صوّامة قوّامة من أهل النار؟!

1 يناير 1970 06:04 م
| جاد الله فرحات |

قيل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ان فلانه تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدُق وتؤذي جيرانها بلسانها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا خير فيها هي من اهل النار قالوا وفلانه تصلي المكتوبة وتصدق باثوار ولا تؤذي احدا؟ فقال رسول صلى الله عليه وسلم هي من اهل الجنة - رواه البخاري في الادب المفرد وصححه الالباني.

يقول رسول صلى الله عليه وسلم لاصحابه: اتدرون المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا واكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل ان يقضي ما عليه اخذ من خطايهم وطرحت عليه ثم طرح في النار - رواه مسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم لاصحابه اتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله اعلم قال ذكرك اخاك بما يكره قالوا يا رسول الله أرأيت ان كان في اخي ما اقول فقال صلى الله عليه وسلم ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته وان لم يكن فيه فقد بهته - رواه مسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم لمن جاء يسأله من النجاة امسك عليك لسانك وليسعك بيتك وايك على خط بيتك.

هذه اربعة احاديث لو كتب بالابر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر ينبغي على كل مسلم عاقل ان يضعها نصب عينيه قبل ان ينطق بالكلمة فإن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا كما اخبر وصح عنه صلى الله عليه وسلم.

اخي المسلم اختي المسلمة لا شك انكم تفعلون الكثير من الحسنات من صلاة وصيام وصدقة وذكر الله وتلاوة قران ولكن ما بعد هذا. على أن نحافظ على هذه الحسنات ام نضيعها في القيل والقال والغيبة والنميمة وايذاء المسلمين؟

في احدى روايات حديث المفلس انه يأتي يوم القيامة بامثال الجبال من الحسنات فيرى انهن سينجينه ولكن يكون شتم هذا واغتاب هذا ويقول احد علماء السلف فما اشد فرحك اليوم بتمضمضك باعراض الناس وتناول اموالهم وما اشد حسراتك في ذلك اليوم إذا وقف ربك على بساط العدل وشفهت بخطاب السياسة وانت مفلس فقير عاجز مهين لا تقدر على ان ترد حقا او تظهر عذرا؟ فعند ذلك تؤخذ حسناتك التي تعبت فيه عمرك وتنقل إلى خصائمك عوضا عن حقوقهم قال ابو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هل تدرون من المفلس..... إلى اخر الحديث» فانظر إلى مصيبتك في مثل هذا اليوم إذ ليس يسلم لك حسنة من آفات الرياء ومكايد الشيطان فإن سلمت حسنة واحدة في كل مدة طويلة ابتدرها خصماؤك واخذوها ولعلك لو حاسبت نفسك وانت مواظب على صيام النهار وقيام الليل لعلمت انه لا ينقضي عنك يوم الا ويجري على لسانك من غيبة المسلمين ما يستوفي جميع حسناتك فكيف ببقية السيئات من اكل الحرام والشبهات والتقصير في الطاعات؟ وكيف ترجو الخلاص من المظالم في يوم يقتص فيه للجماء من القرناء؟ فقد روى ابو ذر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى شاتين ينتطحان فقال «يا ابا ذر اتدري فيم ينتطحان» قلت: لا قال: «ولكن الله يدري وسيقضي بينهما يوم القيامة» وقال ابو هريرة في قوله عز وجل (وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم) انه يحشر الخلق كلهم يوم القيام البهائم والدواب والطير وكل شيء فيبلغ من عدل الله تعالى ان يأخذ للجماء من القرناء ثم يقول كوني ترابا فذلك حين يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا فكيف انت يا مسكين في يوم ترى صحيفتك مشحونة بسيئات طال في الصبر عنها نصبك واشتد بسبب الكف عنها عناؤك فتقول يا رب هذه سيئات ما قارفتها قط فيقال هذه سيئات القوم الذين اغتبتهم وقصدتهم بالسوء وظلمتهم في المبايعة والمجاورة والمخاطبة والمناظرة والمذاكرة والمدارسة وسائر اصناف المعاملة.

قال ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان الشيطان قد يئس ان تعبد الاصنام بأرض العرب ولكن سيرضى منكم بما هو دون ذلك بالمحقرات وهي الموبقات فاتقوا الظلم ما استطعتم فإن العبد ليجيء يوم القيامة بامثال الجبال من الطاعات فيرى انهن سينجينه فما يزال عبد يجيء فيقول رب ان فلانا ظلمني بظلمة فيقول امح من حسناته فما يزال كذلك حتى لا يبقى له من حسناته شيء وان مثل ذلك مثل سفر نزلوا بغلاة من الارض ليس معهم حطب فتفرق القوم فحطبوا فلم يلبثوا ان اعظموا نارهم وصنعوا ما ارادوا وكذلك الذنوب ولما نزل قوله تعالى (انك ميت وانهم ميتون ثم انكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) قال الزبير: يا رسول الله ايكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا خواص الذنوب قال «نعم ليكررن عليكم حتى تؤدوا إلى كل ذي حق حقه قال الزبير والله ان الامر لشديد فأعظم بشدة يوم لا يسامح فيه بخطوة ولا يتجاوز فيه عن لطمة ولا عن كلمة حتى ينتقم للمظلوم من الظالم قال انس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «يحشر الله العباد عراة غبرا بهما قال قلنا ما بهما قال ليس معهم شيء ثم يناديهم ربهم تعالى بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب انا الملك انا الديان لا ينبغي لاحد من اهل الجنة ان يدخل الجنة ولاحد من اهل النار عنده مظلمة حتى اقتصه منه ولا لاحد من اهل النار ان يدخل النار ولاحد من اهل الجنة عنده مظلمة حتى اقتصه منه حتى اللطمة» قلنا: وكيف وانما نأتي الله عز وجل عراة غبرا بهما فقال «بالحسنات والسيئات» فاتقوا الله عباد الله ومظالم العباد باخذ اموالهم والتعرض لاعراضهم وتضييق قلوبهم واساءة الخلق في معاشرتهم فإن ما بين العبد وبين الله خاصة فالمغفرة اليه اسرع ومن اجتمعت عليه مظالم وقد تاب عنه وعسر عليه استحلال ارباب المظالم فلكثير من حسناته ليوم القصاص وليسر ببعض الحسنات بينه وبين الله بكمال الاخلاص بحيث لا يطلع عليه الا الله فعساه يقربه ذلك إلى الله تعالى فينال به لطفه الذي ادخره لاحبابه المؤمنين في دفع مظالم العباد عنهم.


* امام وخطيب