مبارك مزيد المعوشرجي / ولي رأي / الطبيب والعلة

1 يناير 1970 04:38 ص
أنا من المؤمنين بأن الحكومات الكويتية المتتالية منذ زمن طويل مثل طبيب المستوصف الجديد، محدود الخبرة والأدوات والأدوية، وليس لديه سوى المسكنات و«راجعنا بعد أسبوع»، ثم المهدئات و«عود لنا بعد اسبوعين»، حتى يمل المريض ويبحث عن الشفاء عند طبيب آخر.

والضعف الحكومي ليس من عدم كفاءة رؤساء الحكومات أو الوزارات بل المحاصصة في التشكيل الوزاري، ابتداء من القبلية والطائفية وغرفة التجارة والعوائل، والنتجية غياب التضامن الحكومي وحرص كل وزير على مصالحه الشخصية ومصالح فئته، ما أدى إلى بطء اتخاذ القرارات وتأخر الحسم السياسي وذلك بسبب تعدد مصادر اتخاذ القرار.

هذا الطبيب، أما العلة فهم نواب مجلسي الأمة والبلدي الحاليين والسابقين، وبعض أصحاب النفوذ الذين نشروا الفساد في كل مفاصل الدولة، ابتداء بالحكومة وانتهاء إلى أصغر موظف فيها، بسبب واسطة لتعيين من لا يملك الخبرة ولا الكفاءة ولا النزاهة، ولا حتى الالتزام بالعمل، مع حمايته من المحاسبة أو النقل، وتفضيله بالمكافآت المالية والترقية، فيصبح هذا الموظف أداة طيعة في أيديهم، وينفذ ما يشاؤون ثمناً لهذه الحماية، ومن يتابع الأخبار يرى مدى قوة ولاء هذه النوعية من الموظفين لمن وظفهم لا للبلد، متجاوزين مصلحته ومخلين بشرف المهنة.

وسمعنا وشاهدنا نشر أدق أسرار الوزارات والمؤسسات لضرب كل من يخالف هؤلاء النواب، وأصحاب النفوذ، إن وقفوا في وجه مصالحهم، أو من يتعرض لرجالهم وشبيحتهم في مؤسسات الدولة، ولعل آخر هذه التسريبات التي نشرت على الملأ تلك الرسائل المتبادلة بين وزيرة الدولة للتخطيط والتنمية، وزيرة الدولة لشؤون مجلس الأمة الدكتورة رولا دشتي، وديوان الخدمة المدنية، في توظيف موظف عراقي سكرتيراً لها، فإذا كانت مكاتب الوزراء ومراسلاتهم مخترقة فكيف يكون حال بقية القيادات في الدولة؟ فلا نلوم الوزراء إن حرصوا على تعيين أقربائهم في مكاتبهم، فالثقة أصبحت معدومة بين الوزراء وحتى سكرتارية مكاتبهم، وأقرب الناس إليهم في العمل.

«الشق عود والرقعة صغيرة والخياط عليمي»... والله يستر على كويتنا



مبارك مزيد المعوشرجي