يوسف الجلاهمة / ذكرى / كم تفتقدك صباحاتنا

1 يناير 1970 06:54 ص
|بقلم يوسف الجلاهمة|

كأنّي به اليوم، يجمعنا في السابعة صباحا لتقييم الساعات التي عدت ووضع العناوين والتفاصيل للساعات القادمة. وكأنّي به، ونحن في ذروة الحديث عن العمل يلتفت إليّ بحنو ويسألني بصوت هامس عن العائلة والاولاد والبناء والسكن وكل ما يمت بعلاقة لوضعي الشخصي، مسجلا بعض الملاحظات على ورقة، متابعا لها مثلما يتابع اموره الشخصية، حتى إذا حان موعد السابعة صباحا في اليوم التالي وأردت شكره في ذروة الحديث عن العمل ينسحب من الشكر بألقٍ وتواضع مكتفيا بكلمة واحدة: العفو.

«العفو» كلمة علنية في شخصيته، سرية في سحرها كان العفو من شيمه وهو الكريم ابن الكرام، استدراجا لمزيد من المطالب والابتسامات، وتأشيرة دخول إلى القلوب قبل العيون والعقول... كان العفو جسراً للمقدرة، وهو القادر بايمانه على العطاء من دون حساب والقدير باحترافه لعمله واخلاصه لمنصبه ومحبته لجميع الذين عملوا معه من دون تمييز أو تفرقة.

كأنّي به اليوم، بعد هذه السنوات، اول من يفتتح الدوام وآخر من يغادره، وكأنّي بنفسي وبزملائي نتسابق على الحضور، والتحضير، خوفا من نظرة عتب أو لفت نظر، وخجلا من عدم مجاراته في القدرة على العطاء بلا حساب... وكم كان الخجل نصيبنا امام رجل يفاجئك بطاقته الغريبة على الخلق والابتكار.

كأنّي به اليوم، بعد هذه السنوات، يمالحنا، يمازحنا، يشجعنا، يشعرنا بأنه اقرب الينا مما نعتقد، يقود المهمات والبرامج بأفق واسع وخطى سريعة ويمسك بيد من يتعثر أو يتباطأ بحنو وأبوّة ويدفعه امامه غير آبه بحواجز الطريق.

في مثل هذا اليوم - 24/ 6 حضرنا كالعادة في الساعة السابعة صباحا لتقييم ساعات عدت وترتيب الساعات القادمة.

كانت ساعة الرحيل أقرب الينا وكان الدمع هو جدول الاعمال الوحيد المشترك الذي لا خلاف عليه بين مسؤولي الادارات، وكان شريط الذكريات هو الزاد اليومي للاحاديث والحافز الدائم للنشاط والعطاء.

حمد يوسف الرومي، كم نفتقدك، وكم تفتقدك الكويت، وكم تفتقدك صباحاتنا واجتماعاتنا وأعمالنا، وكم نحتاجك علما في اعلامنا بعدما اتسع الأثير... أيها الراحل الكبير.