حسين الراوي / أبعاد السطور / هم أغنياء عنك

1 يناير 1970 04:29 م
| حسين الراوي |

كم هو محزن جداً أن يخرج منك ما لا يليق بك تجاه المقاتلين من الشعب السوري دون أنفسهم وأعراضهم وأموالهم ووطنهم. لقد (اقسمت) حضرتك بالله العظيم بأنه لا يوجد (ولا واحد) من بين صفوف المقاتلين السوريين من الجيش الحر يقاتل من أجل إقامة التوحيد. فأي قسم عظيم هذا؟! أي إطلاع كبير وشاسع هذا؟! أم هل أنك تعلم ما في صدور الجيش الحر جميعهم حتى بلغت بك الثقة المطلقة بأن تقسم ذلك القسم الفضفاض؟! ثم تأتي وتذكر حكاية لشخص من الجيش الحر يتعاطى الحشيش قام بتفجير نفسه ضد جيش النظام السوري، وكأن هذه الحكاية وما فيها من تحشيش وتفجير للنفس هو الأمر السائد العام عند مقاتليّ الجيش الحر! ثم تقول إنك (تتحرج) من التبرع بالسلاح للجيش الحر! تتحرج! أتقول أنك تتحرج؟!! لا حول ولا قوة إلا بالله، قُرى آمنة مطمئنة دُمرّت عن بكرة أبيها وحضرتك تتحرج من التبرع بالسلاح لهم! أطفال نُحرت بالسكاكين كما تنحر أضاحي العيد، وحضرتك تتحرج من التبرع بالسلاح لهم! نساء طاهرات عفيفات شريفات تم خطفهن واغتصابهن وقتلهن، وحضرتك تتحرج من التبرع بالسلاح لهم! شباب واعد حر وكريم قُتلوا ومزقت أجسادهم بلا سبب، وحضرتك تتحرج من التبرع بالسلاح لهم! آلاف العائلات السورية الكريمة شُرّدت من ديارها وأصبحت لاجئة ذليلة ومكسورة الجناح، وحضرتك تتحرج من التبرع بالسلاح لهم! حزب الشيطان بجيشه وعدته وعتاده يقتل اخواننا في بلاد الشام على الهوية، وحضرتك تتحرج من التبرع بالسلاح لهم! تُدك البيوت هناك بلا رحمة بالصواريخ والغازات السامة، وحضرتك تتحرج من التبرع بالسلاح لهم! تخمد أصوات المآذن ولا يرفع الآذان للصلوات وتُفجر المساجد في العديد من المدن والقرى السورية، وحضرتك تتحرج من التبرع بالسلاح لهم! تخرج الكثير من مقاطع الفيديو لمن يجبرون المسلمين بأن يقولوا بأن لا إله إلا بشار، وحضرتك تتحرج من التبرع بالسلاح لهم! تسكن آلاف العائلات السورية في الخيام الصغيرة والبسيطة على الحدود مع الدول المجاورة في شدة البرد القارص والجوع الكافر والحاجة المؤلمة، وحضرتك تتحرج من التبرع بالسلاح لهم!

لقد جاء في تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي: (من قتل دون ماله) أي عند دفعه من يريد أخذ ماله ظلما (ومن قتل دون دمه) أي في الدفع عن نفسه (ومن قتل دون دينه) أي في نصرة دين الله والذود عنه (ومن قتل دون أهله) أي في الدفع عن بضع حليلته أو قريبته (فهو شهيد)، لأن المؤمن محترم ذاتا ودما وأهلا ومالا، فإذا أريد منه شيء من ذلك جاز له الدفع عنه، فإذا قتل بسببه فهو شهيد. اهـ. وجاء في شرح مسلم للإمام النووي: باب دليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان القاصد مهدر الدم حقه، وإن قتل كان في النار، وأن من قتل دون ماله فهو شهيد؛ فيه: أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت ان جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار. اهـ. وهل بعد هذا كله ما زلت تتحرج؟!! دعني أقولها لك بصريح العبارة: تحرّج أو لا تتحرج فأهلنا في سورية جميعاً هم بالله أغنياء عنك وعن كل من يتحرج من نصرتهم.

 

[email protected]

Twitter: @alrawie