توقّعات بتحسّن كبير في البيئة التشغيلية والأرباح

صيف ساخن للبنوك

1 يناير 1970 10:26 ص
تسود أجواء من التفاؤل ببيئة الأعمال في أروقة البنوك الكبرى محلياً، يُنتظر أن تجد انعكاسها في نتائج النصف الأول نموّاً ملموساً. فمع تحسّن أسعار الأصول توافرت ظروف ملائمة لتعزيز ملاءة الشركات وتحسين تدفقاتها النقدية وتنظيف ميزانياتها.

ويتوقّع مصرفي مرموق ألّا يقل نمو أرباح البنوك عن 15 في المئة، نتيجة تراجع مستويات المخصصات ونمو أعمال بعض البنوك في الخارج («الوطني» و«بيتك» و«برقان»). ومن شأن ذلك أن يعوّض تراجع صافي هامش إيرادات الفائدة نتيجة انخفاض سعر الخصم.

وتستند أجواء التفاؤل إلى شواهد عديدة على نمو الأعمال وتحسّن البيئة التشغيلية، بغض النظر عن الأوضاع السياسية في ظل ترقّب حصيلة الانتخابات البرلمانية المقبلة.

على مستوى البيئة التشغيلية، ثمّة مؤشرات كثيرة إلى التحسّن ليس أقلها أن نسبة القروض المتعثرة على مستوى القطاع المصرفي تتراجع سريعاً. ففي حين كانت هذه النسبة 7 في المئة في نهاية العام 2011، تراجعت إلى أقل من 5 في المئة بنهاية 2012، وهناك من المصرفيين من يتوقع تراجعها إلى ما دون الأربعة في المئة في نهاية النصف الأول.

ويعود الفضل في ذلك إلى العدد الكبير من عمليات التسويات والسداد التي تمت في النصف الأشهر الماضية، والتي تجاوزت 200 مليون دينار، فضلاً عن استمرار أكثر من بنك بعمليات شطب الديون المتعثرة من ميزانياتها.

ويؤكد أحد المصرفيين أن تغطية المخصصات المحددة والاحترازية للقروض المتعثرة قد تتجاوز في منتصف العام 120 في المئة، من دون احتساب الضمانات، وأكثر من 200 في المئة مع احتسابها، خصوصاً في ظل التحسّن الملحوظ لأسعار الأصول في النصف الأول.

ولاشك ان الأداء القوي لسوق الأسهم في النصف الاول من العام، ومكاسبه التي تجاوزت 30 في المئة على مستوى السعري، أحدثت بعض التحسن في المحافظ الائتمانية، على الرغم من أن الارتفاع طال بشكل رئيسي الأسهم الصغيرة، وأحياناً الورقية، أكثر بكثير مما طال الأسهم القيادية.

ويشير أحد المصرفيين إلى إن العديد من الشركات الصغيرة نسبياً التي تواجه مشكلات ائتمانية، توافرت لديها بعض التدفقات النقدية نتيجة ارتفاع السوق، وتمكنت نتيجة لذلك من تخفيض التزاماتها

أو تسويتها أو إعادة جدولتها.

ويضرب على ذلك مثلاً بأن شركات الاستثمار، التي شكلت المشكلة الأكبر للمحافظ الائتمانية خلال الأزمة، خفضت مديونياتها المحلية بأكثر من 18 في المئة خلال عام مضى، لتصبح حصتها من إجمالي المحفظة الائتمانية للقطاع 6.4 في المئة فقط، بعد أن كانت تقارب 12 في المئة عشية الأزمة. وهذا يعني أن تركّزاً أساسياً للانكشافات تمت معالجته إلى بعيد.

ويرى المصرفي أن ما تم إنجازه من تسويات في النصف الأول سيترك انعكاسات إيجابية على البيئة التشغيلية، مع تحسن ملاءة الشركات عموماً في السوق.

ومن الواضح أن جودة المحافظ الائتمانية لدى البنوك تشهد تحسّناً متزايداً، مع استحقاق القروض القديمة الأقل جودة، وتسوية المتعثرة أو شطبه، في مقابل منح قروض جديدة أكثر صحية.

ولهذا السبب، ربما يكون النمو الفعلي للائتمان أكبر مما يظهر في البيانات الرسمية. فباستثناء قروض شركات الاستثمار، التي تشهد تخفيضاً منهجياً منذ الأزمة، يكون الائتمان قد نما بنسبة 9.2 في المئة سنوياً حتى نهاية أبريل، في حين أنه لا يتجاوز 5.8 في المئة مع احتساب تلك القروض.



نمو الأعمال

وعلى مستوى نمو الأعمال، يعدّد مصرفيّون معطيات كثيرة تدفع إلى التفاؤل، إذ إن حركة التمويل تشهد نشاطاً ملحوظاً لمختلف قطاعات الأعمال، يُظهره حجم التمويلات الجديدة المقدمة من القطاع المصرفي المحلّي، والذي بلغ 4.2 مليار دينار في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، ثلثها تقريباً للقطاعات المنتجة (نحو 1.3 مليار دينار).

ويشير مصرفيّون إلى أن نوعيّة القروض المقدّمة لقطاعات الاقتصاد مبشّرة وتدلّ على أن الحركة بدأت تدب فعلاً في مفاصل الاقتصاد، خصوصاً أن الأزمة أحدثت تغييرات عميقة في آليات اتخاذ القرار الائتماني لتجعله مرتبطاً بالتدفقات النقدية أكثر من ارتباطه بقيمة الضمانات.

وقد شهدت الأشهر الخمسة الماضية صفقات تمويل عديدة بارزة بمئات ملايين الدنانير، ويُنتظر أن تتسارع وتيرة مثل هذه التمويلات في الربع الرابع والعام المقبل، خصوصاً في ظل وصول العديد من المشاريع الحكومية الكبيرة إلى مرحلة الطرح أو طلب التمويل، لاسيما المشروعين الأضخمين في القطاع النفطي، مصفاة الزور والوقود البيئي، ومشروع مصفاة فيتنام، ومحطة كهرباء الزور الشمالية لتوليد القوى الكهربائية وتحلية المياه، فضلاً عن شركات خطة التنمية مثل البيوت المنخفضة التكاليف ومستشفيات الضمان الصحي وغيرها.