الثلاثة أيام الماضية، قضيتها في جوّ تربوي بحت، بعدما تلقيت دعوة من مجموعة موظفات في إحدى المدارس لرؤية حالة المدرسة التي يعملن بها... استقبلنني وأدخلنني مكتبهن، فإذا بالمنظر المضحك المبكي: خمسة مكاتب في غرفة واحدة لا تتجاوز مساحتها الثلاثة أمتار في ثلاثة أمتار! ولا يمكن أن تتحرك أي موظفة من دون أن تصطدم بالأخرى، والمصيبة أن إحداهن حامل.
أمانة، أنا لا أعرف متى ستتطور مستشفياتنا، ومدارسنا، بل حتى مباني الوزارات نفسها (زوروا مبنى وزارة المواصلات لتتأكدوا، لكن لا تنسوا التبرع بما تجود به أنفسكم في هذا الشهر الفضيل)... يعني، ما الذي يمنع من أن تكون إدارات المدارس في مبان حديثة من أربعة أدوار مثلا، مزودة بأصانصيرات، وتكون مكاتب موظفي الإدارة فيها واسعة، شرحة، تخلق أجواء الإبداع، ويخصص لكل جناح فرّاش أو فراشة على الأقل، بدلا من تخصيص فراشة واحدة كما هو الحال الآن، لا تعرف «من طقاقها»؟ ما الذي يمنع من أن تكون كل منطقة تعليمية مرتبطة كمبيوتريا بمدارسها من جهة، وبالوزارة من الجهة الأخرى، بدلا من الطريقة الغبية الحالية، التي تعتمد على الملفات السوداء، ومنديل العرق الذي يوضع خلف الرقبة، وكتابنا وكتابكم؟ ما الذي يمنع من أن تحوي كل مدرسة قاعة فخمة لاستقبال أولياء الأمور، فيها أنواع العصائر والمكسرات؟ ما الذي يمنع من ألا يتعدى عدد التلاميذ في الفصل الواحد الخمسة عشر تلميذا بدلا من الخمسة والعشرين، وتزود الفصول والمراسم والمختبرات بشاشات بلازما تبث مواد تعليمية للتلاميذ، بحسب المنهج؟ ما الذي يمنع من أن تبنى فصول من الأسمنت، مزودة بتكييف مركزي، بدلا من الفصول الخشبية، وكأننا في إحدى قرى تنزانيا النائية؟... تساؤلات لن تنتهي، لو واصلت طرحها، فلن أتوقف قبل أذان العيد.
عموما، أصبحت عندي قناعة بأن كل وزير يشح على وزارته، أو لا يهتم ولا «يداحر» لإقرار ميزانيات لتطويرها، إنما يريد توفير الميزانية ليسرقها! واحد زائد واحد يساوي اثنين! والكلام هذا عن الوزراء كلهم وليس عن وزيرة التربية وحدها! وقناعة أخرى تقول: في الكويت، لا ينقصنا، سوى المرجلة! افتحوا الخزائن وطوروا البنية التحتية للبلد... يمال الفقر.
***
لا نزال في الجو التربوي... إذ تلقيت اتصالا من مدير المخازن والتوريدات السابق جلال الهاملي، الذي نقلته الوزيرة إلى منصب مدير الشؤون الإدارية في إحدى المناطق التعليمية بعد «الصورة الكارثة» التي نشرتها جريدة «الراي» قبل فترة، فانتشرت بين الناس انتشار النار في الهشيم، وأصبحت حديث الدواوين والقوى السياسية والمنتديات الاليكترونية. أقول اتصل السيد الهاملي، وتحدث عن الموضوع وشرح وجهة نظره، مبررا تأخير تأثيث المدرسة تلك بأنه ومنذ شهر مارس الماضي، أرسل الكتاب تلو الكتاب لرؤسائه لمعرفة المدارس التي تعاني النقص، قبل أن «يداهمنا الوقت»... وأضاف الهاملي بأنهم تركوه إلى أن تداركه الوقت، ثم طلبوا منه تأثيث عدد هائل من المدارس في وقت ضيق! أسهب الهاملي في شرحه، وكيف أنه من ضمن الفريق غير المحسوب على الوزيرة، ولهذا تعمدت الإضرار به! قلت له باختصار: لو كنت أنا مكانها لأحلتك للجنة تحقيق، مباشرة، لكنها تخاف على كرسيها، كما يبدو! أمر واحد من أمرين: إما أن أحملك المسؤولية فأحيلك للجنة تحقيق لتكون عبرة لسبعة آلاف مدير خلفك، أو أن أبرئ ساحتك. أما الاكتفاء بنقل المخطئ من منصبه إلى منصب آخر، فيسمى في علم الإدارة... بربسة بأجنحة مطاطة تمنع التسرب.
لكن هذا كوم، وتصريح «المصدر المسؤول» أو بالأحرى «المصدر المسلول» (المصاب بسلاّل الخوف من المواجهة) بأن «التكتل الشعبي» يسعى لخلط الأوراق في هجومه على نورية الصبيح! المصدر المسلول ذاك تناسى تصريحات «حدس» من خلال جمال الكندري الذي يهدد الصبيح يوميا مع اشراقة كل صباح، وزميله الحربش الذي يهددها «يوم وترك» ثلاث مرات بعد الإفطار، وخضير العنزي الذي يهددها كل أسبوع مرة، وتناسى تهديدات أربعة من أعضاء الكتلة الإسلامية الجديدة، بدأها منسقها عبد الله عكاش، وأكملها زملاؤه سعد الشريع وخالد العدوة وحسين مزيد، بخلاف تهديدات النواب الآخرين... المصدر المسلول نسي هؤلاء كلهم، واتهم «الشعبي» فقط بأنه يسعى لخلط الأوراق! وإن كنت أختلف مع الشعبي في موقفهم هذا من الوزيرة، إلا أن ذلك لا يمنعني من القول للمصدر المسؤول: «عليّ النعمة إنك رعديد... هابي بيرث دي تو يو».
***
تلقيت اتصالا من مدير عام الإطفاء اللواء جاسم المنصوري، أوضح لي فيه بأن أعلى سلم إطفاء في العالم لا يتجاوز طوله المئة متر (بارتفاع 28 طابقا)، ولا يوجد سوى عند فنلندا فقط، وأن هذه النوعية من السلالم ستصل إلى الكويت في شهر ابريل المقبل (بحسب الدور)... السيد المنصوري تحدث بإسهاب عن إنجازات الإطفاء وغير ذلك، وكنت أختلف وأتناقش معه في بعض النقاط، وأتفق معه في أخرى، إلى أن قال: «أنا لا أبحث عن التلميع، ولم أتصل بك لأبرر موقفي، فنحن لم نخطئ، لكن لماذا لم تشكر رجال الإطفاء الذين بذلوا جهودا جبارة لحماية المباني المجاورة في هذا الحريق، وغيره من الحرائق، من باب الشد على يد المحسن»؟ بالفعل، كلامه صح، والله صح... لذلك نصلح الغلطة ونطبع القبلات على رؤوس أولئك الأبطال... شكرا، لكم أولا، ولمديركم العام ثانيا.
***
اتصالات أخرى تلقيتها، سأتحدث عنها في مقالات مقبلة، كان أهمها اتصالا من بعض موظفي إحدى الوزارات، أبلغوني خلاله عن تجاوزات في أحد العقود، تم بموجبه، على سبيل المثال، شراء «لمبات» (العادية أم مئة شمعة) بمبلغ تسعة دنانير للمبة الواحدة... وهذا بلاء أبوك يا عقاب.
Alwashi[email protected]