بدأ الايقاع يتسارع قليلاً على ضربات طبول مجلس 2012 - النسخة المعدّلة - وبدأ النواب يتخلصون رويداً رويداً من الخجل الذي اعتراهم في بداية الانعقاد بسبب نظرة الناس السلبية لمجلسهم، وبدأت الأجندات المخفية تظهر على السطح، فالفرصة مواتية والمعارضة قد استسلمت ولم تعد تخيف المجلس.
ولتكن البداية بتوجيه سهام التهديد بالاستجواب لوزير النفط هاني حسين ووزير الداخلية أحمد الحمود ووزير المالية مصطفى الشمالي، وهؤلاء ليسوا سوى الوجبة الأولى التي يتسلى بها النواب ريثما يجهزون السكاكين لما هو أكبر منها.
إذاً كان هذا هو التسخين في مجلس 2012 - النسخة المعدلة - قبل أن تبدأ الوجبة الرئيسية فلماذا تم حل المجالس السابقة بحجة عدم التعاون؟! وإذا كان هؤلاء الوزراء الأساسيون قد تم تجهيزهم لحبل المقصلة حتى قبل أن يخطوا خطوة واحدة أو يرتكبوا خطأ واحداً في وزاراتهم فلماذا أقمنا الدنيا ولم نقعدها على من سبقوهم واتهمناهم بتعطيل قطار التنمية وتضييع أوقات الحكومة؟! ألا يؤكد ذلك لنا بأن المشكلة هي مشكلة منهج وممارسات مهما تغير الأشخاص؟!
ألا يدل ذلك على أننا ضيعنا أوقاتاً ثمينة من وقت المجالس السابقة وعشنا صراعاً مريراً وشققنا مجتمعنا وأوقعنا العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع بحجة السعي لإصلاح المجلس النيابي، ثم انتهينا إلى نسخة معدلة قد تكون أسوأ من جميع النسخ التي تخلصنا منها؟!
لا أريد أن أبدو متشائماً ولكني أشعر بأن آمالنا بالإصلاح والتغيير تذهب كل يوم جديد أدراج الرياح لأننا ربطنا التغيير بالأشخاص وليس بالمناهج واعتقدنا بأن التخلص من بعض الأشخاص سيؤدي الى تطوير تجربتنا البرلمانية ووصولنا الى بر الأمان.
يخطئ من يعتقد بأن التقدم والازدهار في مسيرتنا البرلمانية يتوقف على الانتقال من نظام الأربعة أصوات الى نظام الصوت الواحد فهذا الانتقال قد يكون له تأثير في توجيه أصوات الناخبين وتحديد اختياراتهم، لكن ما لم تتغير عقلية المواطنين في اختيار من يحقق لهم الإصلاح المنشود فإننا سندور في دائرة مغلقة وسنكون أسارى للتجارب الفاشلة!!
تفليس الدولة وشتم العلماء
ليت البداية الحزينة للمجلس قد اقتصرت على التهديد بالاستجوابات للوزراء ولكن عادت قضية اسقاط القروض عن المواطنين الى الواجهة من جديد وبقوة لا سيما بعد أن صرح رئيس مجلس الوزراء بأن هذه القضية هي بيد المجلس، وهو ما يبشر بمرحلة «تفليس» للدولة إذ ان اسقاط القروض ما هو إلا الصخرة التي تقف في طريق اندفاع السيل، ولابد من ازاحتها لكي نفتح الطريق أمام صرف الفوائض المالية التي يسيل لها لعاب الكثيرين!!
أما الأسوأ من كل ذلك فهو ارتفاع لهجة التهجم على الآخر ولغة الكراهية تحت ذريعة الحصانة البرلمانية، مثلما صرح النائب عبدالحميد دشتي بقوله: «أطمئن من إيران والعراق، طمئنوني من السعودية!!».
ومثلما هاجم النائب خالد الشطي عالماً جليلاً هو الشيخ عثمان الخميس متهماً إياه بشتى التهم، واستنكر تقديم الأمانة العامة للأوقاف - والتي تمثل الوقف السني - بعض المبالغ المالية للشيخ الخميس ليستخدمها في تدريس المناهج التي يجمع عليها أهل السنة!
د. وائل الحساوي
[email protected]