«لقاء الراي» / رأى أن الكويت لديها من الامكانات والطاقات وتحتاج الصدق والوقوف في وجه «مؤسسة الفساد»

محمد العليم: تجب إحالة كل مجلس الوزراء في قضية «الداو»... وأنا معهم وأبصم بالعشرة (فيديو داخل المقال)

1 يناير 1970 07:10 م
| اعداد باسم عبدالرحمن |

وصف وزير النفط الأسبق محمد العليم الغرامة المدفوعة إلى شركة «داو كيميكال» من قبل الحكومة الكويتية بـ «خطيئة جسيمة بحق المال العام، بعد إلغاء الصفقة مع الشركة الأميركية، مطالبا بإحالة «مجلس الوزراء في ذلك الوقت الى محكمة الوزراء وانا معهم وابصم بالعشرة على ذلك»، وكذلك المجلس الاعلى للبترول، لأنهم من قادوا الموضوع في ذلك الوقت لا البحث عن كبش فداء.

وطالب العليم الذي كان وزيرا للنفط أوان إبرام الصفقة، وغادر منصبه قبيل إلغائها، بالبدء «بمحاسبة الكبار حتى يحترمنا الناس، ومجلس الوزراء إن احال محمد العليم وحده «فلا طبنا ولا غدا الشر»، مؤكدا أن الكويت لديها من الامكانات والطاقات من افراد تفوق اكثر مما نتوقع، لكنها تحتاج الصدق والوقوف بوجه ما أسماه «مؤسسة الفساد»، معربا عن يقينه بأن «لدينا قضاء مستقلاً يجب ان يذهب اليها الملف لتسجيل العبرة لا ان يكون هناك بحث عن (كبش بيت العز)».



وقال العليم في «لقاء الراي» الليلة قبل الماضية، ان دفع التعويض كان بقرار من مجلس الوزراء، بعد تشكيل لجنة درست الامر فهناك فوائد بربع مليون دولار يوميا واعتقد ان هناك أجندات سياسية، مشيرا إلى أن وزير النفط الحالي هاني حسين «النظيف العفيف اتهموه بانه تابع للحركة الدستورية، ونحن نتشرف به وليس له علاقة بالموضوع»، مضيفا أن الحركة الدستورية كانت تبحث عن الحقيقة في ملابسات الصفقة، وهذا ليس عيبا لذلك، وعندما لم تُمكّن منها قدمت استجوابا حُل المجلس بناء عليه.

كما حمل العليم الحكومة مسؤولية تداعيات الإلغاء، بعدما اعتبر أنها استجابت لتهديدات سلطة اخرى هي السلطة التشريعية، وهؤلاء النواب يجب ان يحاسبهم الشعب، كما على المجتمع ألا يسامح هؤلاء النواب والصحيفة، لا ان يتم الحديث فقط عن عمولات، متسائلا: «هل النواب (متعودين) على العمولات؟».

وحذر العليم من أننا «نعيش فترة زحف السلطات على بعضها البعض وهو ما يدمر الكويت لأن مشروع الداو جريمة تنازل سلطة عن سلطاتها لسلطة اخرى والازمة السياسية الموجودة بالبلد نتيجة لهذا الزحف، حسب تعبيره. وفي ما يلي وقائع اللقاء:





• «الداو» معنا منذ عام 2001 وبلغت استثماراتهم نحو 6 إلى 7 مليارات دولار ومشروع الشراكة بدأ قبل أن أصبح وزيراً

• المشروع كان يتوافق مع استراتيجية البحث عن شريك لدخول أسواق عالمية وتنمية القيمة المضافة لبرميل النفط

• الدراسات أعيدت بعد التقلبات في الأسواق العالمية وكان المشروع أيضاً مجدياً ومعدل عائده الداخلي 12 في المئة

• لست سعيداً أن أقف في هذا الموقف كشاهد على «جريمة قتل بشعة» لا أحب أن أرى مشاهدها الحزينة

• المشروع استغرق عامين ونصف العام وقدمت فيه 3 آلاف ورقة دراسة وبحث فيه 200 فني و5 مكاتب وبيوت استشارية عالمية وبحثت 15 ألف وثيقة

• قضايا كثيرة مرت لم ينتبه لها الناس لكن هذه القضية مؤلمة لأنه دفع من المال العام

• أنا سعيد جداً بإحالة الملف للنيابة لأنها خطوة مستحقة منذ زمن طويل وانتظرنا إلى أن أصبحت «الفأس بالرأس»

• المشروع ليس «كروتة» أو «تدبيساً» كما أثير في بعض الصحف ومن بعض الكتاب ... لكنه مر بجميع إجراءاته القانونية واللائحية

• بعد تقلب السوق أعادت اللجنة المالية الدراسة وأوصت بتقليل قيمة الصفقة من 9 مليارات دولار الى 7.5 مليار

• «العمل الشعبي» كتلة وطنية بها قامات وطنية نحترمها ونقدرها واعتقد أنها أخطأت في قضية «الداو» ومن يخطئ يجب أن يحاسبه الشعب

• استطاع الاخوان المتفاوضون التخفيض الى 1.3 مليار وهو إنجاز يحسب للمجلس وفريق التفاوض

• الشرط الجزائي بمجرد الإلغاء تسدد قيمته دون إثبات الضرر من قبل المتضرر بينما سقف التقاضي ألا تتجاوز مطالبات المتضرر مبلغاً معيناً

• لو ذهبت «الداو» للمحكمة ولم تعط سوى 100 مليون بعد إثبات الضرر بموجب سقف التقاضي لحصلوا على هذا المبلغ فقط

• المشروع مرّ بجميع القنوات القانونية ابتداء من مجلس إدارة «البتروكيماويات» ومجلس إدارة «البترول» و«المجلس الأعلى»

• لا تخضع شركات النفط للرقابة المسبقة بموجب القانون لكنها تخضع لرقابة الديوان اللاحقة أي بعد توقيع العقود

• السلطة التنفيذية تنازلت عن جزء من صلاحياتها وسلطاتها إلى السلطة التشريعية بعد التهديد لترضخ الحكومة وتلغي المشروع

• لا ألوم المجلس بل الحكومة التي اتخذت القرار بعد أن تنازلت عن صلاحياتها

• ناقلات النفط «جريمة العصر» لا يسكت عنها ولو بعد مئة عام وكذلك جريمة «سانتافي» واللصوصية من أناس لا تخاف الله كانوا على رأس المسؤولية

• الحربش كان يريد حقيقة إلغاء الصفقة لأن التكلفة كبيرة في الحالتين ولجنة التحقيق «فُركشت» بسبب الحكومة وبعض النواب

• فلتسألوا أحمد باقر أين ... كان وهل حضر جميع جلسات «الأعلى للبترول»؟

• لدينا قضاء مستقل يجب أن يذهب إليه الملف لتسجيل العبرة ... لا أن يكون هناك بحث عن «كبش بيت العز»

• الواقع يبين أن نحو 10 مليارات دولار ضاعت على الكويت الى جانب الغرامة وربما كان المبلغ تغير بعد عام أو أكثر

• الآن بعد مرور 5 سنوات أتحداهم لماذا لم يذهبوا الى النيابة بورقة تثبت وجود تكسب

• أشكر رئيس الوزراء لأنه طلب تسجيل معارضتي لأنني كنت الوحيد... وبعض الوزراء قالوا ان هناك خطأ بالقرارات واستغرب لماذا لم يعارضوا وقتها

• أخطرت المجلس الأعلى للبترول بشأن الشرط الجزائي وهذا مدون في مضابط مجلس الوزراء وعدم وجود أحمد باقر ليست مشكلتي

• هذا السياسي الذي يقول أن لديه ورقة لماذا لم يذهب للنيابة طيلة هذه الفترة للدفاع عن المال العام؟ فهو إما كذاب إما لديه هدف آخر!

• «الأعلى للبترول» رفض الاستجابة للتهديدات وقدم كتاباً الى رئيس الوزراء عن تعرض القطاع لحملة تخوين تجاوزت حدود النقد المباح

• مجلس الوزراء ألغى الصفقة وطلب تنفيذ الالغاء وأكد نزاهة العاملين بالنفط وتقديره لمن قدم الدراسات بموجب اجراءات قانونية سليمة





• بداية لماذا اختيار شركة الداو كيميكال كشريك في صناعة البتروكيماويات في ظل الازمة المالية العالمية، فهل كنا منقذين للشركة من هذه الازمة؟

-قبل 5 سنوات بتاريخ 27 ديسمبر 2008 في «لقاء الراي» كان لي حوار حول شراكة الداو التزمت من بعده الصمت طيلة هذه المدة حتى اليوم، واليوم لست سعيدا ان اقف في هذا الموقف وفي هذا الوقت وهذه الاوضاع، لأنني امثل نفسي كشاهد على جريمة قتل بشعة لا احب ان أشاهد مشاهدها الحزينة.

• ما الذي منعك طيلة هذه المدة من الحديث عن صفقة الداوكيميكال؟

-برغم التجريح والتطاول احيانا والتجاوز حتى في اللفظ ليس بسبب عدم القدرة على الرد لكن بسبب الكويت، لأنني كنت وزيرا معنيا في ذاك الوقت، وكنت «احاتي» اي كلمة تقال قد تحسب على الكويت، خاصة في مسألة التقاضي، الى ان اسدل الستار على الموضوع وانتهى نهاية محزنة للشعب الكويتي، ولي شخصيا ولكل وطني.

المشهد صراحة لا يسعدني بالمرة لعدة اسباب اولها، ان نأخذ العبرة من هذا الموقف كونه درساً ارتبط بغرامة مزعجة ومؤلمة انتبه الناس لها، وياما قضايا كثيرة مرت لم ينتبه لها الناس لأنها انتهت. لكن هذه القضية كانت مؤلمة لأنها دفع مال من المال العام، وكنا ننبه بأن الوضع خطر وحذرنا من ذلك، لكن في نفس الوقت اقول انه جرح لكن ينبغي ان نستلهم منه، لكي نبني المستقبل وتنمية الكويت.

السبب الآخر الذي جعلني اقف اليوم في هذا الموقف حتى لا يصبح الضحية هو الجاني، والا يُبحث عن ضحية بيت العز او كبش فداء، لأن هناك بحثاً عنها، لكني لا ارضى بذلك وسأحاول قدر ما استطعت اظهار الحقيقة في كل مكان حتى لا تسجل القضية ضد مجهول.

• لماذا الكويت التي تختارها الداو كشريك في مجال البتروكيماويات؟

- «الداو» معنا بالكويت منذ عام 2001، وبلغت استثماراتهم معنا نحو 6 الى 7 مليارات دولار، ومشروع الشراكة بدأ من عام 2006 قبل ان اصبح وزيرا بنحو سنة واربعة شهور، ولم تكن هناك ازمة مالية عالمية، وكان المشروع يتوافق مع استراتيجية المؤسسة في مجال البتروكيماويات، للبحث عن شريك اجنبي للدخول في اسواق عالمية وتنمية القيمة المضافة لبرميل النفط الكويتي، وبدأ المشروع بعد ان تعب عليه مدة عامين ونصف وقدمت فيه 3 آلاف ورقة دراسة، وبحث فيه 200 فني و5 مكاتب وبيوت استشارية عالمية، وبحثت 15 الف وثيقة، واعيدت الدراسات بعد التقلبات في الأسواق العالمية. وكان المشروع ايضا مجديا ومعدل عائده الداخلي 12 في المئة.

• لكن عندما كشف رئيس الداو تفاصيل الصفقة في حديثه لاحدى القنوات الاميركية نشر على الانترنت، بدا وكأنه نوع من السخرية منا؟

-الشريط لديّ مترجم ونبرة السخرية كانت من قبل المذيع لا رئيس الداو، الذي قال ان دول الخليج تبحث عن القيمة المضافة والدخول في شراكة استراتيجية.

• الى ماذا افضت الدراسات في مشروع شراكة الداو؟

-هذه الدراسات مسجلة في محاضر المجلس الأعلى للبترول وهو ما سيعرض على النيابة العامة، وانا سعيد جدا بهذه الاحالة للنيابة، لأنها خطوة مستحقة منذ زمن طويل، وانتظرنا الى ان اصبحت الفأس بالرأس، وسيتبين من محاضر المجلس الاعلى للبترول ومجلس الوزراء كل القرارات.

• هل كان اعضاء المجلس الأعلى للبترول ضمن الفريق المفوض لتوقيع الصفقة مع الداوكيميكال؟

- المجلس الاعلى للبترول قراراته نافذة، ويبحث في الفرص ويطبقها على الاستراتيجيات، وتعرض عليه الجدوى من المشروع واقتصادياته، ويتخذ قراراته بشأنها والمجلس وافق في 20 نوفمبر 2008 على تقرير اللجنة المشتركة وتوصياتها بأن يتم التفاوض والمضي، وهذا بعد تقلبات الاسواق العالمية، وقبلها في عام 2007 وافق المجلس على البحث في الدراسات التفصيلية للمشروع.

المجلس هو مجلس قرار، اما الفرق التي ذهبت للتفاوض فهي تابعة لشركة PIC مع مستشارين عالميين، وعددهم 5 بيوت استشارية. فالمشروع ليس كروتة او تدبيسا كما اثير في بعض الصحف المثيرة للازمات وبعض الكتاب، لكن المشروع مر بجميع اجراءاته القانونية واللائحية.

• بعد 9 اشهر من الدراسة اعيد التفاوض مع شركة الداو وتناقصت قيمة الصفقة من 9 مليارات دولار الى 7.5 مليار، فعلى اي اساس حدث هذا التخفيض؟

-اللجنة المالية والاستراتيجية في المجلس الاعلى للبترول درست الموضوع بناء على دراسات مقدمة من شركة PIC. وبعد تقلب السوق اعادت الدراسة واوصت بتقليل قيمة الصفقة. وقامت اللجنة المالية في الاعلى للبترول بتأييد رأي شركة البتروكيماويات، حيث ان الدراسة كان بها تحفظ بتخفيض الشراكة بحدود 500 الى 600 مليون، ليكون العائد جيدا الذي نزل الى 11 في المئة بعد تقلبات الاسواق.

• في اجتماع المجلس الأعلى للبترول ابدى الوزير الشيخ صباح الخالد وقتها، تحفظه على قيمة الصفقة والتفاوض لتخفيض القيمة. وذهب وفد لهذا الطلب بنهاية الاسبوع وخفضت القيمة بنحو مليار ونصف المليار في عطلة نهاية الاسبوع، فكيف وافقت الداو على التخفيض؟

-مجلس البترول اعطى التوجه للتفاوض بسبب وضع السوق والدراسات الموجودة، فتم النقاش مع الداو لتخفيض القيمة، لأن «الاعلى للبترول» طلب الا يقل التخفيض عن مليار دولار، واستطاع الاخوان المتفاوضون التخفيض الى 1.3 مليار، وهو انجاز يحسب للمجلس وفريق التفاوض.

• لكن ماذا بشأن الشرط الجزائي؟

-ليس الامر شرطا جزائيا بل سقف تقاض، والأمر بين اللفظين مختلف تماما، وهو ما يتسبب بدوره في إحداث لغط بشأن مشروع الداو، فان لم يكن هناك سقف يستطيع المتضرر ان يرجع على مبلغ الصفقة كاملا، وفق القانون ويسمى «كاب».

الشرط الجزائي بمجرد الإلغاء تسدد قيمته دون اثبات الضرر من قبل المتضرر، بينما سقف التقاضي الا تتجاوز مطالبات المتضرر مبلغا معينا، فمثلا حدثت شراكة ايه ام غلوبال مع الكويت والداو، وسقف التقاضي كان 50 في المئة على مجمل الصفقة، منها 25 في المئة في ما يخص الكويت، والشراكة بين الداو ورومن هاس كان سقف التقاضي 18 مليار دولار، وشرط جزائي بـ750 مليون دولار. ولو اثبتت رومن هاس اضراراها ربما تحصل على 18 مليارا. وفي ما يخص صفقتنا مع الداو فان الشركة تطالب بمطالبات تم رفض 60 في المئة منها بموجب سقف التقاضي، وهو امر يحدد سلفا من قبل فرق التفاوض، والداو كانت تطلب 5 مليارات دولار كسقف للتقاضي، فهذا السقف سلاح ذو حدين يحدده الطرفان بالاتفاق.

لو عملت «الداو» مثلا مدة عامين ونصف العام، ثم ضيعوا علينا فرصا استثمارية مع شركات اخرى، يحق للكويت ان تستخدم سقف التقاضي لمقاضاة الداو، ولو ذهبت الداو للمحكمة ولم تعط سوى 100 مليون بعد اثبات الضرر امام القاضي بموجب سقف التقاضي لحصلوا على هذا المبلغ فقط.

• في 22 ديسمبر 2008 لوحت كتلة العمل الشعبي باستجواب ناصر المحمد ان تمت الصفقة مع الداو، فهل مر المشروع بكافة الاجراءات القانونية؟

-الداوكيميكال مر بجميع القنوات القانونية ابتداء من مجلس ادارة شركة البتروكيماويات ومجلس ادارة مؤسسة البترول الكويتية والمجلس الاعلى للبترول وتمت الموافقة على المشروع.

وهل وافقت لجنة المناقصات وديوان المحاسبة على المشروع؟

ديوان المحاسبة بموجب كتابه الرسمي انه لا تخضع شركات النفط للرقابة المسبقة بموجب القانون، لكنها تخضع لرقابة الديوان اللاحقة، اي بعد توقيع العقود، وان تقوم الشركة الموقعة للعقد باخطار الديوان في موعد اقصاه 10 ايام، وهذا حدث واخطرناهم بالفعل في هذه الفترة القانونية، اما في ما يتعلق بالفتوى والتشريع فالمرسوم رقم 12 لسنة 1960 لا يعد الشركات البترولية من الجهات التي تلزم بعرض عقودها على الفتوى.

• إذاًً من يراقبكم؟

-ديوان المحاسبة برقابته اللاحقة ومجلس الامة ولجان التحقيق، وهناك محاكم وقضاء فنحن دولة مؤسسات بها 3 سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية، وهناك مؤسسات تخصصية كشركات النفط والبتروكيماويات لها لوائح ونظم، وهدم احد اسسها يكون نتيجته ايقاف اعمال هذه المؤسسات، لكن ما حدث ان إحدى هذه السلطات وهي السلطة التنفيذية تنازلت عن جزء من صلاحياتها وسلطاتها الى السلطة التشريعية، بعد التهديد لترضخ الحكومة وتلغي المشروع.

ليس صحيحا إن حدث خطأ في قطاع النفط او غيره ان تصبح خطيئة تعمم على كافة القطاع، فقضية ناقلات النفط جريمة العصر لا يسكت عنها ولو بعد مئة عام، وكذلك جريمة سانتافي وغيرهما، فهذه الجرائم واللصوصية في قطاع النفط من اناس لا تخاف الله كانت على رأس المسؤولية، لا يعني ان نقول ان كل القطاع حرامي، فكلما خرج مشروع قالوا «هذولا حرامية»، وهو اشبه بمن دعم سيارته فمنع كل عياله من ركوب السيارات وركبهم بعارين، واصبحت كل مشاريعنا الان بعارين.

انا لا الوم المجلس بل السلطة التي اتخذت القرار بعد ان تنازلت عن صلاحياتها.

•ما العائد المادي الذي كان سيترتب على صفقة الداو كيميكال؟

-الجدوى الاقتصادية للمشروع كانت تشير الى انه متوقع ان يحقق 5 مليارات خلال 4 سنوات، اعتبارا من عام 2009 وحتى عام 2012. لكن الواقع يبين انها صعدت الى نحو 10 مليارات دولار، فهي مبالغ ضاعت على الكويت الى جانب الغرامة، اي انه ضاع على الكويت 10 مليارات مع خصم الضريبة والتكلفة منها، وربما يتغير المبلغ بعد عام او اكثر. لكن ما اشيع عن الصفقة انها شراء مصانع سكراب، فاي سكراب يحقق 10 مليارات دولار؟ اما سكرابهم مشروع «ايكويت» الموجود بالكويت يستهلك 85 في المئة منه دفتريا وبرغم ذلك ينتج عنه نصف مليار.

ليس عيبا ان نتخوف ونتوجس ونسأل وبعض اعضاء مجلس الأمة تأتيه الورقة ويتخوف، لكن الأمر يتعلق بحقيقة هذه الورقة من عدمه، والجدوى الاقتصادية اثبتت نجاحها.

مجمعات النفط في الكويت برغم انها قديمة منذ الستينات تنتج نفطا وتعمل، وكذلك المصافي التي يعود بعضها للسبعينات ما زالت تعمل.

ما يؤلمني ان التشويش الذي حدث وان المشروع «سكراب» وعديم الفائدة واننا حرامية وان تقوم جريدة وبعض السياسيين بالحديث عن شبهة تكسب والان بعد مرور 5 سنوات اتحداهم لماذا لم يذهبوا الى النيابة بورقة واحدة تثبت وجود تكسب دون ان تخافوا الله، فهؤلاء ابناء عوائل واهل بيوت واناس نظيفين، ما اسهل ان تقط التهم.. اخاف غدا ان يتهموني انا واولادي انني بواق وحرامي. وهذا السياسي الذي يقول ان لديه ورقة، لماذا لم يذهب للنيابة طيلة هذه الفترة للدفاع عن المال العام؟ فهو اما كذاب وإما لديه هدف آخر.

• في 29 ديسمبر 2008 طلب مجلس الوزراء من المجلس الاعلى للبترول الغاء صفقة الداو، على اي أساس طلب الغاءها وكيف حدث؟

-مجلس الوزراء ألغى الصفقة وطلب من الأعلى للبترول تنفيذ الغاء الصفقة. وقال مجلس الوزراء في احد قراراته انه يؤكد على نزاهة العاملين بالنفط وتقديره لمن قدم دراسات الصفقة بموجب اجراءات قانونية سليمة، والسند في الغاء الصفقة، وانا غير مقتنع به، فالصفقة تمت الموافقة عليها في 24 نوفمبر 2008، ووقعت في 28 من نفس الشهر، بعد دراسات مستفيضة واحترم اراء فنية كريمة في المجلس الاعلى للبترول.

في 20 نوفمبر 2008 قُدم بسبب ظروف اقتصادية او سياسية اثبتت جدوى المشروع، بعد تقلبات السوق وانه يحقق 12 في المئة مع اسوأ الظروف، وقبل التوقيع قدمت المؤسسة 3 سيناريوهات وأبلغونا انهم يدعمون الصفقة وجدواها، لكن قبل توقيع العقد طرح إما تأجيلها لما بعد التقلبات السوقية وإما الغاؤها او التفاوض بشأنها، لكن المجلس الاعلى للبترول رفض وطلب الموافقة على المشروع، واخطر ديوان المحاسبة قبل مرور 10 ايام على التوقيع، واصبحنا ملتزمين بالصفقة. وحدث بعدها التهديدات بسحب المشروع، واعضاء الاعلى للبترول رفضوا الاستجابة لذلك، وقدموا كتابا صيغته غريبة بعد التوقيع الى رئيس الوزراء، ان القطاع النفطي تعرض لحملة تخوين تجاوزت حدود النقد المباح، وطالب باعلان الحقائق امام الشعب كاملة، ويفهم من الكتاب ان هناك حملة سياسية تتهم النوايا، وقرار مجلس الوزراء بعد التوقيع فحواه يرحب باي نقد بناء، لكنه يرفض تسييس التعامل مع المشروعات الحيوية والشحن الاعلامي السلبي الذي يضر بمصلحة البلاد، اي ان مجلس الوزراء والمجلس الاعلى للبترول حاضر في ذهنه الشحن السياسي، اي ان القضية سياسية فطلب مجلس الوزراء الاجتماع وحدث ذلك ليومين.

• لماذا ترى ان سبب الغاء الصفقة سياسي بحت؟

-لأن مجلس الوزراء طلبنا في جلسة في 23 ديسمبر 2008 ثم في 24 من نفس الشهر، وتكلمت واعلنت رأيي، وكان هناك نقاش عام، وكان هناك موقف جيد من بعض الوزراء مع وجود ممانعة لإلغاء المشروع في اجتماع اول يوم وفي ثاني يوم، بعدما بينت مخاطر إلغاء المشروع، وهو مثبت في محاضر الاجتماع، قدم لامانة مجلس الوزراء، خاصة في ما يتعلق بالشرط ونص المادة 111 بـ 10/1، انه يحق للشركة الغاء اي شرط يخالف قانون ساري المفعول. وطالبت بأخذ النقاط التالية مأخذ الجد والاعتبار، لكن للاسف تم التركيز على هذه المادة، وراهنوا عليها كمدخل لالغاء الاتفاقية. وقلت انها ليست حصنا في منع الشركة من المطالبة بالتعويض. ومجلس الوزراء شكل لجنة لبحث الأضرار لأنه يتوقع مطالبة الداو بتطبيق شروط الاتفاقية للمتضرر، في حال عدم اتمام العقد مع استيفاء بقية شروط التعاقد، بحيث يكون من حق المتضرر المطالبة بالخسائر والأضرار المتعلقة برفض الطرف الآخر اتمام الصفقة، وليس لأسباب لا تتعلق بالصفقة، بما لا يتجاوز 2.5 مليار دولار وقد أضيف ذلك لمحضر مجلس الوزراء.

• في توصية مجلس الوزراء للمجلس الاعلى للبترول الغاء العقد باطار قانوني سليم يحفظ للدولة مصالحها، فهل حدث هذا؟

-النص الذي وجهه مجلس الوزراء كونه اليد الأعلى لأنه مهيمن على القرارات برغم عدم اقتناعي بقضية الالغاء، لأن السبب كان اقتصاديا، وفي الجمعية العامة للمجلس الاعلى للبترول والشركات المملوكة للدولة، يجب ان يخرج قرار الالغاء من عنده، ووجه شركة البتروكيماويات لالغاء العقد، والالغاء حدث بتوجه من مجلس الوزراء والاعلى للبترول الغى الصفقة وقد رفضت ذلك، واشكر سمو رئيس الوزراء لأنه طلب تسجيل معارضتي، لأنني كنت الوحيد المعترض، وبعض الوزراء خرج وقال ان هناك خطأ بالقرارات، واستغرب لماذا لم يعارضوا وقتها، واستحضر هنا محافظ البنك المركزي الذي عرض الآثار الاقتصادية التي بناء عليها اتخذ قرار الالغاء، وبرغم انه عضو في المجلس الاعلى للبترول لم يحضر ولا مرة في اجتماعات المجلس المتعلقة بالداو، وكذلك هناك بعض الأعضاء لم يحضروا، فلماذا حضر في هذه الجلسة بعد غيابه عن الجلسات السابقة؟

• ان كان يحق للطرف الكويتي الغاء المشروع بموجب قانون مسبق او بقرار من سلطة أعلى من سلطة شركة البتروكيماويات، فلماذا لم تلجأوا لها؟

-الدولة دخلت من هذا المدخل وكنت اتمنى نجاح هذه المساعي، برغم تحذيراتي ان ذلك ليس حصنا للإفلات من الغرامة، فالبند لم يحدد مجلس الوزراء بل تحدث عن قانون او مرسوم يتعارض مع التعاقد.

• هل الالغاء من اجل الأسباب السياسية يستحق المغامرة باموال الدولة؟

- هذا ما جعلني اؤكد ان ما حدث موقف سياسي وثنايا قرار مجلس الوزراء والاعلى للبترول تؤكد ذلك. في أحد اللقاءات المتعلقة بالمشروع وتكلم احد نواب رئيس الوزراء، وقال ان القضية ليست فنية بل انه لو مر المشروع سيكون ضحيته هذا الرجل واشار باصبعه الى رئيس الوزراء. فكيف نفسر ذلك في قضية فنية لمصلحة بلد وهل هذا كلام معقول؟ هذا قرار سياسي الف في المئة واعتداء على المال العام مقابل قضية سياسية وستثبت الايام ذلك. واعتقد انه كان هناك اكثر من خيار اما بصعود المنصة او حتى حل مجلس الامة لكن اضعف حلقة عندهم المال العام، ونحن عجزنا وللاسف انا لست سعيد بهذا الحوار في هذا المشهد، فاجمالي الارباح بلغت 10 مليارات دولار كان لنا نصفها.

فرحت عندما احيلت القضية للنيابة لأن هناك لا يمكن ان نقولها هنا بموجب موانع قانونية لسرية بعض المحاضر لكنه سيتضح امام القضاء.

• السقف الاعلى للتقاضي المحدد بـ2.5 مليار دولار، اي نحو 28 في المئة من الصفقة بعد الغاء المجلس الاعلى للبترول للمشروع، هل تراه شرطا طبيعيا؟

-لم يوجد شرط جزائي في صفقة الداو وهذا يحسب لنا لكن سقف التقاضي يحفظ حق جميع الاطراف والقضية تفصيلية موجودة بالجهاز التنفيذي والقانوني، لكن هل تم طرق الباب في مسألة إمكانية خسارة القضية وامكانية التفاوض مع الداو وقد تركت الوزارة بعد ذلك بـ10 أيام؟ وحسب ما اعلم من بعض المتابعات ان «الداو» حاولت وجاءت للكويت لايجاد مخرج قبل اللجوء لهيئة التحكيم الدولي. ولا اعلم ما حدث مع الوزراء ولا الاسباب، لكن ما اعرفه انه لم يحدث شيء وربما لدى الاخوة الوزراء معلومات بشأن ذلك.

• جريدة الراي قبل ايام ذكرت ان النائب مسلم البراك اتصل بالوزير وعضو المجلس الاعلى للبترول وقتها احمد باقر، وقت الصفقة، وسأله عن الشرط الجزائي، فابلغه انه لا يعلم عنه وبعد الاتصال بالاخ سعد الشويب، ابلغ باقر البراك بالموافقة، فكيف لا يعلم باقر بالأمر وانت تقول انك ابلغت الجميع؟

-كون الاخ احمد باقر لم يكن موجودا فهذه ليست مشكلتي لأنني اخطرت المجلس الاعلى للبترول، وهذا مدون في مضابط مجلس الوزراء وتكلم فريق شركة البتروكيماويات والاخ سعد الشويب والاخت مها ملا حسين، ومسألة عدم وجود باقر يمكن ان تسألوه عن ذلك.

هذا الكلام موجود بمحاضر الوزراء فماذا اقول للاخ باقر برغم من اثبات هذه المخاطر من الغاء الصفقة بمحاضر رسمية؟ فلتسألوه اين كان وهل حضر جميع جلسات الاعلى للبترول؟ ولو رجعنا لهذه الفترة نعرف تصريحات النواب بوسائل الاعلام عن الشرط الجزائي، واصبحت الناس كلها تعرف فكيف بوزير لا يعلم.. لا أعلم.

• قدمت استقالتك كما قدم قيادون في الأعلى للبترول استقالاتهم في يناير 2009. ألم يساهم ذلك في تراجع الحكومة عن إلغاء الصفقة؟

-الأخوان الافاضل اعضاء الاعلى للبترول كافحوا كثيرا ورفضوا الغاء الصفقة بعد الموافقة عليها بأيام وهم يرون أوضاع السوق العالمي وكانوا يريدون سببا مقنعا لالغاء الصفقة، وأحدهم قال ان الاستجابة لهذه الضغوط سيدع الحبل على الجرار بعد ذلك مع احترامنا للسلطة التشريعية ورقابتها، فلا يمكن ان تزحف سلطة على سلطة ومجلس الوزراء مسيطر وبرقبته ثقة وامانة الشعب ويتراجع بسبب تهديد سياسي ليبيع الجمل بما حمل، فهي سلطة لها مسؤولياتها دستوريا وشعبيا يجب ان يكون لها عزم وقرار.

• كنت في رأس الهرم لماذا تشير لمجلس الوزراء اليوم؟

يجب ان يحال مجلس الوزراء في ذاك الوقت الى محكمة الوزراء وانا معهم، وابصم بالعشرة على ذلك، ويجب ان يحال المجلس الاعلى للبترول الى النيابة لأنهم من قادوا الموضوع في ذلك الوقت، لا ان نأتي اليوم للبحث عن كبش فداء فلنبدأ بالكبار حتى يحترمنا الناس وتقتنع ويتحمل كل مسؤولية قراره.

جاءتني معلومة انه في محضر جلسات المجلس الاعلى للبترول المرسل لمجلس الوزراء غُيرت افادتي في محضر الجلسات بخصوص المشروع، حينما اعترضت على الغاء المشروع واعترض معي الاخوة العتيقي والمحيلان والهارون ومعرفي، فالمعلومة التي وردتني انه تم تغيير محضر اجتماعنا من معترض الى موافق، وهذه المعلومة شبه متأكد منها مئة في المئة وسيتأكد منها القضاء. فأنا عضو المجلس الاعلى للبترول بصفتي، وهذا السؤال للبحث عمن غير شهادتي لأن هناك شهودا.

• قرار التحكيم بدفع الكويت لمبلغ الغرامة، ودعوة الداو الدولة الى دفع المبلغ وسط حديث عن تسوية.. فما المقصود بالتسوية مع وجود دفع؟

-لست وزيرا في هذه المرحلة ولا اعلم التفاصيل، لكن ما أعرفه ان القرار مر عليه سنة. وشكل مجلس الوزراء لجنة للنظر في التعويض، واتخذ قرار دفع الغرامة، وكلف وزير النفط تنفيذ القرار اما مسألة التقاضي فوصلت لنتيجة سعيدة بحسب ما سمعت.

• من يتحمل المسولية القانونية لهذه الخسارة بعد مطالبتك بإحالتك الى النيابة؟

-طلب احالتي وفق مجلس ومؤسسة يجب ان نحال جميعا لا ان يحال محمد العليم منفردا، فهناك ناس عملوا وشهد لهم مجلس الوزراء بالنزاهة ليتم «الطق» فيهم الان، وآخرون اوقفوا عن العمل والله يعينهم، فالناس راضية إن ذهب الجميع للمحكمة.

المسؤولية القانونية يتحملها مجلس الوزراء والمجلس الاعلى للبترول نتيجة الالغاء للهروب من المساءلة السياسية، فقد كان هناك مستشارون او ثلاثة يحاولون ايجاد مخرج، لكن اعتقد انهم اعطوا النصيحة الخاطئة التي دمرت صاحبها.

• لماذا كان هناك ضغط سياسي على رئيس الوزراء من كتلة العمل الشعبي بسبب صفقة الداوكيميكال؟

- نحن دولة مؤسسات والدستور ينص على فصل السلطات، وان زحفت سلطة على أخرى فنحن في هذا الوضع وأردى، ولذلك اعتقد ان السلطة التشريعية ان هددت التنفيذية لماذا تستجيب لها فهل هناك خوف من شيء وان كان هناك استجواب فيا مرحبا فالخطأ من الحكومة التي استجابت لسلطة اخرى وهؤلاء النواب يجب ان يحاسبهم الشعب الذي اوصلهم، لأنه يقيم هؤلاء الناس. ولماذا لم يذهب من قال ان لديه دليلاً على التكسب والتعدي على المال العام منذ 5 سنين (للقضاء) فليقل ربما يكون لديه اسباب ويحاسبه الناس محاسبة حقيقية، فهذا النائب اتته معلومة او اتصال يحاكمه الناس فكلنا كنا نوابا.

لم اجد سببا حقيقيا لمعارضة المشروع الذي قال عنه معترضوه، وليس كتلة العمل الشعبي فقط، ان عليه شبهة مالية منذ 5 سنوات فليقدمها الى النيابة، وكلامي لا يعني النواب فقط، فهناك صحيفة أجرمت في هذا الموضوع ومواضيع مشابهة، وعلى المجتمع الا يسامح هؤلاء، لا ان يتم الحديث فقط عن عمولات... فهل هم «متعودين» على العمولات؟ فكل يرى الناس بعين طبعه. وهذا المشروع ثبت جدواه واجراءاته كانت قانونية، والسلطة التشريعية امام الشعب ليحاسب من أخطأ في حق البلد.

• بماذا تفسر معارضة كتلة العمل الشعبي لجنة تحقيق الداو في مجلس 2009 وتحفظها على احالة المسؤولين عن المشروع للنيابة في 2013؟

-كنت نائبا ووزيرا وبالنهاية سواء النائب او الوزير مسؤول امام الناس. فنحن دولة مؤسسات ولسنا عزبة، لكن هذه المؤسسات تحتاج قيادة وإرادة حقيقية باتخاذ القرارات والريادة، فهناك دول بها مشروعات سبقتنا، تستحق ان ارفع لها القبعة، فهناك خلل في ممارسة الصلاحيات وكل يوم نحن في مشكلة والنائب المخطئ يجب ان يحاسبه الشعب، وعلى مؤسسات المجتمع المدني ان تتكلم، وان كانت هناك ادلة فلتقدم الجريمة للقضاء سواء كان محرضا ام منفذا لها، ومن اخطأ من كتلة العمل الشعبي او غيرها فليحاسب ومن ادى دورا وطنيا فيجب ان يحترم ويقدر.

فالامة كتلة شعبية اقوى من كافة السلطات، نحن نعيش فترة زحف السلطات على بعضها البعض، وهو ما يدمر الكويت لأن مشروع الداو جريمة تنازل سلطة عن سلطاتها لسلطة اخرى، والازمة السياسية الموجودة بالبلد نتيجة لهذا الزحف، فالنواب سمح لهم بالزحف وتنازلنا لهم عن صلاحياتنا، وكان لدي استعداد ان أصعد المنصة.

• النائب السابق جمعان الحربش وهو من نفس تيارك اشار في تصريح له ان الكلفة السياسية على رئيس الوزراء بسبب الاستمرار في مشروع الداو ستكون كبيرة، والآن يقول انه مخطئ ويجب محاسبته مع وزرائه... كيف تفسر ذلك؟

-إلغاء الصفقة هز البلد وتقدم النواب ومنهم الحربش مع نواب آخرين من الحركة الدستورية ومن خارجها لطلب تشكيل لجنة تحقيق لها، لنصل لاسس الغاء رئيس الوزراء للصفقة واسباب الالغاء وسبب الموافقة عليها، وهذا كان بحثا للحقيقة سواء كان الأمر يتعلق بي من عدمه.

الحربش كان يريد حقيقة سبب الموافقة والالغاء لصفقة الداو لأن التكلفة كبيرة في الحالتين ولجنة التحقيق «فُركشت» بسبب الحكومة وبعض النواب، حتى وان ثبت انني مخطئ، لكن شُكلت لجنة تحقيق اخرى اسميها لجنة خلط الاوراق وادخلت اليها قضايا اخرى، واللجنة الاولى كانت تبحث عن الحقيقة لكن الحكومة لا تريد الحقيقة مع اطراف اخرى اتركها للتاريخ.

كتلة العمل الشعبي كتلة وطنية لها جوانب صحيحة واخرى خاطئة وبها قامات وطنية نحترمها ونقدرها واعتقد انها اخطأت في قضية الداو ومن يخطئ يجب ان يحاسبه الشعب.

الرد على اللجنة الاولى يكون من خلال تشكيل اللجنة الثانية التي خلطت الاوراق بادخال العديد من القضايا الاخرى، ومنها قضية شركة الزيت بالخفجي والنفط الذي كان يذهب اثناء الحرب العراقية - الايرانية وحجز 25 في المئة من ارباح مؤسسة البترول، وقد تكون بها اشكالية، لكن لماذا يتم خلط هذه القضايا ولماذا لم تشكل لجنة لكل قضية؟

بعض الوزراء لم يقدم على قضية تفاوض الداو نتيجة لتخوفات لا ندري عنها، وهذه «الحوسة» ربما تذهب فيها حكومة، برغم من انه ربما لو وصلنا للحقيقة كنا وصلنا لحلول مبكرة لكن الحقيقة أغلق عليها بصندوق وتركت ولم تفجر الا بعد ان دفعنا... فيه دولة تشتغل هكذا؟!

•بيان الحركة الدستورية الاسلامية بعد دفع الغرامة حملت المسؤولية لبعض وسائل الاعلام وشخصيات عامة وسياسيين، فلماذا لم يشمل بيانها تحديدا كتلة العمل الشعبي؟

-الحركة الدستورية كانت تبحث عن الحقيقة وهذا ليس عيبا، لذلك عندما لم تُمكن من الحقيقة قدمت استجوابا حُل المجلس بناء عليه. وقالوا انه بسببي لكنني احد الوزراء من اجل البحث عن الحقيقة، وتشير الى رجال سياسة يشملون نوابا ووزراء وقياديين في البترول.

من وقف ضد المشروع ليس فقط كتلة العمل الشعبي، واعتقد ان من وقف ضد المشروع من النواب كان على خطأ، اما لامتلاكه معلومة مغلوطة او افتقاده للمعلومة، فليس من التنمية قتل المشروع بل هناك محاسبة فلا نقطع أيدينا بأنفسنا.

• بعد دفع الغرامة هل ترى انه من الصحيح استجواب وزير النفط الحالي هاني عبدالعزيز حسين على قضية لم يرتكبها؟ وهل يمكنه تفادي دفع الغرامة؟

-الاخ هاني حسين من دون مجاملات مكسب للكويت لكن هذه الكفاءة النظيف العفيف اتهموه بانه تابع للحركة الدستورية، ونحن نتشرف به، لكنه رجل وطني يعمل باخلاص، وليس له علاقة بالموضوع في بدايته او نهايته، ومسألة دفع التعويض تعود بالاصل الى قرار من مجلس الوزراء بعد تشكيل لجنة درست الامر، فهناك فوائد بربع مليون دولار يوميا، واعتقد ان هناك أجندات سياسية، لأن هناك من لا يريد هذا الوزير بطوله او بعرضه، لأنهم يريدون من يمشي شغلهم، فهم (النواب) ليسوا من الناس الذين ليس لديهم تاريخ سياسي او قضايا ومواقف وطنية، واول مرة نسمع عنهم، وكل واحد يتهموه بالتخوين وانه تابع للحركة الدستورية، بالرغم من حدوث امور كثيرة لا نرى لهم موقفا منهما.

• هل كان بامكان الوزير تلافي قضية الغرامة؟

-من يدافع عن نفسه هنا هو الاخ هاني حسين. لكن ما اراه ان مجلس الوزراء شكل لجنة توصلت لدفع الغرامة وكلف بذلك وزير النفط.

• بعد تقديم استقالتك الى الان هل سعت الداو كيميكال او الكويت لحل القضية قبل اقرار الغرامة؟

-ما يصلني انه كانت هناك محاولات من الداو لايجاد آلية للتفاوض قبل اللجوء للتحكيم، لكن ربما لم يصلوا لشيء او يرحب بهم او لم يفتح الباب من قبل الكويت.

• عند تولي الشيخ احمد العبدالله وزارة النفط طلبت الداو التفاوض مع الكويت للخروج من الازمة؟

-الداو، بحسب ما سمعته، وليس حقيقة ان الداو حاولت لكن لم يكن هناك مجال مفتوح والوزير السابق احمد العبدالله شخص مقدر ويمكن سؤاله في ذلك.

• تطالب باحالتك للنيابة لايضاح الصورة، وحدث وأحيل الامر للنيابة فهل سيتبين المتسبب بالنهاية؟

-المبلغ دفع الآن. لكن اعتقد ان هذه خطيئة جسيمة بحق المال العام ومجلس الوزراء ان احال محمد العليم وحده فلا طبنا ولا غدا الشر، لأن القرارات اتخذت في مجالس كبيرة ويحتاج احالة الحكومة كلها الى محكمة الوزراء، لأنها قضية ليست بالهينة، على الاقل لتعرف المحكمة سبب رفض الوزراء للصفقة، لأنها تتعلق بسياسة الدولة، وكذلك الامر ينطبق على الاعلى للبترول والقياديين.

لست قاضيا لاحكم من هو المسؤول لكن لدينا قضاء مستقل يجب ان يذهب اليه الملف لتسجيل العبرة لا ان يكون هناك كبش فداء لأن هذه القضايا ينطوي عليها بحث عن «كبش بيت العز».

•كلمة اخيرة؟

-اسأل الله ان يحفظ الكويت وان نستفيد من الموضوع العبر، لأن الكويت لديها من الامكانات والطاقات الكامنة من امكانات وافراد، تفوق اكثر مما نتوقع، لكنها تحتاج الصدق والوقوف بوجه مؤسسة الفساد. واتمنى ان تمر الازمة السياسية المحتقنة على خير، لأن الكويت تستاهل كل خير وشعبها وفيَّ ويشهد التاريخ على ذلك.

واقول للتاريخ اننا في وضع الطفرة النفطية ما لدينا من فوائد تغطي سوءة القرار الخاطئ، لكن ان اضطربت هذه الأسعار فسيأتي يوم لا نستطيع تغطية هذه القرارات الخاطئة، وكان من الممكن ان يدر المشروع خيرا على الكويت، وكذلك مشاريع اخرى ذهبت، كانت تكفل تنوع المصادر ان تدهورت اسعار النفط.