يختلف تاريخه وأسلوب الاحتفال به من دولة إلى أخرى
«عيد الأم»... نبع من علل وأمراض في المجتمعات الغربية والبعض لجأ إليه كعلاج لقصور كبير في العلاقات الأسرية
1 يناير 1970
11:07 ص
| كتب عبدالله متولي |
لا أظن انه وجد على وجه الأرض منذ بدء الخليقة نظام اجتماعي او فكر وضعي او حتى دين سماوي كرم المرأة بشكل عام والأم بشكل خاص - وخاص جدا - مثلما فعل الدين الإسلامي الحنيف الذي جعل العناية بالأم ورعايتها وبرها دستورا يجب اتباعه والالتزام به، بل ولا تجوز مخالفته لأن ذلك سيكون له عواقب وخيمة على الإنسان في الدنيا والآخرة، بل زاد على ذلك بأن ارتبط رضا الله سبحانه وتعالى برضا الوالدين وبرهما، وقد حرصت الشريعة الاسلامية على تكريم الأم وبرها وتعظيمها والاحسان اليها والسمع لها في المعروف في كل وقت، بل قد شرع الله للمسلمين بر الوالدين وتكريمهما والاحسان اليهما وصلة جميع القرابة وحذرهم من العقوق والقطيعة وخص الأم بمزيد من العناية والبر لأن عنايتها بالولد اكبر وما ينالها من المشقة في حمله وارضاعه وتربيته اكثر، قال سبحانه وتعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا اياه وبالوالدين إحسانا» الاسراء 23، وقال تعالى: «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين ان اشكر لي ولوالديك الي المصير» وقال تعالى: «فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم واعمى ابصارهم».
وفي السنة النبوية المطهرة احاديث كثيرة في هذا الخصوص فعن ابي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من احق الناس بحسن صحابتي؟ قال: امك، قال: ثم من؟ قال: ثم امك، قال: ثم من؟ قال: ثم امك، قال: ثم من؟ قال: ثم ابوك» رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ ابن حجر: قال ابن بطال: مقتضاه ان يكون للأم ثلاثة امثال ما للأب من البر، قال: وكان ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع فهذه تتفرد بها الأم وتشقى بها ثم تشارك الأب في التربية، وقد وقعت الاشارة إلى ذلك في قوله تعالى: «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين» فسوى بينهما في الوصاية، وخص الأم بالأمور الثلاثة.
قال القرطبي: المراد ان الأم تستحق على الولد الحظ الاوفر من البر، وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة، وقال عياض: وذهب الجمهور إلى ان الأم تفضل في البر على الأب، وقيل يكون برهما سواء.
وحتى الأم المشركة فإن الشرع الحكيم رغب بوصلها، فعن اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت علي امي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: قدمت علي امي وهي راغبة افأصل امي؟ قال: نعم صلي امك، رواه البخاري.
فهل بعد هذا التكريم وهذا القدر من العناية والرعاية والاهتمام والتعظيم الذي اولته الشريعة الإسلامية للأم، نحتاج إلى ان نخصص يوما لتكريمها وصلتها حتى وان قاطعناها طوال العام؟
هل من المنطق والعدل ان نختزل الأم وما لها من فضل ومكانة في يوم واحد من ايام السنة؟
وهل من المعقول ان يكون تعبيرنا عن حبنا وبرنا وتعظيمنا لأمهاتنا مجرد هدية رمزية حتى وان كانت تحمل معنى جميلا، او تعبر عن الاعتراف بالجميل؟
ثم لماذا نخالف الشرع الإسلامي الحنيف الذي اكرم منزلة الأم واعلى شأنها وألزمنا برها ونذهب إلى تقليد اعمى واتباع بلا وعي لأناس لا تكاد تجد في مجتمعاتهم اسرة متكاملة يصل افرادها بعضهم بعضا، وعندما يصير الأب او الأم في حالة الكبر يسارع البار بهما إلى وضعهما في دور العجزة والمسنين؟!
يا له من تناقض غريب وعجيب، لكننا للأسف الشديد دائما نترك الاصل المتمثل في شرعنا الحنيف الذي ارتضاه لنا خالقنا جل وعلا وفيه صالحنا ونتمسك بما يرد الينا من بدع ومحدثات يخصصون لها اياما بعينها ويحتفلون فيها بشيء يرغبون في تذكير المجتمع به، لأنهم يشعرون بأهميته، او لأنهم يشعرون بإهمال في حق شخص او فئة اجتماعية فيبحثون عن مناسبة لتذكير المجتمع بها، وهذا هو المنطلق والاساس لفكرة الاعياد والايام التي كثر تخصيصها في الغرب، مثل: يوم المرأة، ويوم الطفل، ويوم عيد الأم، وعيد العمال... الخ.
وهم - اي الغرب - لا ينطلقون فيما يبتدعون من دين او شرع، وانما يخترعون هذه الاعياد بمحض اهوائهم ونظرتهم وحاجتهم الاجتماعية، فعيد العمال نابع من رغبتهم في مراعاة لحقوق العمال وانصافهم، وعيد المرأة لأنهم يرونها مسلوبة الحقوق مظلومة في مجتمعاتهم، ويوم الطفل لأنه يتعرض في الغرب لأمراض اجتماعية كثيرة. وعيد الأم
كذلك نبع من علل وأمراض في مجتمعات ليس لديها شرع صحيح تقوم عليه كما في الإسلام، ففي المجتمعات الغربية قصور كبير في علاقاتهم الاجتماعية، لا سيما علاقة الابناء بالامهات ولعلاج هذا القصور ابتدعوا عيدا يعالجون فيه تقصيرهم وإهمالهم وعقوقهم، في يوم واحد في السنة، ولتذهب الامهات بعده إلى دار المسنين او غيرها وهكذا ظهرت هذه البدعة لتلبي تلك الرغبة المحدودة.
ومن هنا نجد الاحتفال بيوم عيد الام يختلف تاريخه من دولة إلى اخرى وكذلك اسلوب الاحتفال به، فالنرويج تقيمه يوم الأحد الثاني من فبراير، اما في الارجنتين فهو يوم الاحد الثاني من اكتوبر وفي لبنان يكون اليوم الاول من فصل الربيع، وجنوب افريقيا تحتفل به يوم الاحد الاول من مايو، اما في فرنسا فيكون الاحتفال اكثر بالعيد كعيد للاسرة في يوم الاحد الاخير من مايو حيث يجتمع افراد الاسرة للعشاء معا ثم تقدم «كيكة» للأم.
والسويد ايضا عندها عطلة عيد الاسرة في الاحد الاخير من مايو وقبلها بأيام يقوم الصليب الاحمر السويدي ببيع وردات صغيرة من البلاستيك تقدم حصيلتها للأمهات اللاتي يكن في عطلة لرعاية اطفالهن. وفي اليابان يكون الاحتفال في يوم الأحد الثاني من مايو مثل اميركا الشمالية وفيه يتم عرض صور رسمها اطفال بين السادسة والرابعة عشرة من عمرهم وتدخل ضمن معرض متجول يحمل اسم «امي» ويتم نقله كل اربع سنوات يتجول المعرض في عديد من الدول.
نبذة تاريخية
يزعم بعض المؤرخين ان عيد الام كان قد بدأ عند الاغريق في احتفالات عيد الربيع، وكانت هذه الاحتفالات مهداة إلى الإله الأم «ريا» زوجة «كرونس» الإله الأب، وفي روما القديمة كان هناك احتفال مشابه لهذه الاحتفالات كان لعبادة او تبجيل «سبيل» ام اخرى للآلهة. وقد بدأت الاخيرة نحو 250 سنة قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وهذه الاحتفالات الدينية عند الرومان كانت تسمى «هيلاريا» وتستمر لثلاثة ايام من 15 إلى 18 مارس.
الأحد في انكلترا:
وهو يوم شبيه باحتفالات عيد الأم الحالية، ولكنه كان يسمى احد الامهات او احد نصف الصوم، لأنه كان يقام في فترة الصوم الكبير عندهم، والبعض يقول ان الاحتفالات التي كانت تقام لعبادة وتكريم «سيبل» الرومانية بدلت من قبل الكنيسة باحتفالات لتوقير وتبجيل مريم عليها السلام، وهذه العادة بدأت بحث الافراد على زيارة الكنيسة التابعين لها والكنيسة الأم محملين بالقرابين وفي العام 1600 بدأ الشباب والشابات ذوو الحرف البسيطة والخادمون في زيارة امهاتهم في «احد الامهات» محملين بالهدايا والمأكولات، هذا عن انكلترا اما عن الولايات المتحدة الاميركية فكانت هناك قصة اخرى.
انا. م. جارفس: 1864 - 1948 الولايات المتحدة الأميركية:
هي صاحبة فكرة ومشروع جعل يوم عيد الام اجازة رسمية في الولايات المتحدة، فهي لم تتزوج قط وكانت شديدة الارتباط بوالدتها، وكانت ابنة للدير، وتدرس في مدرسة الأحد التابعة للكنيسة النظامية «اندرو» في جرافتون غرب فرجينيا وبعد موت والدتها بسنتين بدأت حملة واسعة النطاق شملت رجال الاعمال والوزراء ورجال الكونغرس، لإعلان يوم عيد الأم عطلة رسمية في البلاد، وكان لديها شعور ان الاطفال لا يقدرون ما تفعله الامهات خلال حياتهن، وكانت تأمل ان يزيد هذا اليوم من إحساس الأطفال والأبناء بالأمهات والآباء، وتقوي الروابط العائلية المفقودة.
البداية:
قامت الكنيسة بتكريم الآنسة آنا جارفس في جرافتون غرب فرجينيا وفلادلفيا وبنسلفانيا في العاشر من مايو 1908، وكانت هذه بداية الاحتفال بعيد الام في الولايات المتحدة.
وكان القرنفل من ورود والدتها المفضلة وخصوصا الابيض لأنه يعبر عن الطيبة والنقاء والتحمل والذي يتميز به حب الأم، ومع مرور الوقت اصبح القرنفل الاحمر اشارة إلى ان الام على قيد الحياة والابيض ان الام رحلت عن الحياة.
واول اعلان رسمي عن عيد الأم في الولايات المتحدة كان غرب فرجينيا ولاية اوكلاهوما سنة 1910، ومع العام 1911 كانت كل الولايات المتحدة قد احتفلت بهذا اليوم، ومع هذا الوقت كانت الاحتفالات قد دخلت كلا من المكسيك وكندا، والصين واليابان، واميركا اللاتينية وافريقيا ثم وافق الكونغرس الاميركي رسميا على الإعلان عن الاحتفال بيوم الأم وذلك في العاشر من مايو سنة 1913 وقد اختير يوم الأحد الاول من شهر مايو للاحتفال بعيد الأم.
عيد الأم العربي:
بدأت فكرة الاحتفال بعيد الام العربي في مصر على يد الاخوين «مصطفى وعلي امين» مؤسسي دار اخبار اليوم الصحافية، فقد وردت إلى علي امين ذاته رسالة من أم تشكو له جفاء اولادها وسوء معاملتهم لها، وتتألم من نكرانهم للجميل وتصادف ان زارت احدى الامهات مصطفى امين في مكتبه، وحكت له قصتها التي تتلخص في انها ترملت واولادها صغار فلم تتزوج واوقفت حياتها على اولادها تقوم بدور الاب والأم وظلت ترعى اولادها بكل طاقتها حتى تخرجوا في الجامعة وتزوجوا واستقل كل منهم بحياته ولم يعودوا يزورونها إلا على فترات متباعدة للغاية فكتب مصطفى امين وعلي امين في عمودهما الشهيرين «فكرة» يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة تذكرة بفضلها واشارا إلى ان الغرب يفعلون ذلك والى ان الاسلام يحض على الاهتمام بالأم فانهالت الخطابات عليهما تشجع الفكرة واقترح البعض ان يخصص اسبوع للأم وليس مجرد يوم واحد ورفض آخرون الفكرة بحجة ان كل ايام السنة للأم وليس يوما واحدا فقط لكن اغلبية القراء وافقوا على فكرة تخصيص يوم واحد وشارك القراء في اختيار يوم 21 مارس ليكون عيدا للأم وهو اول ايام فصل الربيع ليكون رمزا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة واحتفلت مصر بأول عيد ام في 21 مارس سنة 1956، ومن مصر خرجت الفكرة إلى البلاد العربية الاخرى، وقد اقترح البعض في وقت من الاوقات تسمية عيد الأم بعيد الاسرة ليكون تكريما للأب ايضا لكن هذه الفكرة لم تلق قبولا كبيرا، واعتبر الناس ذلك انتقاصا من حق الأم، او ان اصحاب فكرة عيد الاسرة يستكثرون على الأم يوما يخصص لها وحتى الآن تحتفل البلاد العربية بهذا اليوم من خلال اجهزة الاعلام المختلفة ويتم تكريم الامهات المثاليات اللواتي عشن قصص كفاح عظيمة من اجل ابنائهن في كل صعيد. قد يستنكر بعض الناس وصف الاحتفال بعيد الأم بالبدعة، وذلك لأنهم لا يعرفون اسباب هذا الوصف وقد بين اهل العلم اسباب وصفه بالبدعة وادلة عدم جواز الاحتفال به:
اولا: ليس هناك دليل على تخصيص الأم باحتفال، لأنها قامت بتربية اولادها وتعبت في تنشئتهم ولو كان هذا حقا لما تركه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولبينه للناس، كيف وهو الذي عرفنا قدر الام ومنزلتها وحقوقها.
ثانيا: ليس هناك دليل على تخصيص يوم محدد بعينه لهذا الاحتفال، فالاسلام وصى بتكريم الأم، ورفع من قدرها ومكانتها، ونبه على حقوقها، ومع ذلك لم يأمر بتخصيص يوم معين لتكريمها والاحتفال بها.
ثالثا: ليس هناك دليل على تخصيص 21 مارس او غيره من الأيام من كل عام للاحتفال بهذا اليوم، انما هو محض اهواء لا اساس لها في الشرع.
رابعا: ان في الاحتفال بهذا اليوم موافقة لاحتفال المجوس وغيرهم بعيد النيروز وهو عيد وثني يحتفلون به في 21 من شهر مارس الشمسي وهو بدء فصل الربيع.
خامسا: ان تعظيم هذا اليوم تحول إلى عقيدة تربت عليها اجيال حتى رأوها من واجبات البر بالأم وهذا من النتائج التي ينهى عن البدع من اجلها والمتأمل في واقع كثير من مجتمعات المسلمين اليوم يجد هذا الامر واضحا، فمن جهة الابناء من لم يشارك في الاحتفال بتقديم هدية ونحو ذلك نظر اليه بعين التقصير وشعر بالذنب والاثم واعتقد كثير من الامهات بوجوب تكريمهن في هذا اليوم، حتى صار كثير منهن يحزن اذا لم يقدم لهن الابناء الهدايا او ما يعبر عن الاحتفال بهذا اليوم وقد يتسبب ذلك في حدوث بعض الاعراض والغضب من احداهن على من لم يحتفل من ابنائها بها في هذا اليوم، وهذا من اخطر فتن الاحتفال بهذا اليوم ومخاطره، حيث تحولت العادة إلى عبادة، وشعر الناس بالاثم في تركها، والحرج في إهمالها.
سادسا: ان في الاحتفال به موافقة لغير المسلمين في اعيادهم، وهذا ما يخالف مقصود الشرع، حيث شرعت لنا في الاسلام كثير من العبادات على وجه وكيفية قصد بها من ضمن ما قصد مخالفة الكفار، والبعد عن التشبه بهم، وموافقتهم، سواء في الوقت، او في المكان، او في المناسبة، او في الكيفية او في الجهة.
سابعا: انه عيد ليس له اصل في شرعنا ولا في شرعهم، ولا نزل به امر في كتاب من كتب الانبياء - عليهم السلام - بل لم يؤثر عن احد في كتاب لا في الصحيح ولا في الضعيف من الاحاديث والروايات.
عيد الألم!
هو بالفعل عيد للألم وليس عيدا للأم عند شرائح كبيرة من الناس، لأن الذي يحدث في هذا اليوم هو إيلام لقطاع كبير جدا من فاقدي الأم او محرومي الإنجاب.
وللأسف الشديد فنحن جميعا نشارك في زيادة وتيرة هذا الالم وارتفاع حدتها وان كان بغير قصد منا لكن هذا لا يعفينا من المسؤولية في ايلام الآخرين فحين تركز وسائل الاعلام المختلفة وعلى مدار ايام او قل اسابيع، تركز على الاحتفال بالأم والحث على تقديم الهدايا لها في عيدها، وتلقى القصائد الشعرية، وتذاع الاغاني التي تتكلم عن الأم وافضالها وتشمر المحال التجارية عن سواعدها لتجهيز الهدايا وبطاقات المعايدة والورود التي تقدم في هذه المناسبة وتصدح ليل نهار، فتشتعل الحسرة والحزن في نفس كل يتيم فقد امه وفي نفس كل امرأة حرمت نعمة الانجاب.
هل من فطرتنا واخلاقنا وقيمنا ان نزيد الحزين حزنا، والكسير انكسارا، والمتألم ألما...؟ ألسنا بذلك نكون قد ساهمنا بشكل كبير يوم احتفالنا بعيد الأم في ايلام الآخرين؟ هل يمكن ان تتساوى لحظة ألم ولو عابرة او دمعة تنساب من عين امرأة لم تنعم بالأمومة، او في عين صغير او كبير فقد امه، هل يمكن ان تتساوى هذه المشاعر مع لحظة سعادة أم بتهنئة من ابنائها، او فرح بهدية، لا والله لا يمكن ان تتساوى ابدا فالفرق بينهما كبير.
صحيح كلها مشاعر وانفعالات نفسية لكن شتان بين السعادة والحزن والفرح والألم.
أفلا نرحم من فقد امه ومن حرمت امومتها ونخفف عنهم بعض ما يعانون؟ أم نظل نسعى سعيا محموما لإتعاسهم وجعلهم يتألمون ويبكون بطعن قلوبهم الجريحة والضغط على مشاعرهم الحزينة؟
فتاوى أهل العلم
الإسلام غني عما ابتدعه الآخرون سواء عيد الأم او غيره وفي تشريعاته من البر بالامهات ما يغني عن عيد الام المبتدع وفي هذا الخصوص هناك فتاوى كثيرة لأهل العلم نعرض لبعض منها:
-1 قال علماء اللجنة الدائمة للافتاء في الفتوى 3/86 بشأن حكم الاحتفال بما يسمى عيد الأم:
لا يجوز الاحتفال بما يسمى «عيد الأم» ولا نحوه من الاعياد المبتدعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» وليس الاحتفال بعيد الام من عمله صلى الله عليه وسلم ولا من عمل اصحابه رضي الله عنهم ولا من عمل سلف الامة، وانما هو بدعة وتشبه بالكفار.
-2 وقال الشيخ صالح الفوزان: ومن الأمور التي يجرى تقليد الكفار فيها: تقليدهم في امور العبادات، كتقليدهم في الامور الشركية من البناء على القبور، وتشييد المشاهد عليها والغلو فيها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد» واخبر انهم اذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجدا، وصوروا فيه الصور، وانهم شرار الخلق، وقد وقع في هذه الادلة من الشرك الاكبر بسبب الغلو في القبور ما هو معلوم لدى الخاص والعام وسبب ذلك تقليد اليهود والنصارى.
ومن ذلك تقليدهم في الاعياد الشركية والبدعية كأعياد الموالد عند مولد الرسول صلى الله عليه وسلم واعياد موالد الرؤساء والملوك، وقد تسمى هذه الأعياد البدعية او الشركية بالايام او الاسابيع - كاليوم الوطني للبلاد، ويوم الأم واسبوع النظافة - وغير ذلك من الاعياد اليومية والاسبوعية، وكلها وافدة على المسلمين من الكفار، وإلا فليس في الاسلام إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الاضحى، وما عداهما فهو بدعة وتقليد للكفار، فيجب على المسلمين ان ينتبهوا لذلك ولايغتروا بكثرة من يفعله ممن ينتسب إلى الاسلام وهو يجهل حقيقة الاسلام، فيقع في هذه الامور عن جهل، او لا يجهل حقيقة الاسلام ولكنه يتعمد هذه الامور فالمصيبة حينئذ اشد، (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) الاحزاب 21.
من «خطبة الحث على مخالفة الكفار»
-3 وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم الاحتفال بما يسمى عيد الأم؟
فأجاب: ان كل الاعياد التي تخالف الاعياد الشرعية كلها اعياد بدع حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح وربما يكون منشؤها من غير المسلمين ايضا، فيكون فيها مع البدعة مشابهة اعداء الله سبحانه وتعالى، والاعياد الشرعية معروفة عند اهل الاسلام، وهي عيد الفطر، وعيد الاضحى، وعيد الاسبوع (يوم الجمعة) وليس في الاسلام اعياد سوى هذه الاعياد الثلاثة وكل اعياد احدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله سبحانه وتعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد» اي: مردود عليه غير مقبول عند الله وفي لفظ «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» واذا تبين ذلك فإنه لا يجوز في العيد الذي ذكر في السؤال والمسمى عيد الام لا يجوز فيه احداث شيء من شعائر العيد، كإظهار الفرح والسرور وتقديم الهدايا وما اشبه ذلك، والواجب على المسلم ان يعتز بدينه ويفتخر به وان يقتصر على ما حده الله تعالى لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه، والذي ينبغي للمسلم ايضا ألا يكون امعة يتبع كل ناعق بل ينبغي ان يكون شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى حتى يكون متبوعا لا تابعا، وحتى يكون اسوة لا متأسيا، لأن شريعة الله - والحمد لله - كاملة من جميع الوجوه كما قال تعالى (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) والأم احق من ان يحتفى بها يوما واحدا في السنة، بل الأم لها الحق على اولادها ان يرعوها، وان يعتنوا بها، وان يقوموا بطاعتها في غير معصية الله عز وجل في كل زمان ومكان.
فتاوى اسلامية 1/124 ومجموعة فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2/302،301.
-4 وسئل الدكتور محمد بن عبدالله الخضيري عن حكم إهداء الأم فيـــما يســــمى بعيد الأم، فأجاب:
من المعلوم ان الاعياد من شعائر الاديان، ومرتبطة بها ارتباطا واضحا، لهذا حدد الشرع المطهر لهذه الامة الحنيفية عيدين، هما: الفطر والاضحى، وقد ابدلنا الله بهما عن سائر اعياد الجاهلية، كما اخبر بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه النسائي 1556، وابو داود 1134 من حديث انس - رضي الله عنه - وعيد الأم هو من الاعياد الجاهلية الحديثة التي لا يجوز بحال ان يشارك فيه المسلمون، او يحتفلوا بها، او يقدموا فيها الهدايا او الاطعمة، او غيرها، وعلى هذا فلا يجوز تقديم الهدايا للأم بهذه المناسبة بل الام في الاسلام حقها متأكد على الدوام من البر والصلة، لكن لو وقع ذلك اتفاقا وجهلا بالزمن من غير قصد فلا حرج ان شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.