سورة الملك والوقاية من عذاب القبر (2/2)
1 يناير 1970
05:35 م
| جادالله فرحات * |
وأما الأسباب المنجية من عذاب القبر:
فإن الأسباب المنجية من عذاب القبر من وجهين: مجمل ومفصل
اما المجمل فهو:
تجنب الأسباب التي تقتضي عذاب القبر ومن انفع أسباب تجنب عذاب القبر: ان يجلس الإنسان عندما يريد النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه، ثم يجدد له توبة نصوحا بينه وبين الله، فينام على تلك التوبة، ويعزم على ألا يعاود الذنب اذا استيقظ استيقظ ويفعل هذا كل ليلة، فإن مات من ليلته مات على توبة، وان استيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخير اجله حتى يستقبل ربه، ويستدرك ما فاته، وليس للعبد انفع من هذه النومة، ولا سيما اذا عقب ذلك بذكر الله واستعمال السنن التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند النوم، حتى يغلبه النوم، فمن اراد الله به خيرا وفقه لذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
واما الجواب المفصل: فنذكر احاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ينجي من عذاب القبر:
فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وان مات اجري عليه عمله الذي كان يعمل، واجري عليه رزقه، وامن الفتان».
ومعنى الرباط: الاقامة بالثغر مقويا للمسلمين على الكفار، والثغر: كل مكان يخيف اهله العدو ويخيفهم، والرباط فضله عظيم واجره كبير، وافضله ما كان في اشد الثغور خوفا.
ومما ينجي من عذاب القبر ما دل عليه ما رواه النسائي عن رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان رجلا قال: ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: «كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة».
ومما جاء فيما ينجي من عذاب القبر: ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «من يقتله بطنه فلن يعذب في قبره» رواه الترمذي وهذا يحمل ما اصيب بداء البطن ان يصبر ولا يجزع ويحتسب الاجر عند الله وان يحتسبه اهله كذلك.
ومما جاء فيما ينجي من عذاب القبر: ما رواه الإمام احمد وغيره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يموت يوم الجمعة او ليلة الجمعة، إلا وقاه الله تعالى فتنة القبر» وهذا محض فضل الله وتوفيقه لحسن الخاتمة.
ومما يستأنس به في هذا الباب: ما رواه ابن حبان في صحيحه وغيره عن ابي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ان الميت اذا وضع في قبره، انه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن شماله، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والاحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قبل رأسه، فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه، فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يساره، فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتى من قبل رجليه، فتقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والاحسان الى الناس: ما قبلي مدخل.
فيقال له: اجلس، فجلس، وقد مثلت له الشمس وقد ادنيت للغروب، فيقال له: ارأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه؟ وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: دعوني حتى اصلي، فيقولون: انك ستفعل. اخبرنا عما نسألك عنه، ارأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم، ما تقول فيه؟ وماذا تشهد عليه؟ قال: فيقول: محمد، اشهد انه رسول الله وانه جاء بالحق من عند الله، فيقال له: على ذلك حييت، وعلى ذلك مت، وعلى ذلك تبعث ان شاء الله، ثم يفتح له باب من ابواب الجنة، فيقال له: هذا مقعدك منها، وما اعد الله لك فيها، فيزداد غبطة وسرورا، ثم يفتح له باب من ابواب النار، فيقال له: هذا مقعدك منها، وما اعد الله لك فيها لو عصيته، فيزداد غبطة وسرورا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا، وينور له فيه، ويعاد الجسد لما بدأ منه، فتجعل نسمته في النسم الطيب وهي طير يعلق في شجر الجنة، قال: فذلك قوله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) 27 سورة ابراهيم، ثم ذكر تمام الحديث.
وقد دل على ذلك ان تلك الاعمال من الصلاة والزكاة والصيام وفعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والاحسان إلى الناس من اسباب النجاة من عذاب القبر وكربه وفتنه. والجامع في ذلك تحقيق التقوى لله تعالى كما قال سبحانه: (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) 13 سورة الاحقاف
ولعل اهم الأسباب واسهلها في الوقاية من عذاب القبر هي قراءة سورة الملك وهي من السور التي تستحب قراءتها في كل ليلة، لكونها من اسباب النجاة من عذاب القبر، وهي شافعة لصاحبها من النار حتى يغفر الله له.
فعن ابي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ان سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي سورة (تبارك الذي بيده الملك).
ويروى عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، قال: ضرب بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر، وهو لا يحسب انه قبر، فإذا فيه انسان يقرأ سورة (تبارك الذي بيده الملك) حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله اني ضربت خبائي على قبر وانا لا احسب انه قبر، فإذا فيه انسان يقرأ سورة (تبارك الذي بيده الملك) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر).
وعن انس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سورة من القرآن ما هي إلا ثلاثون آية، خاصمت عن صاحبها حتى ادخلته الجنة، وهي سورة تبارك).
وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سورة الملك هي المانعة، تمنع من عذاب القبر).
وعنه رضي الله عنه قال: سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر، قال: فإذا كان الرجل يقرأ سورة الملك كل ليلة، فأدخل قبره، فجاءته ملائكة العذاب في قبره، فيبدأ برجليه، فتقول رجلاه: انه ليس لكم على ما قبلي سبيل، انه كان يقرأ على سورة الملك، قال: فيؤتى من قبل رأسه، فيقول لسانه: انه ليس لكم علي ما قبلي سبيل، انه كان يقرأ بي سورة الملك، ومن قرأها في كل ليلة فقد اكثر واطيب، وهي في التوراة مكتوبة: هذه سورة الملك.
ونوصي الاخوة والاخوات والابناء بحفظ هذه السورة فإن الانسان اذا حفظ آية واحدة في اليوم ففي خلال شهر واحد يكون قد حفظهم بفضل الله تعالى.
* إمام وخطيب