كان الجميع يتوقع ان تصدر أحكام قاسية من القضاء الكويتي على نواب المعارضة في قضية التعرض للذات الأميرية، وعندما صدرت تلك الاحكام على ثلاثة نواب سابقين بالأمس، كان الأمر شديدا على كثير ممن استمع الى الحكم ثم كانت ردة فعل أولئك النواب وغيرهم قوية، وبدأ البعض بالطعن في القضاء واتهامه بشتى التهم وبأنه قضاء ظالم ومسيس لمصلحة الحكومة، ثم صدرت التصريحات القوية ضد الحكومة وضد القضاء وبدأ الطعن الصريح الواضح والتحدي للقرارات.
وفي المساء انطلقت المسيرات الاحتجاجية تجوب الشوارع، وبدأ تنظيم الندوات الاحتجاجية وحشد أكبر عدد ممكن من المعارضين.
المشكلة هي ان أحكام القضاء مازالت في بدايتها والناس بانتظار حكم الاستئناف وحكم التمييز، كذلك فإن هنالك قيادات في المعارضة من المتوقع صدور أحكام أكثر شدة عليها مثل النائب السابق مسلم البراك، وهنالك قضايا أخرى لم يتم الحكم فيها حتى الآن ومنها قضية اقتحام المجلس وغيرها من القضايا. أضف الى ذلك بداية انفراط عقد المجلس عندما بدأ مسلسل الاستجوابات والذي لا نتوقع له ان يتوقف.
تسألوني: هل أنا متفائل بهذه المرحلة فأقول: أبدا... لست متفائلا، بل أرى نارا تتلظى تحت الرماد، وثارات توشك ان تتفجر، وقبائل يتم استفزازها، وفئات في المجتمع بدأت تعاني من الإهمال والتهميش، وأرى بعض قيادات مجلس الصوت الواحد تتبارى في شتم المعارضين والتنكيل بهم بحجة انهم لم يعد لهم وجود على الخارطة السياسية، وان تركة المجلس قد انتقلت اليهم بلا منازع!! وأرى القيادات المستقلة للعمل الشعبي والتي كان لها دور كبير في رأب الصدع وتوحيد الكلمة سابقا، أراها قد اعتزلت ونأت بنفسها عن هذا الصراع وعندما سألت أحدهم عن سبب اعتزال مجموعته، أجابني بأنه لا يمكن لأحد ان ينجح في ظل ذلك العناد الكبير من الطرفين: السلطة والمعارضة، وأنه يرى البلد ينزلق تدريجيا الى نقطة اللاعودة!!
إن الأمل بالله كبير، ويجب ان ندرك بأن هذه بلادنا وليس لنا بلاد غيرها، وان تداعي الجميع الى إنقاذ هذا البلد هو واجب مقدس يستحق التضحية وبذل الجهد فيه، وهب ان الكويت قد وقعت تحت احتلال أجنبي غاشم ألم نكن لنبذل الغالي والنفيس لتحريرها؟!
إن مشاكلنا ليست بهذا الحجم الكبير ولكنها تحتاج الى المخلصين ليتصدوا لها ولطرق أبواب السلطة ومناقشة قيادات المعارضة للوصول الى الحل.
وقبل كل ذلك لابد من إخراس الأصوات التي تسعى لإشعال الفتن من النواب والنائبات الجدد والقدامى الذين يتخذون ذلك سلّماً للعبور الى أبواب الشهرة.
د. وائل الحساوي
[email protected]