لكل شيء دليل وبرهان، إما دليل شرعي وإما دليل علمي، والدليل العلمي هو ما يثبت بالتجربة، والدليل الشرعي المنقول من الكتاب والسنة، وما ثبت بالقرآن والسنة النبوية أن أمة الإسلام هي أمة الدليل الثابت، والبرهان الشاهد، على نفسها وعلى سائر الأمم، لذا كان من الأولى والأجدر بألا يتكلم الفرد المسلم عن أي قضية أو مسألة سواء كانت دينية أو دنيوية إلا بتقديم الدليل قبل الخوض والتفيهق بمسائل الدين والدنيا.
انتقد بعض الفلاسفة والمفكرين من مختلف الاتجاهات والأصناف، نظرية حقوق الإنسان، التي تنادي وتطالب بحقوق إنسانية ومساواتية مجردة ومصطنعة، لا تستند إلى أي واقع طبيعي أو موضوعي، وتفتقد للدليلين الشرعي والعلمي، كما أنها إيديولوجية لا ترتبط بالواقع الذي ينتقص من حقوق الإنسان في مجالات عدة.
عندما نتحدث عن حقوق الإنسان، يعني كل ما يخص ويرتبط بحياة الإنسان، لذا وجب على الحقوقيين التميز بخطابهم وأسلوبهم وطريقة حديثهم، بحيث لا يكون خطابا تبسيطيا يعتمد على الرأي والمزاج وليس على العقل والمنطق الذي يرى الأشياء بشكل معياري، لأن من يؤمن برسالة حقوق الإنسان العظيمة لابد أن يتجرد من ذاته ودينه وفكره وتوجهه، لينصر المظلوم على الظالم، حتى وإن كان الظالم مسلما قريبا عديلا، والمظلوم كافرا بعيدا عدولا، ونصرة المظلوم أصولها وجذورها مستقاة من الدين الإسلامي الحنيف، الذي قام على العدل والمساواة، كما قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
واقع حقوق الإنسان في العالم أجمع، يشير إلى أن هناك خللا كبيرا في فهم منظومة حقوق الإنسان، على الرغم من ارتفاع درجة الوعي العالمي بحقوق الإنسان، إلا أن بعض الحقوقيين حولوا هذه الحقوق إلى إيديولوجية أو سياسة، بل حولوها وحرفوها إلى نموذج تحول المفاهيم بشكل شمولي تحليلي جديد لفهم العصر، ودمجوا مضمونها في دساتير وقوانين وإجراءات عملية، وادعوا بأنها حقوق إنسانية.
يتكون مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة من (47) دولة، منها (12) إسلامية، مما أصبح يؤثر على قراراته، وكمثال على ذلك، مصادقة مجلس حقوق الإنسان يوم 28 أبريل 2007 على قرار يقول... «مجلس حقوق الإنسان يحث على حق كل فرد في حرية التعبير الذي يجب أن يمارس بطريقة مسؤولة ويمكن أن يخضع لحدود يضمنها القانون، التي هي ضرورية لاحترام الحقوق وسمعة الآخرين واحترام الديانات والمعتقدات»، فالحقوق تكمن ما بين المثال والواقع، وما بين التطبيق والتطبيع، فواقع دولة الكويت مناقض تماما لما جاء في المثال.
في الواقع هناك قمع في حرية التعبير، لا يخضع لأي حدود ضمنها القانون أو الحقوق الإنسانية، والخلل في استبطان واستيعاب المعنى الحقيقي لحقوق الإنسان انعكس على واقع المجتمعات، فالدليل والبرهان هو ما نراه من مشاهد شبه يومية بالتعدي على حقوق الآخرين، وكمثال على ذلك، خلط الأوراق بين الحقوق والواجبات والحرية والمسؤولية، وممارسة بعض الثقافات التقليدية المناقضة لحقوق الإنسان.
ان الناشطين الحقوقيين المعتدلين والمتوازنين والمتجردين يواجهون إشكالية ضيق الآفاق وتحديات الممارسات الخاطئة لحقوق الإنسان، ومن هذا المنطلق نقول.. إن أتتنا الممارسات الخاطئة من شخص لا يفقه حقوق الإنسان، أو لا يؤمن بهذه الحقوق، فنحن لا نلومه أو نعتب عليه، أما الحقوقيون تحت المجهر، فقد آن وحان وقت مطابقة وموافقة المثال للواقع حتى لا نعلق الحقوق الإنسانية بين المثال والواقع.
منى فهد عبدالرزاق الوهيب
[email protected]twitter: @mona_alwohaib< p>