بروفايل / اختار الاعتزال طوعاً وعاد بعد التحرير

حسين جاسم... تاريخ من الأصالة والتميّز

1 يناير 1970 11:49 م
| إعداد - حسين خليل |

حفل الزمان الجميل بابداعات عمالقة الفن والغناء في عالمنا العربي الى جانب نجوم العالم الغربي فقدموا الكثير خلال مسيرتهم التي كانت في بعض الأحيان مليئة بالمطبات والعثرات. منهم من رحل عن هذه الدنيا مخلفاً وراءه فنّه فقط، وآخرون ما زالوا ينبضون عطاء الى يومنا الحالي.

البعض من جيل اليوم نسي ابداعات هؤلاء العمالقة وتجاهلوا مسيرة حافلة من أعمال تركتها بصمة قوية، وفي المقابل يستذكر آخرون عطاءات نجوم الأمس من خلال الاستمتاع بأعمالهم الغنائية أو التمثيلية، وقراءة كل ما يخصّ حياتهم الفنية أو الشخصية.

وفي زاوية «بروفايل» نبحر في بحار هؤلاء النجوم ونتوقف معهم ابتداء من بداياتهم الى آخر مرحلة وصلوا اليها، متدرجين في أهم ما قدّموه من أعمال مازالت راسخة في مسيرة الفن... وفي بروفايل اليوم نستذكر أهم محطات الفنان القدير حسين جاسم :



شهدت فترة الستينات من القرن الماضي بزوغ العديد من الأصوات الغنائية الخليجية التي شكلت منعطفاً مهماً في تاريخ الأغنية الخليجية.

حسين جاسم من أبرز المطربين الكويتيين يقدم الغناء الأصيل، ويمتلك صوتاً عذباً واحساساً بالكلمة وحضوراً مميزاً. ولد في مدينة الكويت بمنطقة شرق العام 1944. حصل على دبلوم معهد المعلمين شعبة الموسيقى في العام 1967 وكان مدرساً لمادة التربية الموسيقية لأكثر من 20 عاماً وترقى الى أن أصبح مديراً في الفترة الممتدة بين 1994 و2002. ويبدو أن الموهبة الفنية لم تتوقف عند جاسم، بل امتدت لترى النور مجدداً مع ابنه الفنان أحمد حسين.

حياته الفنية

بدأ جاسم حياته الفنية العام1967 من خلال مشاركته الايجابية في الأنشطة الفنية والموسيقية التي كانت تقام آنذاك في معهد المعلمين، ثم اتجه بعد ذلك الى الاذاعة من دون تخطيط مسبق حيث شارك في أوبريت غنائي بعنوان المنبوذ قدِّم على خشبة مسرح معهد المعلمين العام 1967 بحضور وزير التربية آنذاك. ثم انطلق بعد ذلك كمطرب يقدّم الأغنية العاطفية والوطنية والدينية التي كان يعشقها، وأول أغنية له كانت بعنوان «يا اله الكون» من ألحان الفنان الراحل عبد الرؤوف اسماعيل الذي كان أستاذه في تلك الفترة، وما زالت الأغنية تذاع حتى الآن في المناسبات الدينية.

«أبو الموقة»

اكتسب جاسم شهرة كبيرة من خلال أغنية «أبو الموقه»، وهي الأغنية العاطفية التي أطلقت شهرته في الكويت وأرجاء الجزيرة العربية. كانت تذاع يومياً أكثر من مرة، خصوصاً في الاذاعة من خلال برامج الطلبات والبرامج المنوّعة.

«حكاية بحار»

كان للأغنيات التي أداها جاسم من ألحان غنام الديكان وقعها على الجمهور وقوبلت باستحسان كبير ونالت الاعجاب، وذلك لحرصه على تطويعها في قوالب التراث الكويتي القديم مع الابتكار في الأسلوب وحداثة الكلمة واللحن المطوّر. كذلك تعتبر جهود الديكان في جمع التراث الموسيقي واعادة تسجيله محاولات جيدة للغاية. من الأغنيات التراثية التي لحّنها الديكان وأداها جاسم، «حكاية بحار»، من كلمات الشاعر الغنائي الراحل خالد العياف.

«حلفت عمري»

ومن الأغنيات العاطفية الأخرى التي غناها جاسم ولاقت صدى واسعاً أغنية «حلفت عمري» التي كتبها الشاعر الغنائي الفنان ماجد سلطان ولحّنها القدير يوسف المهنا. يعود نجاحها الى أنها اعتمدت الصدق في الكلمة واللحن والأداء، ناهيك عن أنها تعكس قصة واقعية يمكن لأي انسان أن يمرّ فيها، وقد صوّرت بالألوان بعد تحرير الكويت كي يشاهدها الجمهور عبر الشاشة الصغيرة.

«يا معيريس»

كما يملك أغنية جميلة بعنوان «يا معيريس» التي كتب كلماتها مبارك الحريبي ولحنها غنام الديكان ويقول مطلعها:

يا معيريس عين الله تراك

القمر والنجوم تمشي وراك

يا معيريس عين الله تراك.

الاعتزال والعودة

أعلن جاسم في العام 1974 توقّفه عن الغناء نهائياً، بعد أن أثرى المكتبة الموسيقية والغنائية بأجمل الأغنيات، وأرجع ذلك الى أسباب كثيرة منها: «اللحن الرخيص والكلمة المبتذلة وعدم وجود الملحن الذي يفهمني جيداً»، وكان آخر لحن سجّله في اذاعة الكويت قبل اعتزاله أغنية بعنوان «خلي حسين» من ألحان عبد الرحمن البعيجان.

بعد تحرير الكويت، قرر العودة الى الغناء مجدداً من خلال مجموعة من الأغنيات الوطنية منها: «هلت أعياد النصر يا كويت» من ألحان البعيجان أيضا. كذلك قدّم أغنيتين عن الأسرى، ثم أعاد تصوير بعض أغنياته العاطفية المعروفة، واعتبرت الصحافة آنذاك عودته الى الغناء حدثاً سعيداً.

بعدها شارك جاسم في أوبريت «القادة» بمناسبة انعقاد مؤتمر «قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي» في الكويت العام 1991 وأوبريت «سلاحي كلمة الحق»، من انتاج اذاعة البرنامج الثاني وقدِّم على مسرح حمد بن يوسف الرومي في الاذاعة وصُوِّر تلفزيونياً.

تكريم

تم تكريم المطرب حسين جاسم في ليالي مهرجان الدوحة السابع للأغنية، حيث قدم فقرة غنائية خاصة وذات شكل مميز.

من أقواله:

- لحظات الغروب تبهرني وتخدّر احساسي وتوقظ في نفسي مشاعر قديمة.

- أنا على استعداد دائماً وفي أي وقت للمشاركة في المناسبات الوطنية، وقد قمت بذلك وغنيت للوطن والأسرى.

- غنيت أغاني سريعة، لكنها معتمدة على فنون التراث، وهذه التي بقيت في ذاكرة الناس، وما زالت قريبة اليّ مثل: «الفرحة طابت»، «يا ناعم العود»، «شدة العربان» و«يا معيريس».

- أطرب الى الأغنيات المغنّاة بالشعر الفصيح، والألحان الأصيلة الباقية، ربما لأني غنيت في مرحلة فنية ثرية بالغناء الأصيل القوي، وما زلت أطرب لأغنيات تلك المرحلة.

- أغنيات جديدة عدة تظهر هنا وهناك يومياً من قبل بعض الفنانين الشباب، لكنها تتلاشى بسرعة بسبب ضعف معانيها وألحانها، لذلك أتحاشى مثل تلك الأعمال وأتبع أسلوباً خاصاً في الاختيار للحفاظ على الأصالة.

- عندما أجد لحناً وطنياً أو دينياً جيداً يمكنني أن أفكر به، لكن رغبتي الحقيقية هي التعامل مع القدماء.

- أغنية الطفل التي تقدَّم الآن يغلب عليها جانب التسلية وأهدافها غير واضحة، ومن الواجب على من يعد أغنية للأطفال أن يتعايش مع مرحلة الطفولة، كي يخرج بعمل يمتع الطفل وينمّي أحاسيسه، وهذا للأسف غير موجود، بالاضافة الى أن الأداء يجب أن يكون بصوت الأطفال كي يتعايشوا معه وليس بصوت الكبار.