إيمانيات
إن الله لا يضيع أهله
1 يناير 1970
02:07 م
| جاد الله فرحات |
روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جاء ابراهيم عليه السلام بأم اسماعيل وبابنها اسماعيل وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء، فوضعهما هناك، ووضع عندهما جرابا فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قفى ابراهيم منطلقا، فتبعته أم اسماعيل فقالت: يا ابراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارا، وجعل لا يلتفت إليها، قالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذا لا يضيعنا، ثم رجعت، فانطلق ابراهيم عليه السلام، حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الدعوات، فرفع يديه فقال: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادي غير ذي زرع) حتى بلغ (يشكرون) وجعلت أم اسماعيل ترضع اسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى اذا نفد ما في السقاء، عطشت، عطش ابنها، وجعلت تنظر اليه يتلوى - أو قال: يتلبط - فانطلقت كراهية ان تنظر اليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الارض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا؟ فلم تر أحدا. فهبطت من الصفا حتى اذا بلغت الوادي، رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الانسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة، فقامت عليها، فنظرت هل ترى أحدا؟ فلم تر أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فذلك سعي الناس بينهما» فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا، فقالت: صه - تريد نفسها - ثم تسمعت، فسمعت أيضا فقالت: قد اسمعت ان كان عندك غواث، فاذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا وجعلت تغرف الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف، وفي رواية: بقدر ما تغرف. قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم - أو قال: لو لم تغرف من الماء، لكانت زمزم عينا معينا» قال: فشربت، وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضيعة فان هاهنا بيتا لله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وان الله لا يضيع أهله». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان لله تعالى أهلين من الناس، قيل ومن هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن أهل الله وخاصته» صحيح الجامع.
وأعرف من فقد وظيفته - وهو من حفظة كتاب الله - وضاقت عليه الأرض بما رحبت ثم رأى فيما يرى النائم من يقول له «لا تحزن إنك من أهل القرآن» وأهل القرآن هم أهل الله والله لا يضيع أهله كما قالت السيدة هاجر لخليل الرحمن ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وكما قال لها الملك.
واذا بالشدة تنجلي والازمة تنفرج والأبواب المغلقة تفتح ويصبح العسر يسرا والكرب فرحا، فان رعاية الله سبحانه وتعالى ورحمته دائما مع أهل الله، ألم يقل الله سبحانه وتعالى: «ان رحمت الله قريب من المحسنين» (الاعراف آية 56).
إمام وخطيب