المفسدُ»
(2)
طالَ الفسادُ فقيهَنا و«الواعظُ»
شيخُ الفضاءِ الباهِظُ
لا يُفتي إلا يَقْبِضُ
وُعَّاظُنا...فُقهاؤُنا صاروا ملوكاً في الفضاءْ
صاروا رموزاً في الثراءْ
الوعظُ ليسَ بلا ثمنْ
والفِقْهُ ليسَ بلا ثمنْ
كم تدفعونَ لمِوعظةْ؟
ساعاتُنا هي باهِظةْ
لا نرضى إلا بالثَّمنْ
والدَّفعُ حالاً لا غداً
ساعاتُنا هي مُلكُنا
ذاك الزَّمانُ الأوَّلُ
الوعْظُ كان بلا ثَمَنْ
كان الفقيهُ تَطَوُّعًا...لا الأجرُ يسأل أو ثَمَنْ
لكننا صارت مواعظُنا تُقَدَّرْ بالثمنْ
كم تدفعونَ فأُوعِظُ؟
كم تدفعونَ لِرُقْيةٍ؟
كم تدفعون لِفَتْوةٍ؟
لا خيرَ فيمن يُوعِظُ ويُساوِمُ
لا خير فيمن للفتاوى يَنْهَمُ
يجني الدّراهِمَ لِلثَّراءِ ويَنْعَمُ