قبل سنة... بعد انتظار طويل، دخلت على طبيبة في المجلس الطبي بالضاحية، من اجل انهاء معاملة... اتجهت اليها محترما نفسي حاملا أوراقي، رافعا هامتي، ووقفت على رأسها... الطبيبة التي يبدو أن الإيمان كان نازل عليها في ذلك الوقت، لم تحرك حتى عينيها باتجاهي، لانها كانت مشغولة بقراءة القرآن...
أردت أن أقول لها بأن الحكومة تعاقدت معها، وأحضرتها من ديرتها، وتدفع لها معاشها، من أجل أن تعالج الناس وتعمل طبيبة، وليست مقرئة... ولكن كان لدي حاجة عندها، وخفت أن اعترض فأتهم بأني من كفار قريش... فانتظرت حتى انتهت، ثم رمقتني نظرة وكأني قتلت بعلها... أخذت الاوراق وختمتهم... وخرجت داعيا لها بالهداية...
***
قبل أسبوعين... دخلت الى أحد مراكز خدمة المواطن، كان الوضع مأسويا ، فالكمبيوترات عطلانة كالعادة، والناس واقفة لاتعرف ماذا تفعل، وفي نفس الوقت كان صوت القرآن يصدح في أرجاء المركز، حتى تصورت ووفقا للحالة المأسوية والوجوم على وجوه الناس إنني داخل الى مجلس عزاء وليس مركز خدمة... فالاصوات تتعالى والصراخ يرتفع والقران يصدح دون ان يكون له مستمع. أردت ان أنصح مسؤول المركز، أن يمشي معاملات الناس، فهي أقرب للتقوى، وأوجب من أن يضع شريطا للقران دون ان يكون له منصت، ولكني خفت أن اتهم بالزندقة، وأصلب على باب المركز...
***
قبل يوم... بينما كنت أقود سيارتي ودخلت الدوار، لفت علي سيارة حمراء... أزاحتني عن الطريق، ولولا حفظ الله لتحولت أنا وسيارتي، الى نصب تذكاري في وسط الدوار، ويكتب تحت النصب «هنا سقط جعفر شهيد الدوار»!
لماذا لف علي الأخ صاحب السيارة الحمراء..؟ فلا بيني وبينه عداوة، ولا كان مشغولا بموبايله، بل لأنه كان يقرأ القرآن..! وشخصيا لم أسمع بفتوى استحباب قراءة القرآن في الدوار، ولم أكن أعرف بأنه على الفرد أن يختم القرآن في رمضان، حتى لو أدى ذلك إلى ختم حياة إنسان أو اسرة كاملة..!
***
سعادة مشايخنا الذين تفتون في كل شي، هل من الممكن إصدار فتوى صغيرة تحرم قراءة القرآن والفرد يقود سيارته - الحمراء - ويلف الدوار!