زاوية نعرض من خلالها لكل ما يعن لقراء «الراي» الأعزاء من أسئلة تتعلق بالعقيدة الاسلامية، وتحتاج الى توضيح وبيان، يجيب عنها الأستاذ الدكتور وليد محمد عبدالله العلي، امام وخطيب المسجد الكبير، واستاذ العقيدة بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة الكويت.
وللتواصل أرسلوا بأسئلتكم عبر إيميل الجريدة (
[email protected]) أو فاكس رقم: (4815921)
أخبار الجنة (1 من 2)
إن الجنة قد خلقها الله تعالى قبل أن يخلق العالمين، وأسكن أباهم إياها قبل أن يُوجدهم بسنين.
وإن من أخبار الجنة التي تزيد القلب إيماناً، وتُجلي عليه الجنة حتى كأنه يشاهدها عياناً: ما ورد فيها من الأبواب، وأن عدتها ثمانية أبواب، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبدالله، وابن أمته، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وأن الجنة حق، وأن النار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء) أخرجه البخاري ومسلم.
فليُسائل المرء نفسه ماذا قدم من القربات، فإنها مفاتيح أبواب هذه الجنات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبدالله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة: دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد: دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام: دُعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة: دُعي من باب الصدقة. فقال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: بأبي وأمي يا رسول الله، ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، وأرجو أن تكون منهم) أخرجه البخاري ومسلم.
وإن تشوفتم وسألتم عن سعة أبوابها: فوصفها جعلنا الله تعالى من أربابها: ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل، وفيه: (فيقال: يا محمد، أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، والذي نفس محمد بيده: إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة: لكما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبُصرى) أخرجه البخاري ومسلم.
وإن سألتم عن درجات هذه الجنان: التي ستقر بما فيها من النعيم العيان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من آمن بالله وبرسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقاً على الله أن يُدخله الجنة، جاهد في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي وُلد فيها فقالوا: يارسول الله، أفلا نُبشر الناس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة مئة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله: فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة) أخرجه البخاري.
وإن سألتم عن أول من يدخل الجنة من الأمم، لتثيروا ساكن العزمات والهمم، فيقول أبوهريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، فاختلفوا، فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه، هدانا الله له، يوم الجمعة، فاليوم لنا، وغدا لليهود، وبعد غد للنصارى) أخرجه البخاري ومسلم.
فابشروا يا أمة الإسلام، فإنكم أكثر أهل الجنة دار السلام، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قال: فكبرنا. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اما ترضون ان تكونوا ثلث اهل الجنة: قال فكبرنا: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة، وسأخبركم عن ذلك، ما المسلمون في الكفار: إلا كشعرة بيضاء في ثور أسود، أو كشعرة سوداء في ثور أبيض) أخرجه البخاري ومسلم.
وأما ما جاء في وصف أول زمرة تدخل الجنة، جعلنا الله تعالى منهم برحمة منه وفضل ومنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أول زمرة تلج الجنة: صورهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون فيها، آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم من الألوَّة، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد، يُسبحون الله بكرة وعشيا) أخرجه البخاري ومسلم.
فهل انشرحت الصدور، بمثل ما في الجنة من الغبطة والسرور، والتنعم بظلال أشجارها من الحرور؟ وهل تشنفت الأسماع بنحو ما فيها من الولدان والحور؟ وهل قرت العيون بنظير ما فيها من الخيام والقصور؟
فقد جاء في وصف الجنة وظلال أشجارها، سقانا الله تعالى من أنهارها: ما رواه أبوهريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مئة سنة لا يقطعها) أخرجه البخاري ومسلم.
وأما نعيم دار الخلد وحُسن نسائها، ألبسنا الله تعالى من كسائها، فيروي أنس بن مالك رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لروحة في سبيل الله أو غدوة: خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم من الجنة، أو موضع قيد يعني سوطه: خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض: لأضاءت ما بينهما، ولملأته ريحا، ولنصيفها على رأسها: خير من الدنيا وما فيها) أخرجه البخاري.
وأما حسن دار المقامة، وما في خيامها من الكرامة، فيحدث أبوموسى الأشعري رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلا، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا) أخرجه البخاري ومسلم.
وإن في الجنة لسوقا ومتجرا، لا تسمع فيه لغوا ولا منكرا، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حُسنا وجمالا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا، فيقول لهم أهلوهم: والله، لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا. فيقولون: وانتم والله، لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا) أخرجه مسلم.
ويا أنس العباد، يوم (ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا، فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا، فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا، فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا، فلا تبأسوا أبدا، فذلك قوله عز وجل: «ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون» (سورة الأعراف: 143) أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما.