فيصل فالح السبيعي / الرأي المختلف / سئمنا البطولات المزيفة والخطاب العاطف

1 يناير 1970 06:56 ص

يأخذ البعض على الحكومة قيامها باتخاذ مجموعة من القوانين الموقتة في ظل غياب ممثلي الشعب، النواب، باعتبارهم جزءا فاعلا ورئيسا في المشهد الديموقراطي الذي يعيشه الوطن، وشركاء معنيين في اتخاذ القرارات، وعلى الحكومة، في رأي هؤلاء، ألا تبتعد كثيرا عن الأصداء التي يرددونها، وذلك حرصا منهم على مصلحة الوطن وأمنه وسلامة مجتمعه ومسيرته التنموية ونهجه الديموقراطي. وضمن مساحة الانفعال المتراكم الذي حاصروا أنفسهم فيه نخلص إلى سؤال عسى أن يصل صداه إلى أسماعهم وتعيه عقولهم.

ما هو القرار الذي يعتبر جائرا، بحق الوطن والمجتمع، من مجموعة القرارات التي اتخذتها الحكومة في غياب ممثليهم في المجلس التشريعي، وأين الضرر والضرار في تلك القرارات؟ ونحن أعلم أن الحكومه أعلم بمصلحة الوطن، والمعنية بذلك قبل غيرها في ظل مسؤوليتها، ومعنية مباشرة بتفعيل القرارات والقوانين التي تعنى بسيادة وهيبة الدولة، ومعنية أيضا في تطبيق القوانين بما يتناسب ويتساوق مع التوجه العام لترسيخ التوصيات في هذا الشأن، والوطن يشهد تحفزا وتفاعلا من القطاعات العامة والأهلية كافة نحو نهضة شاملة ومكانة أكثر سموا، محررة بذلك الفرد والمجتمع من مجموعة التراكمات الأيديولوجية والشعارات التي خلفتها مراحل مأزومة من تاريخ الأمة الحديث وإفرازاتها الفكرية، التي كانت سببا في انحراف البعض عن جادة الحقيقة، وانجراف الآخر في تيارات ودوامات غريبة لم تجن نفعا بقدر ما ألقت على ضفاف الوطن الجميل أكواما من غصن التآمر والخراب، والإساءة الدائمة له ولمجتمعه والمساس بهيبته والتجاوز على قوانينه.

أما وقد وجدنا أنفسنا أخيرا في حلقات الضياع الكلي للأمة، فإننا معنيون وملزمون بضرورة أن نهتدي إلى طرق الحقيقة والصواب... وهي واضحة وجلية، فالحقيقة هي الكويت والصواب هو الانشغال بمصلحته العليا وتقديمها على كل المصالح والانشغالات أيا كان نوعها وأهدافها.

وهنا وفي هذا السياق فإننا لا ندافع عن حكومة مرحلة، إنما نؤكد أن الحكومة أي كانت مرحلتها هي حكومة الكويت ويجب احترام قرارتها لأنه احترام للوطن الذي نعيش في كنفه وعلى أرضه، وأن رئيسها مكلف من قبل صاحب السمو قائد الوطن ورائد نهضته ومسيرته المباركة.

وإذا ما أرادوا الغاية، التي يجب أن تكون مصلحه الوطن، فالغاية المنشودة أن يتحرر هؤلاء من الوهم الذي لازم حالهم، وينهضوا بعقولهم إلى الواقع والمستقبل، ويدركوا طبيعة الصراع الأممي من حولهم وحالة الوطن المحاصر بكل الأخطار والأهوال، وحاجته الماسة إلى العمل من أجله قبل كل شيء، ولقد سئمنا البطولات المزيفة والخطاب غير العقلاني، والتطرق إلى الحكومة والشيوخ، داخل وخارج الحكم، في الشاردة والواردة بشكل مستهجن بعيد كل البعد عن أدبيات الحوار، وهذا الخطاب، والذي طالما تغنى به الساسة منذ عقود، عفى عنه الزمن، والأجدر بهم تجديد خطابهم بما يتناسب مع المرحلة الجديدة لأن الناخب الآن مختلف كليا عن الناخب منذ عقود طويلة، والذي كان يتأثر بالقبلية والطائفية وشراء الأصوات والخدمات وخطاب الارتجال العاطفي، فقد أصبح الآن مدركا بما يدور في فلك السياسة.

وإذا ما وجدوا أنفسهم أشد حرصا من الحكومة على هذا الناخب فليترجم ذلك الحرص، من مراحل الادعاءات والافتراءات والتشكيك، إلى واقع عقلاني ينفع الوطن وناسه، فساحات النضال واسعة بدءا بالكلمة الطيبة، والحكمة في القول، والتعقل في النقد، والالتزام بقوانين الدولة وعدم تجاوزها، واحترام مشاعر الناس وعقولهم وأفكارهم، لا بد لهم من الخروج من عنق الزجاجة التي حشروا أنفسهم فيها بأفكار ومعتقدات وأيديولوجيات جنت من قبل على حكومات ودول، ولكننا لن نسمح بأن تكون هذه وهؤلاء سببا لشرخ هذا النسيج المجتمعي الطيب وأن يكونوا عقبات في وجه مسيرة الوطن التنموية ونهضته الحضارية.

وأيضا على الحكومة أن تنهض إلى مصلحة الوطن التي أرادتها، ويريدها أهله، والنظر إلى الواقع والمستقبل، وعليها ألا تنشغل بأمور هؤلاء مهما بلغت أصواتهم من مدى فالمجتمع والمسيرة والحقيقة قادرة على لفظهم خارج إطارها الذهبي.

 

فيصل فالح السبيعي


محام ومستشار قانوني بجمعية الصحافيين