أنوار مرزوق الجويسري / فواصل فكرية / كُلُنا ضُعفاء!

1 يناير 1970 07:19 ص
| أنوار مرزوق الجويسري |

قد تذهبُ لطبيبٍ تشتكي ألماً في نفسك فينصحك نصيحته الثمينة أن تغلّب على مشاعرك المكبوتة، وقد تذهب لشيخ دينٍ تشتكي ضيقاً في الحال والنفس فيعطيك الحل المضمون أن اصبر واحتسب وسيذهب عنك المرض والحزن إن شاء الله، أو أن تستمع لخطبة الجمعة آملاً أن تلامس احتياجاتك وهمومك فلا تجد الحلول العملية سهلة التطبيق، كما هو الحال عندما تستمع لبرنامج يتحدث في مشكلة تعنيك ولا تجد آليات تراعي نفسك ومتطلباتك، تلك مواقف نواجهها كثيراً ونضطر لتحمّل تبعاتها مراراً وتكراراً لأن طبيعة الحياة تتمثّل باستمرارية الضغوط والهموم والتجارب الجديدة والتعب الدائم، وتلك سنة سنّها الله في خلقه بقوله عز وجل «لقد خلقنا الإنسان في كبد»، فمعاناتنا في البحث عن الحلول والعلاجات تكمن في البحث عن المصدر الصحيح والمختص الثقة بعد اللجوء لله بالدعاء والإيمان والتوكّل.

إن الإنسان في بحث دائم عن ملجأ يطمئن إليه، وكيان يستقر به، وأوقات يسكن بها، وأرواح يستلهم منها الصبر ويلقي بشيء من حمله عليها، والمسلم يملك كل ذلك لو وُظّفت مفاهيم الإسلام عملياً كما نحفظها نظرياً، فالجمعة وقت يسكن فيه المسلم بعد اسبوع حافل من العمل والضغوطات، يتطلع لخطبة الجمعة ويتشوق لسماعها متى ما كانت تلامس واقعه وتتحسس مشكلاته، كما أن المسلم لديه مفهوم عظيم في الأخوّة ومبدأ راقٍ في معاونة الأخ لأخيه في نصحه وتنبيهه وتذكيره وحمل همومه دون النظر بالعوائد الدنيوية السطحية، وما مبدأ التكافل الاجتماعي إلا نظرة إسلامية للمجتمع المتوازن، فالجار لجاره أخ والمسلم للمسلم كالبنيان، وأين نحن من استخدام آليات الصبر!، فما ترديدنا الدائم بـ «أصبر» دون تقديم آليات تعين على الصبر وتجسّده إلا تفريغ للمفهوم من محتواه وإضعاف ثقة الإنسان بفعالية الصبر، كل تلك المفاهيم وغيرها نحفظها في صدورنا لكننا نفتقر لطرق تطبيقها في وقت العجز والحزن.

تميّز الفرد عن غيره يكمن في قدرته على استخلاص مواطن القوة من مواطن الضعف، وفي استغلال عجز البدن في نشاط الذهن والقلب أو استغلال عجز النفس في تحريك البدن وشغله، كما أن تميّز المختص عن غيره من المختصين يكمن في توظيف اختصاصه عملياً بتطويره وتحسينه، فكلما تطوّر العلم بما يناسب احتياجات الفرد ويتلاءم مع مشكلاته ليعالجها كلما كان قريباً، مفيداً، ومعمولاً به.

عندما تكون مستشاراً فأنت مؤتمن بعلمك، وعندما تكون مُستشيراً فأنت مؤتمن على ما تأخذه من العلم، وما الأمانة إلا في تقديم العلم بما يسهل على الناس فهمه وتطبيقه والعمل به، والضعيف العاجز لا يأخذ من العلم أصوله إنما يأخذ نتائجه وخلاصته، وما للعاجز طاقة على تحويل العلم النظري إلى أسلوب عملي، فليت أصحاب العلوم والمنابر أن يترفقوا بنا فكلنا ضعفاء.

 

[email protected]

@anwar1992m