أوضح الكلام

في شرح أحاديث الأحكام

1 يناير 1970 05:09 ص
| د.عبدالرؤوف الكمالي |
زاوية فقهية خاصة بشهر رمضان المبارك نتعرض فيها بالشرح والتوضيح لبعض الاحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بالاحكام، يعرضها لكم الداعية الاسلامي المعروف الدكتور عبدالرؤوف الكمالي استاذ الفقة في كلية التربية الاسلامية.
 
القنوت في الصلاة

أولا: قنوت النوازل
الحديث:
عن انس رضي الله عنه: «ان النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع، يدعو على احياء من العرب، ثم تركه». متفق عليه
شرح الحديث:
(على احياء من العرب) ورد تعيينهم، وهم احياء من بني سليم: رعل، وذكوان، وعصية.
والحديث لفظه في البخاري مطول: عن عاصم الاحوال قال: «سألت انس بن مالك عن القنوت فقال: قد كان القنوت. قلت: قبل الركوع او بعده؟ قال: قبله. قلت: فان فلانا اخبرني عنك انك قلت بعد الركوع. قال: كذب، انما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرا، اراه: كان بعث قوما يقال لهم القراء، زهاء سبعين رجلا إلى قوم من المشركين، فغدروا وقتلوا القراء، دون اولئك. وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو عليهم.
والظاهر ان مراد انس بالقنوت الذي قبل الركوع: قنوت الوتر، كما دلت عليه الادلة، والله تعالى اعلم.
فالحديث يدل على سنية القنوت في النوازل، ويدعو فيه بما يناسب النازلة التي وقعت. وينبغي ان ينتبه إلى ان النازلة هي الامر الحادث الجديد الشديد الذي وقع بالمسلمين، لاالحادث الذي مضى عليه زمن فلا يطلق عليه انه نازلة، والله تعالى اعلم.
ثانيا: قنوت الفجر
الحديث:
عن سعد بن طارق الاشجعي رضي الله عنه قال: قلت لابي: ياابت: انك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر وعمر وعثمان وعلي، افكانوا يقنتون في الفجر؟ قال: اي بني، محدث «اخرجه الخمسة الا ابا داود».
درجة الحديث:
الحديث صححه الترمذي وابن التركماني، وحسن اسناده الحافظ ابن حجر العسقلاني.
شرح الحديث:
دل الحديث على ان القنوت الراتب (اي: الدائم) في صلاة الفجر ليس من الامور المشروعة، وانه ما لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولاخلفاؤه الراشدون الاربعة رضي الله عنهم، وانما كان يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفجر اذا نزلت نازلة فقط. وهذا مذهب الحنفية والحنابلة.
وما يقوي هذا القول: مارواه انس رضي الله عنه: «ان النبي صلى الله عليه وسلم، كان لايقنت الا اذا دعا لقوم او دعا على قوم» اخرجه ابن خزيمة وصححه الحافظ ابن حجر.
وذهب المالكية والشافعية إلى استحباب القنوت في الفجر، واستدلوا بحديث انس رضي الله عنه ايضا: «مازال رسول الله يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا»، ولكنه حديث ضعيف، بل منكر على التحقيق.
وتبقى المسألة من مسائل الاجتهاد التي يسوغ فيها الخلاف، ولاينكر فيها على المخالف، بل ينبغي على المأموم ان يتابع امامه، سواء اقنت ام لم يقنت، حتى تجتمع كلمة المسلمين ولاتتفرق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «انما جعل الامام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه».