سلطان حمود المتروك / حروف باسمة / الأفواه و«المز»

1 يناير 1970 04:35 ص

الغنى والثروة والأموال مفردات يطلق عليها في لهجتنا الكويتية الجميلة «المز»، والمال عصب الحياة والإنسان السوي وصحيح التفكير هو الذي يجعل من المال وسيلة لتحقيق غايات وآمال على مدى هذه الحياة المترامية الأطراف، والبيع والشراء عملية طبيعية يتداولها الناس، ولكن ليس كل شيء يصح للإنسان أن يبيعه، ولا كل شيء يصح للإنسان العاقل أن يشتريه أو يتداوله، وإن من أخس عمليات البيع والشراء هي تلك التي تشهدها ساحتنا الديموقراطية هذه الأيام، أعني التداول في سوق الأصوات، والمتداولون فيها هم أناس... ماذا عسانا أن نطلق عليهم من نعوت؟

يتداولون بيع وشراء الأصوات، يبيعون ضمائرهم ويجعلون من أنفسهم عبيداً للغير، رغم أنهم نشأوا في بيئة علمتهم الحرية، لكن كلما تم سن قانون للحرية جاء المبددون ليبددوه. إنهم يغرسون غاية المال فوق حب الوطن، إنها جريمة وما أكبرها من جريمة، يصدرون ثقافة الابتعاد عن مراكز الديموقراطية وثقافتها وفقهها، يأخذون بالساذجين وجديدي العهد بالانتخاب من الشباب ويعلمونهم تجارة الرق في بيع الأصوات.

حدثني من أثق به قائلاً إن أحد رواد الديوانية قال له أن حفيداً له سأله: لماذا لم تسجلني في قيد الانتخاب يا أبتاه وقد أتممت السن القانوني؟ فأجابه جده: لم تكمله حين أقفل باب التسجيل. فتنهد الشاب قائلاً: لو سجلتني لاكتسبت بعض المال كما اكتسب بعض رفاقي. فتحسر الجد على هذا القول.

نعم عزيزي القارئ إنهم يصدرون ثقافة غريبة ويستغلون كل ما استطاعوا من أجل أن يسيطروا على فكره، وغايتهم «المز»، ولكن إذا كان المرشح من المتعاملين في سوق شراء الأصوات، فماذا ستكون النتيجة إن فاز هذا المرشح، لا سمح الله، في الوصول إلى منبر البرلمان، فسيدافع عمن، وما نوع القانون الذي سيشترك في سنه، وما الأهداف التي سيعمل على تحقيقها، وما المبادئ التي سيتمسك بها، وما الآمال التي سيعقدها عليه من باع صوته له، وأين الكويت في نظره، وما الذي سيعمله من أجلها؟

أسئلة محيرة غير أن الإجابة عنها سهلة وممتنعة في الوقت نفسه، وآمال وطموحات عدة يتمنى المواطن الكويتي أن تتوافر في رحاب مجلس الأمة المقبل. وسنأتي على بعضها في مقال مقبل إذا أذن الله الكريم.


سلطان حمود المتروك

كاتب كويتي