د. وائل الحساوي / نسمات / وداعا والد الجميع

1 يناير 1970 11:40 م

طبيعة العلاقة بين الشعب الكويتي وحكامه هي طبيعة عجيبة قلما تجدها في بلدان وشعوب أخرى. الصدمة العفوية التي تلقى بها الكويتيون خبر وفاة سمو الأمير الوالد سعد العبدالله كانت أكبر دليل على ما نقول على الرغم من مرضه الشديد واختفائه عن الساحة السياسية منذ زمن طويل، لكن الشيخ سعد كان في قلوب الجميع، ومآثره الكثيرة مازالت في ذاكرة كل مواطن، فمن لا يتذكر وقفته الصلبة وقت الغزو العراقي الاثم وشجاعته وتفريطه في صحته من أجل حشد القوى العالمية لأجل تحرير بلاده، ومن لا يتذكر تواضعه الجم وقربه من شعبه واستقباله لكل من جاء اليه طالبا أو شاكيا، ومن لا يتذكر صولاته وجولاته في مجلس الأمة وتحمله لبعض اصحاب الاهواء والمصالح ونقدهم المتكرر له؟! أما مواقفه على مستوى العالم العربي والاسلامي فهي أكثر من أن تحصى.

 إن في تاريخ الكويت الحديث محطات كثيرة ودروبا منيرة، وللشيخ سعد رحمه الله في كل درب ومحطة دور كبير سيظل في ذاكرتنا إلى أن نلقى الله، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.


خطيب الجمعة لم يرتكب جريمة

أعلم بأن وزارة الاوقاف قد وضعت ميثاقا للمسجد وألزمت به خطباءها وأئمتها، وأعلم ان خطبة الجمعة لها شأن عظيم لا يوازيه أمر آخر، ولكن هناك فرق بين خطيب يتدخل في شؤون الانتخابات عن طريق الترويج لمرشح معين أو الطعن في مرشح آخر وبين من يعطي توجيهات عامة حول الانتخابات ويحذر من افكار منحرفة وتوجهات تهدف إلى اغراق البلد وجرّه نحو المهلكات، حتى لو كانت تلك الافكار هي برامج لبعض التوجهات السياسية، ولا يجوز ايقاف خطيب جمعة - كما اوقف الاخ خالد سلطان - بمجرد الحديث عن خطورة الدعوة إلى عودة الاختلاط في المدارس والجامعات أو رفضه للافكار العلمانية التي يتبناها بعض المرشحين ويروجون لها من خلال ندواتهم الانتخابية ويغررون بها على المواطن البسيط تحت مسمى الحريات.

أدعو الاخ الفاضل وزير الاوقاف إلى عدم الرضوخ لتلك القوى الضاغطة التي تسعى لإجباره على اغلاق أفواه الخطباء عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة انها تؤذي مشاعر المتحمسين لتلك الافكار المغلوطة، وإذا كانت الحكومة جادة في منع الحديث عن الآخرين فلتكمم أفواه الصحف والفضائيات التي تزخر بالشتم والطعن بالآخرين ونشر الفضائح ليلاً ونهارا.


ماذا لو قاطع الصالحون الانتخابات؟!

وقف بالمسجد شباب يعظون الناس وينصحونهم ويحذرونهم من الانجرار وراء فتنة المشاركة في الانتخاب لأنه تشريع بغير ما أمر الله ومشاركة للذين يحكمون بالديموقراطية التي يعتبرونها كفرا، ووزعوا اشرطة لمشايخ يحرمون الترشيح والانتخاب للمجلس. اقول للذين يروجون لمثل هذا الكلام: هنيئا لكم اقناعكم لأهل الصلاح وأهل المساجد بالانسحاب من الساحة وتركها لأهل الرشاوى وأهل الافكار المنحرفة ليصلوا إلى دفة المجلس ويشرعوا للناس ما يتناقض مع دينهم وعقيدتهم وأخلاقهم، ثم بعد ذلك يجبرون الجميع على الامتثال لقوانينهم الباطلة والرضوخ لها، وقد كان الأولى ان يستدلوا بآراء كبار العلماء والمشايخ امثال الشيخ بن باز والشيخ بن عثيمين رحمهما الله تعالى في حث الناس على المشاركة في المجالس التشريعية وعدم تركها للمنحرفين بدلا من الاستدلال ببعض المشايخ الذين لهم اجتهادات مختلفة.

إذا كانت المسألة فيها آراء فقهية مختلفة فإن الدليل العقلي واضح لا لبس فيه، وقد شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسفينة التي يخرق بها البعض خرقا، فإن تركهم الصالحون غرقوا جميعا، وان منعوهم نجوا جميعاً!


د. وائل الحساوي

[email protected]