شهر فبراير هو شهر الجمال ففيه مناسبتان من اجمل المناسبات على قلوبنا هما استقلال الكويت وتحريرها من ابشع احتلال شهدته في تاريخها، وفيه يعتدل الطقس وتنمو الزهور الجميلة التي نراها تزين الطرق والحدائق والبيوت، بينما الدول الاوروبية تواجه الاعاصير المدمرة والثلوج.
وفي شهر فبراير يعتدل النهار طولا ويرتاد الناس البر بهجة مع ابنائهم، وفي هذا العام يتزيّن برنا بالورود الجميلة والعشب الاخضر بعدما تشبعت الارض من المطر الذي انزله الله تعالى علينا.
وشهر فبراير ينقص يومين عن بقية الشهور وهو فرحة للموظفين الذين يريدون استعجال قبض رواتبهم الشهرية.
وشهر فبراير قد تحول إلى عطلة شبه رسمية لطلاب المدارس بعدما فرّقت الحكومة بين عطل المدارس وعطلة الجامعة وعطلة التطبيقي فأخذ الطلبة يتغيبون بحجة عدم انتظام العطل، والمشاركة في المهرجانات.
شهر فبراير معروف عنه بانه شهر «مالي» باقتدار حيث تقوم الشركات والبنوك بتوزيع الارباح السنوية على المساهمين، كما تفاجئنا حكومتنا في كل عام بعطاءات قيمة لكسب ودّنا (لا ادري ما هي هدايا حكومتنا لهذا العام!) والحمد لله أن نفطنا يزداد سعره في هذا الوقت والفوائض المالية متكدسة (عسى الله أن يحرسها من عين الحسود).
لقد آن الاوان لكي نخلع النظارة السوداء التي نلبسها باستمرار والشكوى المتكررة من ضيق العيش والقنوط فنحن والله بألف خير إذا ما قارنا انفسنا بالملايين من البشر الذين يعيشون في العالم والذين يتقاتلون من اجل لقمة العيش أو من اجل رفع الظلم عن انفسهم وتحرير ديارهم.
إذا كنا قد غفلنا عن تمتعنا بالخيرات التي يحصل عليها غيرنا فلنتفكر في الخيرات التي تميزنا عن غيرنا: تعليم مجاني وعلاج مجاني ومساكن من الحكومة وبدل ايجار وقرض زواج ورواتب عالية وسلع مدعومة وبعثات دراسية وعلاج في الخارج وغيرها وقبلها مجتمع متدين ومترابط مقارنة بالآخرين، لننظر إلى ثلاثة ارباع الكأس المملوءة بدلا من التركيز على الربع الفارغ. يقول الشاعر ايليا أبو ماضي:
قال: السماء كئيبة وتجهما
قلت ابتسم يكفي التجهم في السما!
قال: الصبا ولىّ! فقلت له: ابتسم
لن يرجع الاسف الصبا المنصرما!
قال: الليالي جرّعتني علقما
قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعل غيرك ان رآك مرنّما
طرح الكآبة جانبا وترنما
اتراك تغنم بالتبرم درهما
ام انت تخسر بالبشاشة مغنما؟
فاضحك فان الشهب تضحك والدجى
متلاطم، ولذا نحب الانجما!
الحب الأحمر!!
سألني: ما هو الرأي الشرعي في الاحتفال بما يسمونه بعيد الحب (الفالنتين)؟ فقلت له: دعنا أولا نناقش الموضوع منطقيا وواقعيا، قبل عشر سنوات لم يسمع احد بمثل هذا العيد فما الذي ابرزه وجعله واقعا امام الناس لكي نسأل عن حكمه؟! هنالك امور كثيرة في تراثنا وعاداتنا ناهيك عن ديننا تستحق الاحتفال بها فلماذا هذه المناسبة هي التي اصبحت طاغية على عقولنا وعلى مشاعرنا دون غيرها؟! وإذا كان هذا الاحتفال يمثل معاني الحب غير العذري عند الغرب والصداقات بين الجنسين، فهل نرضى بان ننقل تلك العادات الغريبة والشاذة الى مجتمعاتنا تحت شعارات جميلة وخادعة؟!
ولماذا الاصرار على ربط ذلك الاحتفال باللون الاحمر وربطه بموت القديس فالنتين الذي يراه الغرب رمزا يستحق احياء ذكراه؟! اخيرا الا نخجل من انفسنا ونحن نمثل امة لها تراث مجيد بان نكون ابواقا ومقلدين للآخرين ومن دون وعي أو تفكير؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]< p>