د. وليد التنيب / قبل الجراحة / أفضل طرق علاج النحس

1 يناير 1970 04:42 م
كان سالم مصدراً للتشاؤم بين أصدقائه، الكل لا يتفاءل بوجود سالم معه.

أسماه أصدقاؤه «البومة» لقناعتهم بأنه نحس عليهم وعلى كل ما يحبون وعلى البلد!

وللعلم فالبومة مصدر تشاؤم عندنا ومصدر تفاؤل للغرب، أما نحن «صح» وهم «غلط» أو العكس، أو نحن وهم لا نفقه أي شيء في هذا المجال والغالب أن الرأي الثالث هو الصحيح، اي نحن وهم لا نفقه بالتشاؤم والتفاؤل.

لنعد لصاحبنا سالم وأصدقائه مرة أخرى، إذا خسر المنتخب لإحدى مبارياته فسبب الخسارة هو سالم من دون نقاش، سواء كان حاضراً للمباراة أو لم يحضر، أو شاهد المباراة عبر التلفاز أو سمع أن هناك مباراة... إذاً هو السبب.

أي حادث سيارة لأحدهم فهو بسبب سالم لأنه رأى السيارة حتى وإن كان قبل سنوات.

دخول أحدهم للمستشفى في البلد وعدم الموافقة على علاجه في الخارج هو بسبب سالم... في تصورهم.

خسارة أحدهم في البورصة أيضا بسبب سالم.

لم يكن سالم مصدراً للرزق لاحدهم أبداً.

إذا فاز المنتخب أو الفريق الوطني وسالم حاضراً للمباراة فهذا حظ وبالصدفة فقط.

إذا كسبت البورصة واخضرّت فبالصدفة والحظ.

سأل سالم نفسه يوماً هل فعلاً هو سبب تعاسة أصدقائه والبلد أم أن هناك أسبابا أخرى؟

قرر سالم أن يختفي عن أعينهم وعن الأماكن التي يتواجدون بها، قرر أن يختفي عن البلد وألا يسمع او يرى اخبار البلد، اخذ اجازة طويلة من غير مرتب من عمله.

كان قرار سالم واضحاً له، أنه لن يعود لهذا البلد الذي أحبه حتى العشق لأنه يريد الخير لهذا البلد.

سلم بحرارة على أصدقائه وتركهم لأفكارهم، لم يعد لسالم أي وجود في حياتهم أو بتفكيرهم، فهو قد سافر.

الكثير منهم تمنوا ألا يعود سالم لمجلسهم وان يختفي للأبد من حياتهم ظناً منهم أنه بعد اختفائه ستتحسن الأمور وسيختفي النحس الذي لازمهم منذ مدة، فمنتخبهم الذي كانت له صولات وجولات أصبح في وضع يرثى له بسبب سالم والنحس الذي جلبه لهذا المنتخب الفذ القادر على الفوز بكأس العالم لولا نحس سالم!

البورصة التي كانت مفخرة للبلد ومصدر رزق للكسالى والمغامرين المقامرين والشرفاء واللصوص، فقد خسرت وخسر الكل معها، طبعاً إلا من... (يصعب علي كتابة إلا من..).

المهم سافر سالم تاركا البلد وفي قرارة نفسه لا رجعة إليه تجنباً لدمار الوطن الحبيب إلى قلبه. بعد سفر سالم ازدادت أوضاع البلد سوءاً.

المنتخبات الوطنية التي كانت مفخرة البلد، كانت تفوز وتخسر بوجود سالم، أصبحت تخسر دائماً وقلّ جمهورها.

في البورصة التي سرقت فيها أموال الفقراء، وبعد رحيل سالم ازدادت السرقة، بورصة تتغذى وتكبر على إشاعات كبار التجار ليضحكوا ويمتصوا دماء وأموال الصغار. شوارعنا أصبحت اكثر زحمة وأسوأ تنظيماً بعد رحيل سالم.

نعم في كل دول العالم المتقدم والمتأخر هناك ازدحام و حوادث بشكل يومي ولكن الحلول حاضرة أولاً بأول مع استخدام أحدث الحلول وأفضلها لهم.

الكل لاحظ التردي و التراجع في البلد على كل الأصعدة.

كان القرار حاسماً! تشكيل لجان، كل في تخصصه، لجان وظيفتها تشخيص المشكلة وإيجاد الحلول المناسبة لها.

لجان شكلت من المثقفين في البلد، هذا ما كتب في الصحف ولكن الحقيقة أنها لجان انضم لها ابن عم فلان وزوج أخت فلان وابن أخت علان وكل ما ذكرت لا يفقهون شيئاً بالتخطيط والإدارة لأن كل واحد منهم يعتبر عنصراً فاعلاً في دمار البلد.

اجتمعت اللجان وللصدف كان قرارها واحداً أن سبب مشاكل البلد هو سالم!

وأن سالم يجب أن يعود للبلد ويتوضأ من ماء البلد ثم يؤخذ ماء وضوئه و يغسل به البلد لكي ينهض البلد ويزدهر.

بحثوا عن سالم ولكنهم لم يجدوه في مكان، فلم يترك سالم لهم بعد رحيله أي عنوان ليصلوا إليه.

قرروا تشكيل لجان أخرى للبحث عن سالم وانضم لهذه اللجان أشخاص على شاكلة اللجان السابقة.

استقر رأي اللجان على نشر إعلان بكل وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، إعلان ذو تكلفة بسيطة جداً... مجرد خمسة ملايين دينار، هل فهمت.

الاعلان عبارة عن جملة واحدة هي؛ ارجع لنا سالم

ومازال البحث مستمرا عن سالم.

هل تعرف أنت أي شيء عن سالم؟