أما الذين احتفوا بالقريش قبل أسبوع فإنهم لم يدركوا التراث، بل ضيعوا أوقاتهم وأخذوا من أوقات دوامهم الشيء الكثير، وكلفوا اخوانهم أكثر مما يحتمل، وأتى الشهر الفضيل وعجت الجمعيات التعاونية والأسواق بصنوف الأطعمة فاقتنصها المقتنصون، ما حدا بضعفاء النفوس زيادة الأسعار وتحداهم الزبائن بكثرة الاقتناص لأنواع المأكولات والمشروبات التي هي أكثر من حاجاتهم، وانتظرنا مدفع الافطار ونظرنا إلى المائدة، فوجدنا أشكالا من الاطعمة وأنواعا من الاغذية، منها الهريس واليريش واللقيمات والتشريب، والتفتنا إلى الطاهين فلم نجد فاطمة ولا بيبي ولا مكية ولا حصة، بل وجدنا كومار وميري وأطفال لا يعرفون لأسماء أطعمة أجدادهم نطقاً سليماً، فأين جهود الأمهات والآباء في تعميق الظواهر الرمضانية الأصيلة.
رحم الله جدتي عندما يهل شهر رمضان فإنها تشدوا «أقبل رمضان بوالقرع والبيديان»، تدلف ليالي الشهر الفضيل وتأتي ليلة النصف من رمضان ويكون القرقيعان ولم تنتبه إلى أحداثه بعض الأسر حتى بهتت معانيه وأديت مظاهره بطريقة فيها الكثير من التكلف، ودعنا ننظر إلى أمرين، أولهما: أطفال صغار يصطحبهم خدمهم يجوبون الفرجان والتحية لأهليهم الذين أبوا إلا ان يفعلوا هذه الظاهرة ويجسدوا مفرداتها ولو بطريقة حديثة، أما الأمر الثاني: فهو دور وزارة التربية عن طريق الاحتفاء بهذه المناسبة بمدارسها على اختلاف بعض مراحلها، فلابد من التفكير في وضع الخطة الملائمة والهدف المناسب لتفعيل هذه الظاهرة بأسلوبها القديم حتى نعطي للأجيال أثراً حقيقياً وواقعياً وصحيحاً من آثار هويتنا المفعمة بكثير من أنواع التراث التي تقف الدنيا أمامها إعجاباً وتقديراً.
ويبقى أن ننشد مع أطفالنا:
«قرقيعان وقرقيعان
بيت قصير بورميضان
عادت عليكم صيام
كل سنة وكل عام»
كاتب كويتي