نافذة الأمل / الخواجة وجاك روسو في المحراب نفسه

1 يناير 1970 12:54 م
| أمل الرندي |

نحن لا نحتاج الى مصباح سحري لنحقق ما نريد...

ولا الى ساحرة شريرة او طيبة تحرك عصاها لتنفذ أوامرنا...**

نحتاج الى الشغف يسكن حواسنا فقط، فيطلق طاقتنا ونبدأ الخطوة الاولى نحو الانجاز...

هذا ما وجدته مجسداً امامي في كتاب قيم بعنوان «الحركة المسرحية في حمص من عام 1860- 1985»، لمؤلفه الدكتور هيثم الخواجة، أحد أعلام الأدب المسرحي المعاصر، ورائد من رواد مسرح الطفل في العالم العربي. وما أثار فضولي لقراءته الندوة التي حضرتها الشهر الماضي، وكان يتحدث فيها عن رحلته مع مسرح الطفل، في اطار مهرجان مسرح الطفل في الكويت، الذي اقامه المجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب. الكتاب نتاج مجهود وبحث وتدوين وجلد استمر عشرة أعوام. هو في الحقيقة مرجع لحركة المسرح، ولكل من أراد أن يكتب في هذا المجال. كتاب مميز يليق بكل ذاك العناء. فما قرأته فيه من مواضيع ورؤى لم يسبق ان صدر في كتاب مثله، كذلك المعلومات والحقائق التي لم يتعرف عليها القارئ والباحث من قبل. الجميل في الامر انه كان يتحدث في الندوة عن رحلة عطائه بسعادة، ترافقه الابتسامة دائماً، رغم ان كل مفردات حديثه كانت تعبر عن العناء والتعب والجهد.. لكن هكذا يكون عشاق الأدب، خصوصاٌ عشاق أدب الطفل، يتناسون التعب عندما يتحقق الهدف.

والخواجة، مثل عشاق أبي الفنون، يدرك مدى أهمية مسرح الطفل. وقد قال الكاتب الأميركي مارتن كوين: «مسرح الطفل أقوى معلم للأخلاق، وخير دافع للسلوك الطيب، اهتدت اليه عبقرية الانسان، لان دروسه لا تلقن بالكتب بطريقة مرهقة، او في المنزل بطريقة مملة، بل بالحركة المتطورة التي تبعث الحماسة وتصل مباشرة الى قلوب الأطفال، التي تعد أنسب وعاء لهذه الدروس».

فالكتابة لمسرح الطفل تحتاج الى عبقرية وابداع ومزيج من ألوان الفنون، تغلفها القيم التربوية، لأن هذا المسرح يلعب دوراً كبيراً في بناء شخصية الطفل، والارتقاء بسلوكة، والنهوض بفكره.

هذا ما وجدته أيضا في كتاب «مشكلات الكتابة للأطفال رؤية وتجارب» للخواجة، الذي تطرق فيه الى امور مهمة جدا، تتعلق بمشكلات الكتابة على صعيد النشر، التعليم، الصحف والمجلات، الترجمة، القراءة، الابداع وغيرها من المشكلات..

من أكثر الاشياء التي شدد عليها ضرورة ان يكون العمل الأدبي تربوياً، لان الطفل يستقبل كل ما يبث اليه من دون ان يميز صحته من خطئه. ذكرني رأي الخواجة برأي الكاتب والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، ابن القرن الثامن عشر، في كتابه «أميل»، الذي اهتم فيه بدراسة الطفل بوصفه انساناً حراً، وقد كان لآرائه أثر كبير في تطوير علم التربية خلال القرن العشرين. فالاثنان، روسو والخواجة، يطوفان في نفس المحراب.

كتاب الخواجة مليء بالأفكار والتجارب والنصوص الأدبية والروئ المثمرة لأدب الطفل، معه يكون هذا الأدب أكثر ثراء ومتعة. وأفضل ما نختم به، ما ذكره الخواجة، على لسان كاترين تايلور، في كتابه السابق الذكر: «المتعة أنفاس الحياة بالنسبة الى الطفل».



* كاتبة كويتية

[email protected]