أطفال التوحد... من يعرف قضيتهم؟

1 يناير 1970 07:10 ص
| بقلم د. أحمد سامح |


التوحد كثير من الباحثين يرونه حالة غامضة أو سلسلة متصلة من العجز النشوئي.

فالأطفال المصابون بالتوحد أشخاص عاديون من حيث الشكل الجسماني لكن حركاتهم لافتة للنظر.

والتوحد أو الذاتوية هو إعاقة متعلقة بالنمو وعادة ما تظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل وهي تنتج عن اضطراب في الجهاز العصبي ما يؤثر على وظائف المخ.

وعادة لا يمكن ملاحظة التوحد بشكل واضح حتى سن 24-30 شهراً من عمر الطفل وبعد ذلك يلاحظ ضعف التواصل الاجتماعي للطفل وضعف التواصل اللغوي وبعض المشكلات الحسية واضطراب السلوك.

أما عن أسباب التوحد فهي متعددة ولا يوجد سبب واحد قاطع لهذه الإعاقة ولكن هناك استعدادا جينيا للإصابة.

ونناقش في هذه الدراسات النظريات التي تتحدث عن أسباب التوحد مثل خلل بالجينات والاضطراب الأيضي والضغوطات أثناء الحمل وتدخين الأم.

ولعل الأمر الذي يعد من أصعب الأمور وأكثرها تعقيدا هو تشخيص التوحد خصوصا في العالم العربي حيث يقل عدد المهيئين بطريقة علمية لتشخيص التوحد ما يؤدي إلى وجود خطأ في التشخيص أو إلى تجاهل التوحد وعدم اكتشافه في المراحل المبكرة من حياة الطفل ما يؤدي إلى صعوبة التدخل وصعوبة العلاج في أوقات لاحقة.

كما تعرض في هذه الدراسة إلى طرق الوقاية من التوحد.

كما نتطرق إلى سؤال الأهل هل يتزوج المصاب بالتوحد؟

ويـــجـــب التأكـــيد على انه ليس هناك طريـــقة علاج واحدة يمكن أن تنجح مع كـــل الأشخـــاص المصابين بالتوحد كما انه يمكن استخدام أجزاء من طرق علاج مختلفة لعلاج الطفل الواحد.

عزيزي القارئ تشير الاحصائيات إلى ارتفاع نسبة الأطفال المصابين بالتوحد لتصل إلى طفل واحد من مئتي وخمسين طفلا وهي نسبة مخيفة جدا إذا ما قورنت بالأمراض الأخرى ولهذا كانت أهمية هذه الدراسة التي لا تتوافر المعلومات الخاصة عن هذه الاعاقة لدى الأطباء ووسائل الإعلام والأهل.

وتجيب هذه الدراسة على سؤال مهم يردده أصحاب المشاعر الانسانية والمثقفون والتربويون ونخبة من الأطباء... أطفال التوحد من يعرف قضيتهم؟




الأطفال المصابون بالتوحد أشخاص عاديون من حيث الشكل الجسماني لكن حركاتهم لافتة للنظر ولا تظهر الاعاقة الذهنية المرتبطة بالذكاء على طفل التوحد ولا يعاني ارتخاء الجسم بل إن جميع مراحل النمو عنده عادية ما عدا النواحي الادراكية ورغم انه لا يستخدم اللغة في شيء نافع إلا ان ذاكرته قوية.

• ما التوحد؟

- التوحد كلمة مترجمة عن اليونانية وتعني العزلة أو الانعزال autism وبالعربية اسموه «الذاتوية».

التوحد أو الذاتوية هو إعاقة متعلقة بالنمو وعادة ما تظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل وهي تنتج عن اضطراب في الجهاز العصبي ما يؤثر على وظائف المخ.

ويتصف التوحد بوجود تأخر في اكتساب اللغة لدى الطفل وضعف في العلاقات الاجتماعية مع من حوله كما يكون للطفل حركات متكررة أو اهتمامات محدودة وتظهر الأعراض عادة واضحة في ضعف التواصل الاجتماعي واللغوي منذ السنة الأولى أما في حالات أخرى فيكون الطفل قد مر بمرحلة تطور طبيعية ولكن حصل له تراجع ففقد المهارات اللغوية أو الاجتماعية بعد بلوغه السنة ونصف السنة أو السنتين.

ويعتبر التوحد من الاعاقات الصعبة التي تعرف علميا بأنها خلل وظيفي في المخ لم يصل العلم بعد لتحديد أسبابه يظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل ويمتاز بقصور وتأخر في النمو الاجتماعي والادراكي والتواصل مع الآخرين.

ويلاحظ ان الطفل المصاب بالتوحد فقط يكون طبيعيا عند الولادة وليس لديه أي اعاقة جسدية أو خلقية وتبدأ المشكلة بملاحظة الضعف في التواصل لدى الطفل ثم يتجدد لاحقاً بعدم القدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية وميله للعزلة مع ظهور مشاكل في اللغة ومحدودية في فهم الأفكار ولكنه يختلف عن الأطفال المتخلفين عقليا بأن البعض من المصابين بالتوحد لديهم قدرات ومهارات فائقة قد تبرز في المسائل الرياضية أو الرسم أو الموسيقى والمهارات الدقيقة ويتفوق عليه الطفل المتخلف عقليا في الناحية الاجتماعية.


مشاكل التوحد ونسبة حدوثه

يظهر التوحد في السنوات الثلاث الأولى من الحياة ويعرف التوحد بأنه عجز يعيق تطوير المهارات الاجتماعية والتواصل اللفظي وغير اللفظي واللعب التخيلي والابداعي لانه نتيجة اضطراب عصبي يؤثر على الطريقة التي يتم من خلالها جمع المعلومات ومعالجتها بواسطة الدماغ عن طريق السمع والبصر.

فطفل التوحد يسمع ولكن لا يفهم معنى الكلمات التي تخزن في الذاكرة وتدل على الأشياء وترتبط بها وهو يرى لكن لا يفهم معنى الصورة التي يرى فهي في الانسان الطبيعي تختزن في الذاكرة ويكون للصورة دلالة ومعنى، ففهم ما يسمع الطفل وفهم دلالة الصورة يمكنان الطفل الطبيعي من التواصل مع الناس والتعبير عن نفسه والتعلم واكتساب الخبرات.

واضطراب وظائف المخ هذه يسبب لطفل التوحد مشكلات في المهارات الاجتماعية تتمثل في عدم القدرة على الارتباط وتكوين علاقات مع الأفراد سواء كانوا من أفراد الأسرة أو الجيران أو الأهل والأصدقاء، ولأنه لا يفهم ما يسمع ولا يفهم ما يرى يكون غير قادر على اللعب واستخدام وقت الفراغ وعدم القدرة على التصور البناء والملاءمة التخيلية.

أما مهارات التواصل فهي تكمن في عدم القدرة على التعبير عن الذات تلقائياً وبطريقة وظيفية ملائمة وعدم القدرة على فهم ما يقوله الآخرون وعدم القدرة على استخدام مهارات أخرى إلى جانب المهارات اللفظية لمساعدة الفرد في القدرة على التواصل.

أما مشاكل التأقلم مع البيئة فهي تكمن في عدم القدرة على القيام بعمل وأداء وظيفي بفاعلية في البيئة وعدم القدرة على مسايرة وتحمل التغييرات في البيئة والتعامل معها بالاضافة إلى عدم القدرة على تحمل تدخلات الأفراد الآخرين.

وتشير الدراسات الاحصائية إلى ارتفاع نسبة الأطفال المصابين بالتوحد (الذاتوية) لتصل إلى طفل واحد من مئتي وخمسين طفلاً وهي نسبة مخيفة جداً إذا ما قورنت بالأمراض الأخرى (حسب الشبكة السعودية لذوي الاحتياجات الخاصة).

واعاقة التوحد تظهر في كل الأطفال بغض النظر عن العرق أو اللون أو المستوى الاجتماعي والتعليمي والثقافي للأسرة ونسبة الاصابة في الذكور أعلى من الإناث فهي 1:4.


في الحلقات المقبلة


• أسباب التوحد متعددة ولا يوجد سبب واحد قاطع لهذه الإعاقة

• أعراض الانطواء حول الذات «التوحد»

• العلامات والظواهر التي ترشد الوالدين أن طفلهم يعاني التوحد

• تشخيص التوحد من أصعب الأمور وأكثرها تعقيدا

• ليست هناك طريقة علاج واحدة يمكن أن تنجح مع كل المصابين بالتوحد

• تجيب هذه الدراسات على تساؤلات الأهل هل يتزوج المصابون بالتوحد؟

• سمات التوحد لدى بعض المشاهير


التوحد يمكن ان يصيب الطفل حتى في عامه الأول


بين باحثون اميركيون ان الطفل يمكن ان يصاب بالتوحد ولو كان عمره عاما فقط. واجرى الباحثون من معهد كيندي كرايجر في بالتيمور بولاية ميرلاند دراسة لمعرفة تأثير التوحد عند الاطفال الذين تراوح اعمارهم ما بين 14 - 36 شهرا حيث تبين ان نصف الذين يعانون من هذه الحالة يمكن اكتشافهم عند بلوغهم العام.

واشارت مديرة مركز «كريغر للتوحد» الدكتورة ريبيكا لاندا إلى وجود مؤشرات عدة على اصابة الطفل بالتوحد من بينها عدم وجود رغبة لدى الطفل للاتصال بغيره وعزوفه عن اللعب بالدمى او الاتصال بمن حوله وعدم اطلاق اصوات للتأكيد على وجوده او حتى التلفظ بكلمات وايماءات للتخاطب مع الغير.

وحثت لاندا الاهالي واطباء الاطفال على مراقبة هؤلاء من اجل توفير الدعم اللازم لهم قبل استفحال حالتهم.


خبراء يحثون على الكشف المبكر لمرض التوحد


تدفع مجموعة من أبرز اطباء الاطفال في اميركا بقوة من اجل اخضاع جميع الاطفال للفحص الطبي مرتين مع بلوغهم سن الثانية للكشف المبكر عن اعراض مرض التوحد الذي يصيب طفلا من 150 في الولايات المتحدة.

ويقول الخبراء ان بدء العلاج المبكر للاضطراب يساعد في تخفيف حدة المرض الذي وقف الطب الحديث عاجزا امامه.

وبحث المؤتمر السنوي لجمعية طب الاطفال الاميركية الذي عقد في مدينة سان فرانسيسكو تقريرين جديدين تناولا الاعراض المبكرة للمرضى التي يتوجب على أولياء الأمور ان يفطنوا لها بجانب التشديد على إخضاع الاطفال لفحوصات مبكرة.

ونشر التقريرين في دورية «طب الاطفال» في عددها الصادر في نوفمبر الماضي.

ويشدد التقريران على ضرورة اخضاع الاطفال المشتبه انهم مصابون بالتوحد للعلاج الفوري حتى قبل تشخيصه رسميا كما يحذر التقرير اولياء الأمور من إخضاع الأطفال لحميات غذائية خاصة او للعلاج بالطب البديل التي لم يثبت فعاليتها رسميا.

ويوصيان ان يتضمن البرنامج العلاجي اخضاع مرضى التوحد إلى 25 ساعة في الاسبوع على الأقل لجلسات سلوكيات تتضمن الانشطة التعليمية والتلقين على التحدث.

وقالت د. كريس جونسون من مركز علوم الصحة: بجامعة تكساس في سان انطونيو والتي ساهمت في وضع التقرير «يأتينا الاباء حاليا وهم قلقون بشأن التوحد قبل عقد مضى لم يعلم احد بشأن هذا المرض».

ومن جانبه علق د. سكوت مايرز على جانب من مؤثرات تنامي التوعية حول المرض قائلا «التوعية يرافقها القلق غير الضروري تلك المصادر ستساعد في تثقيف القارئ بشأن الاشياء التي يتوجب القلق منها».

ويشار إلى ان دراسة علمية حديثة اظهرت ان مرض التوحد يصيب طفلا واحدا على الاقل من بين 150 طفلا في الولايات المتحدة ما يعد مؤشرا على ان معدلات انتشار هذا المرض تفوق كل التوقعات.

واعتبرت الدراسة ان انتشار مرض التوحد بين الاطفال الاميركيين وفق هذا المعدل يعكس الحاجة إلى اتخاذ اجراءات طبية اكثر صرامة لمنع انتشاره.

ووصف مسؤولون حكوميون نتائج الدراسة بأنها «مفاجئة كاملة» في اشارة إلى ان تلك النتائج جاءت على عكس ما كان يتوقعه المسؤولون الاميركيون.

مازال العلماء يجتهدون في البحث عن المزيد من الحقائق حول «عالم التوحد» الذي ازداد الانتباه له عالميا مع تزايد اعداد المصابين به في الآونة الأخيرة.