حصلت د. فاطمة المطر على حكم البراءة والامتناع عن النطق، والله ندعو أن يحفظ الجميع من كل مكروه وعسى الله يهدينا ويهدي الجميع إلى سواء السبيل!
إن تركيبتنا الإنسانية تختلط فيها مجموعة من القيم والاعتقادات لتشكل لنا صورة ثقافتنا التي من خلالها نواجه ما يحيط بنا... بعضها صالح، وقليل منها دخيل على عاداتنا وقيمنا، والغريب أن القليل هذا صار مقبولا كعرف اجتماعي بعد أن سمح باستمراره اصحاب القرار والعقول الحكيمة!
وتركيبتنا الفكرية تحمل تسلسلا لافكار و«أنا عود من حزمة» بين كتاب مخضرمين تطرقوا لما يطرح على الساحة وقد بدأت هذا المقال من حيث انتهى مضمون المقال السابق المعنون «المجلس والمعارضة و(الشو)» لأكتب عن جزئية «الامتناع عن النطق» من منظور اجتماعي!
وهنا نذكر بما تميز به الرسول صلى الله عليه وسلم عن سائر البشر.. إنه يوحى إليه في قول المولى عز شأنه «لا ينطق عن الهوى» و«إنك لعلى خلق عظيم» ومن هنا يأتي المدخل لموضوعنا!
إن معظم ما ينشر على صدر صفحات الصحف الورقية والإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات فيه تجنٍ نابع من إفرازات هوى الأنفس ولم نستطع أن نمتنع عن النطق بحكمنا على معظم ما ينشر لطبيعتنا البشرية فــ «كل فعل له رد فعل مساو له بالمقدار ومعاكس له في الاتجاه»!
المصيبة ليست بالحكم على قول او فعل ملموس... الكارثة عندما نجد البعض يحكم على نوايا البعض والتفسير الفردي الذي غالبا ما يدفع به هوى الأنفس، ولو أننا امتنعنا عن النطق من البداية لما بلغت حالة السوء ما نستشعره منطقيا في أحداث الآونة الأخيرة!
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم «لا ينطق عن الهوى» ذكر في الحديث الشريف «ان المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار!»، فأين نحن من تهم وافتراءات البعض هداهم الله وهدانا سواء السبيل!
وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم «أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»!
من الحديثين نفهم أصول العدل والمساواة في حكمنا على مجريات الأمور، ومشكلتنا مع الأسف اننا نترك الخطأ حتى يستفحل ويصل حدا لا يمكن السكوت عنه ونحاول جاهدين تحسين الوضع وهو منهج يصعب على البعض تقبله لكن «التسامح» من صفة الكبار من أهل «الشيمة» وحسن البصيرة!
نهدف من هذا الموضوع إلى عرض «الهفوات المهلكة» التي تعرض لها مجتمعنا، بعضها نتاج رد فعل معاكس طبيعي، والبعض الآخر يأتي معاكسا بنفس فيها «عناد ومكابرة» وهو أخطر أنواع ردود الافعال، ولذلك نتمنى من الجميع العودة إلى الحق المراد اتباعه دستوريا، اجتماعيا، والبينة على من ادعى... والله المستعان!
د. تركي العازمي
Twitter: @Terki_ALazmi
[email protected]