ولكن هذا الخطاب الديموقراطي الشفاف له جانب قد يغفل عنه المتابع ويجعل المواطن محقاً في لومه للحكومة واتهامها بالتقصير. خطاب سموه للقيادات يعني ضمناً أنهم لم يكونوا يردون على من ينتقدهم إما لأن القيادي غير مهتم لعلمه المسبق بأن الواقع السيئ القائم لن يتغير سواء رد أو سكت، وإما أنه آثر السكوت لأنه قاصر عن الرد ويفتقر الى المبررات والذرائع القانونية والمنطقية التي تسوّغ موقفه. وهنا لا نقصد بأن موقفه على خطأ، ولكن ما نعنيه أنه قاصر عن التبرير حتى مع فرضية صحة التصرف أو الفعل.
لو نظرت الى السكوت على أنه عدم اهتمام ولا مبالاة أو افتقار الى الحجج والذرائع فالمعنى واحد. فمن يتخاذل عن الرد على خصومه من النقاّد يعني مباشرة «انعدام الكفاءة» (أو معنىً قريباً) إما بتهمة اللامبالاة بهموم الناس وإما بتهمة الخوف من المواجهة، والتهمتان تعنيان إسناد مهمة القيادة إلى غير أهلها.
واضح أن الإصلاح هو شغل سموه الشاغل منذ أن تقلد منصب رئاسة الوزراء، ولكن يظل الواقع بعيداً عن الآمال والطموح. فما نشرته «القبس» قبل أيام عن تزايد مستوى الفساد في العام 2007 ما هو إلا مؤشر على التراجع ونُذُر الشر. صحيح أن الحكومات المتعاقبة في عهد سموه تبدلت ثلاث مرات منذ مجيئه، الا أنها مازالت قاصرة عن وضع مسيرة الإصلاح الحقيقة في مسلكها الصحيح.
قد يكون أبرز ما في المشكلة هو المعيار المستخدم في اختيار من يأتي على قمة الهرم. ومع أن الأمثلة كثيرة على فشل هذا الأسلوب، إلا أنها تتكرر وتمارسها السلطة وتمارسها القوى السياسية على حد سواء. ولكن وكما أن المشكلة هناك، كذلك المشكلة يتحملها القياديون في الإدارات الحكومية ممن هم في أسفل الهرم. وإن كان الوزراء يُستبدلون بانتظام وبمعدل مرة كل عام، فإن العينات السيئة في أسفل الهرم يتربعون على عروشهم ما دام الدهر!
من هنا نعيد التأكيد على أن الدولة بحاجة إلى رجالات لهم نظرة استراتيجية وأصحاب نوايا ومواقف إصلاحية جادة. فحديث سموه للقياديين وإعطاؤهم توجيهاته بالشفافية وجرأة الرد تعني أنهم أُناس قاصرون حتى على هذا المستوى من العمل، وأنهم ينتظرون أوامر من القيادة العليا لأمور بدهية كالرد والتوضيح. بعد هذا، هل تلومون الشعب الكويتي إذا ما خاب ظنه فيكم وتغلغل إليه اليأس؟
كاتب كويتي