د. وائل الحساوي / نسمات / موسم السرايات

1 يناير 1970 11:40 م

حسنا فعلت الحكومة بجعل وقت انتخابات مجلس الأمة متوافقا مع موسم السرايات السنوي، فكما ان السرايات تهب بقوة ودون سابق انذار وتدمر كل شيء، فكذلك ندوات المرشحين ومقابلاتهم وتصريحاتهم، فهي عبارة عن زمجرة وصراخ وتهديد ووعيد وكشف لأوراق وضرب في الميت (ألا وهو الحكومة)، ونعلم جميعا أن 90 في المئة من هذا الكلام هو لزوم النجاح ولا يمكن تحقيقه على أرض الواقع.

كما أن حملات الترشيح للرئاسة الأميركية قد تخطت نفقاتها المليار دولار لكل مرشح، فكذلك قد أصبحت انتخاباتنا البرلمانية مرتبطة بمن يملك الدينار، ولا حظّ للفقير فيها، ونسمع الهمس والكلام هذه الايام لا سيما بين النساء: انتخبي فلان المليونير فهو الأقدر على تحقيق آمالك عند السلطة، وان لم يكن عن طريق منصبه، فلا أقل من أن يصلك بعض «الطشّار» من ملايينه عن طريق هدية أو مكرمة منه. طبعا فإن شكل المخيم الانتخابي ومدى تجهيزه ونوعية البوفيه له دور في التأثير، وكذلك قوة المفاتيح واتصالاتهم المستمرة بالناخبين لها دور، وحجم الاعلانات وقوتها وكثرتها له دور، ثم يأتي مدى كفاءة المرشح في مرحلة لاحقة.

ومع تقديري لجميع المتقدمين للترشيح اليوم لكننا فقدنا كفاءات كثيرة قررت ترك الساحة الانتخابية وكان لها أثر بارز في مسيرتنا البرلمانية مثل النائب السابق وليد الجري والنائب أحمد باقر الذي ترك بصمة كبيرة في تشريع الكثير من القوانين، لا سيما المالية، والنائب مشاري العنجري والنائب صالح الفضالة وغيرهم.

كما فرحنا لبعض النواب السابقين الذين قرروا عدم خوض المنافسة بسبب مواقفهم السيئة وطول لسانهم وتسببهم في حل المجلس، ولا أريد أن أذكر أسماء فاللبيب بالإشارة يفهمُ.

المعضلة الكبرى هي أن المرشحين الذين يتفننون في نقد الواقع ويقدمون الوصفات العظيمة لحل المشاكل (بالكلام) لا يمكنهم فعل ذلك منفردين، إذ ان تشريع القوانين والمراقبة تتطلب تضافر الجهود من نواب المجلس، ومن تجاربنا السابقة فان الافراد - مهما كانت كفاءتهم - لا يستطيعون التأثير الكبير في تطوير عمل المجلس، بينما التكتلات البرلمانية التي تشكلت في المجالس السابقة قد كانت هشة وضعيفة، وعانت من التشرذم والانقسام، وهذا ما يجعلنا نضع عشرات علامات الاستفهام على مقترح انشاء الاحزاب، فالأمر من الناحية النظرية مقبول ولكن الواقع يثبت فشله في هذه المرحلة.

التحالف الوطني الديموقراطي يبدو أنه قد دخل بقوة هذه المرة لتدارك ما فاته من فشل لكنه كعادته لا يملك برنامجا واقعيا يقنع به الناخبين أكثر من العزف على وتر الحريات التي لا يدري أحد ما هو مداها ومفهومه لها، والدعوة الى الاختلاط في الجامعة، والشتم في المتدينين، أما قضايا الحفاظ على المال العام ومحاربة الفساد التي تميز بها سلفه السابقون فقد سقطت من أجندته!!




د. وائل الحساوي

[email protected]