الدعوة إلى الله تعالى واجب على كل مسلم ومسلمة في كل زمان كل فيما يستطيعه... وفي زماننا هذا أضحت الدعوة إلى الاسلام والدفاع عنه ودرء شبهات الأعداء أوجب علينا لما تتعرض له الأمة الاسلامية من هجمات شرسة من أعداء الاسلام والحاقدين عليه والحاسدين للحق الذي جاء به.
والدعوة الى الله شرف عظيم لصاحبها: قال تعالى (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال انني من المسلمين) فصلت (33). فليس ثم إنسان أفضل عملا من الدعاة الصالحين المصلحين العاملين للخير.
والدعوة إلى الله ثوابها كبير وعظيم، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرر ذلك: «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس» متفق عليه.
والدعوة إلى الله من ألزم الأمور وسط هذا الخليط من الرايات والتيارات والتجهيل والتشكيك والتغريب والانحراف.
والدعوة الى الله مرحلة مهمة من مراحل العمل الإسلامي الجاد وهي مرحلة التعريف التي تسبق التكوين والتربية.
أنواع الدعوة
هناك دعوة عامة في المحاضرات والدروس ووسائل الاعلام كالكتاب والصحيفة والمجلة والشريط واللقاءات الاذاعية والتلفازية، وهناك الدعوة الفردية ايضاً وهي لا تقل أهمية عن الدعوة العامة أو الجماعية.
تعريف الدعوة
عرف كثير من أهل العلم المعاصرين الدعوة بتعاريف مختلفة نختار منها: الدعوة هي تبليغ الاسلام للناس وتعليمه إياهم وتطبيقه في واقع الحياة.
فهذا التعريف يتضمن التبليغ وفوق ذلك العناية بالتعليم - بحسب حاجة المدعوين - كما يشمل سعي الدعاة الى تطبيق ذلك في واقع الحياة... وكل هذا يضم الدعوة الفردية التي توجه من الداعية لأشخاص بعينهم والدعوة الجماعية بنوعيها سواء من داعية متوجهاً بها لطائفة أو طوائف من الناس أو التي يتعاون فيها مجموعة من الدعاة ومن يساعدهم لإفادة المجتمع بشتى الصور.
فضل الدعاة إلى الله
يكفي الدعوة فضلاً أنها منهج الأنبياء ووظيفتهم الأساسية، فبها يتم التذكير بالله تعالى، وبها يعرف الناس كيف يعبدون ربهم، وبها تصحح العقائد الفاسدة، وبها تطيب الأخلاق وتسمو النفوس وتُنقي المجتمعات من الآثام والظلم، وتطهر من الفواحش ويؤخذ بيد الضعيف الحائر والبعيد الضال الى سبيل نجاته.
قال تعالى (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات الى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) (إبراهيم:5).
ومن رحمة الله تعالى بهذه الأمة أن رفع قدرها فمنحها وظيفة الأنبياء أمانة في عنقها ففضلها بذلك على غيرها، فلتسلك سبيل الهدى لتنعم بفضل ما وكلت به قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) البقرة:من الآية 143).
وقال سبحانه (قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين (يوسف:108).
فالدعوة أمانة وشرف حملته هذه الأمة وتلقته عن نبيها صلى الله عليه وسلم، فيا له من فضل عظيم أن يقوم بذلك كل مسلم فيرث ما ورثه رسول الله صلى الله عليه وسلم من علم وبصيرة ويمضي على سيرته صلى الله عليه وسلم ونهجه الحكيم، فينفع الله به البلاد والعباد، ويكون له في الآخرة من الأجر والثواب المضعف ما الله به عليم. قال الله تعالى:
(ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) (النحل:125).
الأحاديث الواردة في فضل الدعوة:
وردت أحاديث كثيرة في فضل الدعوة إلى الله تبارك وتعالى منها:
1 - روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعا الى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً».
2 - وعن جرير بن عبدالله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) رواه مسلم.
3 - وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب لما بعثه إلى خيبر: «لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم».
4 - روى أهل السنن إلا النسائي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه».
أثر الدعوة إلى الله
كم أفاد الدعاة غيرهم.. فكم أخرجوا من ظلمات الحيرة والضياع إلى نور الهدى والحق.. استفاد تائه الفكر مبلبل العقل فوجد إجابات أسئلته عن حياته ومغزى وجوده عن الكون وعن الحكمة من خلقه.
ووجد إجابات عن الرسل ودعوتهم وحقيقة كونهم، بوضوح لا لبس فيه ولا أسرار يختص بها خاصة دون العامة ككهنوت غيرنا من الاديان،
كم استفاد خاوي النفس عطشان الفؤاد قلق القلب من دعوة الدعاة ونصائحهم ومواعظهم فرق قلبه وهدأت نفسه وسكن ضميره وانطلق إلى آفاق الخير الرحيبة.
وكم عاد المخطئ الضال الى رحاب الخير والى جادة الصواب، فأقلع المدمن، وتاب العاصي، وثاب الظالم القاسي القلب.
كم استفاد الفقراء، وكم كفل أيتام وأرامل، وكم أقيمت مشروعات وقامت معالم الحضارات، وبذل الأغنياء وأخرجوا الزكوات، وكم صبر المبتلون، وكم تعفف المعوزون... كل ذلك بفضل الدعاة ودعوتهم الى ربهم.
وكم أمنت المجتمعات وساد فيها الخير، وأخذ على يد السفيه وحورب الظلم والمعتدين... كل ذلك بفضل الله أولاً ثم بفضل تلك الثلة المباركة ممن اختارهم الله فساروا على نهج رسله وطلبوا رضاه سبحانه بالدعوة اليه، وتعبيد الناس له، فنفعوا أنفسهم ونفعوا الناس من حولهم، وأقاموا الحجة على من خالف، وفتحوا السبيل لكل راغب، وأوضحوا الطريق لكل طالب، وبينوا الأمور لكل سائل، قال تعالى: (أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون) (الأنعام:122).
فهنيئاً لمن سار على دربهم، فهم والله من المجاهدين في سبيل الله تعالى حتى وإن لم يقاتلوا، قال تعالى: (انفروا خفاقاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) (التوبة:41).
الأمر بالدعوة
لقد ورد الأمر بالدعوة لكل المسلمين من أتباع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذين يمتثلون أمره ويهمهم شأنه وينتهجون نهجه.. فكل من له حظ من الدعوة فقد استكمل هذا الاتباع، وكل من حرم نفسه من تلك الدعوة فهو المحروم على الحقيقة... ولنتأمل من آيات الدعوة فإنها جاءت بفعل الأمر، وهو يفيد - بكل وضوح - وجوب هذا العمل في حق كل قادر عليه... وبما أننا ندرك أن الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو أمر للآمة فإن كل ما ورد في القرآن من حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الدعوة والتبليغ فإن الأمة داخلة فيه أيضاً... وهذا ما سيتبين عند استعراضنا لتلك الأدلة.
لقد بين القرآن ان الدعوة تجد أعداءً ممن يجهل أمرها، وتحفها مشاق، فجاء الأمر بها مقروناً وبالتنبيه على ذلك، وبالأمر بالصبر والتحمل، قال تعالى: (لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم) (الحج:67).
فقوله تعالى: (فلا ينازعنك... وادع) هو بيان لحال بعض أهل الجدل مع الدعوة، ويأتي الأمر بالدعوة بعد التصبير بتوقع ما سيجادلون به، ليكون ذلك من الادلة على وجوب الصبر على الداعية حتى وإن وجد عنتا، وهو ما صاغته آيات أخرى ببيان وجوب التحمل والجدال بالحسنى، فقال سبحانه وتعالى: (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) (النحل:125)، وقال عز وجل: (ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع الى ربك ولا تكونن من المشركين) (القصص:87)، الخطاب له صلى الله عليه وسلم, والمراد الأمة كما قال أهل العلم... فهذه أدلة على وجوب الدعوة مع بيانها لبعض الآداب والمصاعب.
ومن أدلة الوجوب ايضاً ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على كل مسلم واجب البلاغ عنه ولو بآية ما رواه البخاري عن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار».
وهذا دليل على أهمية الدعوة من جهة، وعلى أن الداعي الى الله يجب ألا يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يبلغ شيئاً يجهله.
وهذا تحذير أيضاً للدعاة ألا يأخذهم الحماس أو الحمية للدعوة فيحلون الحرام أو يحرمون الحلال أو يتكلموا بغير علم فيكون عملهم وبالاً عليهم.
وجاء الأمر بالبلاغ عن النبي صلى الله عليه وسلم ليعم الخير البشرية... وتأمل معي ذلك الحديث عن أبي بكر رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم النحر... «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا فليبلغ الشاهد الغائب» رواه البخاري ومسلم).
ففيه الأمر بالبلاغ لمن حضر الى من كان غائباً، وذلك أمر لعموم الأمة الى قيام الساعة لتبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث لا يعدم من الناس من يكون غائباً، أو ربما غافلاً فيكون كالغائب، وكم من مغيب مثل الكفار يحتاجون الى بيان وتذكير! من بظنك يذكرهم ويبين لهم؟.
ما يحتاجه الداعي إلى الله تعالى
وهذا الجهد يحتاج الى حكمة وصبر وجهد وجهاد وادراك لمواطن الضعف البشري وللفروق الفردية بين الناس، وهذا نلمسه فيما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابياً بال في المسجد فثار اليه الناس ليقعوا به، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوه، وأهريقوا على بوله ذنوباً من ماء أو سجلا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين فبين بذلك أيضاً أهمية الحكمة والتيسير والبعد عن التشديد والتنفير.
> من هو الداعي إلى الله تعالى
الدعوة الى الله تعالى هي مسؤولية عامة على جميع المسلمين، وهي شرف نحرص جميعاً على الانتساب اليه، وهي ميدان فسيح متعدد يمكن لأي مسلم أن يفيد في أي مجال يصلح الناس فيه ويرشدهم الى الخير ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر...
فيمكن أن يمارس الدعوى كل مسلم صغيراً كان أو كبيراً، رجلاً كان أم أنثى، عالماً كان أم غير عالم، يمارس الدعوة الموظف في عمله، وصاحب المهنة في مهنته، والأبوين في أسرتهما، والطالب بين أقرانه، ومن معه.. فكل مسلم يصلح أن يكون داعياً الى الله تعالى بما يقدر عليه وبما يملكه من إمكانات وبما فتح الله تعالى عليه من فتوحات، لأن الدعوة قد تكون كلمة صادقة، أو نصيحة حانية، أو سلوكاً طيباً، أو ارشادا لخير، أو حتى بصحبة من معك الى المساجد أو الدروس العلم واهدائهم بعض الأشرطة والكتيبات، او اسدائهم النصائح.
نحن نفتقر الى همة المخلصين وبذلهم، فتلك الخصال ان لم توافق من يحملها ولغيره ينقلها تاهت تلك المعاني في خضم أحداث الدنيا ومشاغلها... وليس ثم جهة تزعم أنها تحتكر الدعوة ولا الدعاة، نعم قد تكون هناك جهات - طوعية أو رسمية - تهتم بتنظيم شأن الدعوة لكن لا يحق لها منع من كان سليم العقيدة حسن التأتي من ممارسة الدعوة.
وبقي أن نذكر أن الداعي الى الله تعالى - رجلاً كان أو امرأة - يجب أن يكون داعياً على بصيرة، بمعنى أنه لا يكون جاهلاً بما يدعو اليه، وأن يكون حسن العرض، حسن اختيار الوقت المناسب والظرف المناسب والكلام المناسب لكل من يدعوه، والا قد يسيء من حيث يظن أنه يحسن وتلك الصفات المذكورة يمكن تحصيلها ببذل الجهد في العلم ولو بما يجب على المسلم تعلمه ولا يسعه جهله من العقيدة والعبادة والأخلاق، وما أيسر ذلك، ويكون تحصيل حسن العرض وغير ذلك من الصفات بالاستفادة من خبرات الآخرين بذا نحقق واجب الدعوة ونكون جميعاً دعاة الى الله تعالى.
بين الدعاة والعلماء
الأصل أن كل من يدعو الى الله يكون على بصيرة بما يدعو اليه، ولكن لأن الدعوة عامة وواجبة على كل مسلم، ولما كان شاقاً على الجميع أن يصيروا علماء، فلا أقل من أن يتعلم الداعية ما يدعو به الناس.
فعلى كل داع لله تعالى أن يتق الله في نفسه ولا تدفعنه مكانته في قلوب الناس أن يفتي بغير علم أو يتألى على الله ولا على رسوله صلى الله عليه وسلم، فكثيراً ما يتعرض الداعية لمشكلات الناس وأحوالهم ويطلع على مكنونات نفوسهم، ولأنه يختلط بهم يلجأون اليه في كل صغيرة أو كبيرة وذلك بسبب قلة علمهم بالفرق بين العالم والداعية.
وهنا يأتي ادراك الداعية للفرق بينه وبين العالم، فلا يستعذب لجوء الناس اليه ولا يتجرأ على ربه تعالى في هذا الأمر... بل ليرجع الأمر الى أهله، ولا يستحي أن يعتذر عن الاجابة أو يؤجلها ريثما يراجع فيها أهل العلم.
قال تعالى: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) (النحل:116).
وفي إعلام الموقعين عن رب العالمين قال الإمام ابن القيم - رحمه الله: قال ابن هانئ سألت أبا عبدالله - أي الإمام أحمد - عن الذي جاء في الحديث: «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار»، قال أبو عبدالله رحمه الله: يفتي بما لم يسمع (أي ما لم يكن له به علم منقول).
وقال أبوداود في مسائله: ما أحصى ما سمعت أحمد سئل عن كثير مما فيه الاختلاف في العلم فيقول لا أدري!
وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرع في الفتوى ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره، فإذا رأى أنها قد تعينت عليه بذل اجتهاده في معرفة حكمها من الكتاب والسنة أو قول الخلفاء الراشدين ثم أفتى، وقال عبدالله بن المبارك: حدثنا سفيان بن عطاء بن السائب عن عبدالرحمن ابن أبي ليلى قال: أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - أراه قال: في المسجد، فما كان منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث، ولا مفت إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا). فانظر كيف كان ورع السلف وأهل العلم عن الإفتاء أو عن التسرع في الفتوى فحري بنا أن نتروع ولا نتسرع إن كانت الأمور تتعلق بما فيه معضلة أو بيان أو فتوى، ونترك هذا للعلماء فهم أهل ذلك... بينما نجتهد نحن الدعاة فيما يتعلق بالنصح والارشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبذا يزول الاشكال في هذه المسألة المهمة، وهي ظن بعض الدعاة بأنفسهم القدرة على الفتوى في كل ما يسألهم الناس عنه.
التحذير من المعصية
قال الله تعالى: «يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه امدا بيعدا، ويحذركم الله نفسه، والله رءوف بالعباد).
وقال عز وجل: (وذروا ظاهر الإثم وباطنه، ان الذين يكسبون الإثم، سيجزون بما كانوا يقترفون).
وفي الحديث الصحيح، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبي! وقالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى».
وفي الحديث الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مثلي ومثلكم، كمثل رجل اوقد نارا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها، وهو يذبهن عنها - يمنعهن من الوقوع فيها - وانا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدي».
عز الطاعة
قال علي رضي الله عنه: من اراد عزا بلا عشيرة، وغنى بلا مال، وجاها بين الاخوان، ومهابة عند السلطان، فليخرج من ذل معصية الله تعالى إلى عز طاعته.
عزة النفس والنفاق
لما نصَّب معاوية ابنه يزيد لولاية العهد اقعده في قبة حمراء، وجعل الناس يسلمون على معاوية، ثم يسلمون على يزيد، حتى جاء رجل ففعل ذلك، ثم رجع إلى معاوية فقال:
يا أمير المؤمنين، اعلم انك لو لم تول هذا امور المسلمين لأضعتها.
فقال معاوية للأحنف ورآه ساكتا: مالك لا تقول يا أبا بحر؟
فقال الأحنف: اخاف الله تعالى ان كذبت، واخافك ان صدقت،
فقال معاوية: جزاك الله خيرا عما تقول.
فلما خرج الاحنف لقيه ذلك الرجل المنافق بالباب وقال له: يا ابا بحر اني اعلم ان هذا من شرار خلق الله تعالى، ولكن في ايديهم خزائن الأموال، فلسنا نطمع في اخراجها إلا بما سمعت.
فقال الاحنف: يا هذا امسك عليك دينك، فإن ذا الوجهين خليق ألا يكون عند الله وجيها، واذا وليت الامور لغير أربابها ضاعت.
لولا ثلاث
قال عمر رضي الله عنه: لولا ثلاث لأحبب أن أكون قد لقيت الله: لولا ان اضع جبهتي لله.
او أجلس في مجالس ينتقى فيها طيب الكلام كما ينقى جيد التمر.
... والمدرس في فصله وبين طلابه داعية