اسيل سليمان الظفيري / انارة / ارسمها صح

1 يناير 1970 06:53 ص
| أسيل الظفيري |

الذات ببساطة هي كل ما تملك من قدرات وامكانات، بعض هذه الامكانات نستدل عليها ونكتشفها في معترك الحياة، مثل قدرتنا على الادارة أو اقامة علاقات ناجحة أو التخطيط أو المجازفة وغيرها، ولكن بعضها قد يكون مغمورا بداخلنا لا نعلم وجوده لأكثر من سبب، فأما أن يكون السبب أننا لم نُوضَع في المحك الذي يكشف لنا ما نملك أو أن الصورة المكونة لدينا عن ذواتنا مشوهة ولا تحمل التفاصيل الحقيقية كاملة.

نحن أحيانا كمربين نساهم دون قصد برسم صورة ذات سيئة لأولادنا عن أنفسهم، يحدث هذا عندما نبالغ في الحديث معهم عن مخاطر كل شيء يقومون به من باب الحرص والتحذير، وعن محدودية قدرتهم في مواجهة المواقف، كذلك اسرافنا في تهيئة الترتيبات لهم قبل أن يقدموا على أي جديد، كل هذا يرسل لأبنائنا رسائل خفية مضمونها أنكم عاجزون عن القيام بأموركم لوحدكم، كما أن كم التشكيك بقدراتهم الذي يسمعونه من الوالدين والمعلمين والأخوة الكبار وأي رمز للسلطة في محيطهم من عبارات النهي والتخويف، تؤدي بالابن بمنزلق تشويه صورته عن ذاته، ناهيك عن الهمز واللمز الذي يتبارى البعض بالابداع فيه، ما الصورة التي تتوقع أن يكونها الابن عن نفسه اذا سمع وبنبرة صراخ «انت عمرك ما تتعلم؟!» أو «أنت كله جذي!!» أو «مالك أمل في...!!»؟ هناك فرق كبير بين انسان يقوم بعمل فاشل وانسان فاشل، ولمن يحتج بأن هذه العبارات بالرغم من انها جارحة لا تؤثر بالابن بدليل عدم تغيير سلوكه، نقول للأسف هذا غير صحيح، فان عدم تغير السلوك لا يعني بالضرورة أنها لم تسهم في تكوين صورة سيئة عن نفسه، فواقع الحال يثبت أن نسبة من صورة ذواتنا تتشكل من خلال آراء من حولنا، كما أن المقارنة بين طفل وآخر - وينطبق هذا على البالغين أيضاً - هي جريمة بحد ذاتها، ان استخدام هذا الأسلوب في تقويم سلوك الابن دليل على قصور في فهم الفروق الفردية عند المربي وقلة حيلته بتقُبل هذا الاختلاف، فيلجأ لصب غضبه من عجزه بالمقارنة، بالرغم من انه قلب محب لم يقصد الايذاء، لكن ليس لكل مجتهد مصيب.

قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه إما يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه...»، فالطفل يولد كصفحة بيضاء ملَكه الله قدرات وامكانات، ونحن من يرسم بريشة كلماتنا جزءاً كبيراً من صورة أبنائنا عن ذواتهم، والمربي الحصيف هو الذي يحسن هذا الرسم ليؤدي دوره كاملا تجاه هذه المسؤولية، فارسمها صح.



@ AseelAL-zafiri