نادين البدير / مغلق للصلاة!

1 يناير 1970 06:28 ص
| نادين البدير |

هذه صورة يومية من مصير تتحكم فيه بعض «التطبيقات».

ينادي المؤذن للصلاة فيغلق البلد إغلاقا شبه كامل. كل الأماكن مقفلة. حتى أكثر المراكز حيوية وحساسية. الصيدليات. الأسواق التجارية. البقالات. المخابز. المطاعم...الجميع يرفع يافطة مكتوب عليها «مغلق للصلاة». يبادر موظفو الجهات الحكومية والخاصة وأقسام الشرطة بترك مكاتبهم وتعطيل أعمال مراجعيهم عند دخول الصلاة. أي جهة تخطر ببالكم مغلقة لحين انتهاء الصلاة. يتكرر تطبيق هذا النظام خمس مرات في اليوم والليلة. حالة من تعطيل للمصالح والاقتصاد والحياة.

«تطبيق» يبعث على الكسل ويشارك في تردي الحالة المادية في دولة بترولية. حتى اليوم ليس هناك أي مبرر وجيه يفسر إيقاف الحياة وقت الصلاة غير أنه رضوخ مطلق لـ«تطبيقات» تبتعد عن جوهر الدين.

في أحلك اللحظات الطارئة تتوقف على عجالة لتعبئة سيارتك فتفاجأ بأن وقت صلاة الظهر قد دخل وعليك انتظار قرابة ثلاثة أرباع الساعة حتى تفتح محطة البنزين. وأياً كانت الضرورة الملحة التي استدعت وقوفك هناك فلن يتزحزح النظام.

كأن الرابط مع الدين يتطلب إشرافا ورقابة وعقوبة، وكأن من شروط الالتزام تعطيل الحياة.

الطريف أن العدد الضخم من القوى العاملة الموجودة ينتمي لديانات مختلفة غير الديانة الإسلامية. وهؤلاء لا يجدون حلا غير التسكع حتى نهاية حالة الطوارئ المعتادة.

الصلاة تحولت لعادة، تحولت لقانون، لنظام. والروحانيات صارت روتيناً جماعياً يومياً. هناك جموع صابرة وصامتة. وهناك مجموعات سعيدة وراضية.

ما أتحدث عنه جزء من كل محبط. حتى في أكثر الاماكن العربية انفتاحا وحرية. رجل بلحية كثيفة تصل لخاصرته يظهر على الشاشة وبيده سلاح يحارب به المجهول، معرفتك بتاريخ أولئك تدفعك للاعتقاد بأنه حين يتحدث سيتكلم الأفغانية أو لهجة عربية من اللهجات التي تسود تنظيم «القاعدة» فتفاجئك لهجته اللبنانية. من خطر بباله يوما يظهر به ذلك المحارب الطالباني في لبنان؟

ثوار ينتفضون ضد ديكتاتورية وقمع بحثا عن غد حر مشمس، وآخرون يريدون إحياء عهد السلف، ويطمحون بحياة طالبانية جديدة. لكن فكرة طالبان تتنافى مع فكرة أي ثورة. كان على الجميع أخذ الحيطة. فمنذ متى يؤمن المتطرف بالثورة غير تلك التي يضمن بها الحكم لا مصلحة الوطن؟

كلنا نترقب ما سيحدث بمصر يوم 30 يونيو كي نعرف مصير الربيع، وكي يتضح مسمى محدد للثورات. فإما أن يعنونها التاريخ بثورة إرهابية مدمرة وإما ثورة حرية كبرى.

كلنا ننتظر.





كاتبة وإعلامية سعودية

[email protected]

mailto:[email protected]