منظمة الصحة العالمية تحذر من توسع ظاهرة الانتحار في المنطقة
المنتحرون في الكويت أكثر من مصر ... والوسيلة الشائعة الشنق
1 يناير 1970
09:44 م
| إعداد عماد المرزوقي |
مواطنون ومقيمون من جنسيات مختلفة أقدموا على الانتحار في الكويت لأسباب مختلفة وبطرق متنوعة، وعلى الرغم من شح المعلومات حول هذه الظاهرة في الكويت للتحفظ عليها ربما لأسباب أخلاقية، إلا أن آخر احصائيات منظمة الصحة العالمية ودراسة 2012 للمعهد الاستوني السويدي للصحة النفسية والانتحار في العالم، تشير وفق آخر الأرقام المتوافرة الى نمو عدد المنتحرين في الكويت الى 62 شخصا بين رجل وامرأة في 2009، وفاق هذا الرقم عدد المنتحرين في مصر في الفترة نفسها بنحو 10 أشخاص حيث انتحر فقط 52 مصريا.
معدل الانتحار في الكويت يزيد خصوصا بين عاملات المنازل وهذا مؤشر على مدى الانتهاكات التي يتعرضن اليها ما يشكل عاملا نفسيا سلبيا محفزا على الانتحار وفق منظمة محلية لحقوق الإنسان التي دعت الى «العمل الحكومي الفوري والكافي لتشخيص ومعالجة المشكلة».
«على الرغم من أنه لا يمكن وصفها بأنها ظاهرة في المجتمع الكويتي، فإن قضية الانتحار لا تزال تمثل مشكلة خطيرة تهم جميع المنظمات الداعمة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس، فقد صدر بيان أخيرا عن الجمعية الكويتية للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان يحذر من الزيادة في حالات الانتحار بين عاملي وعاملات المنازل رامين اللوم على الإجراءات الحكومية غير الكافية لمعالجة الأسباب الجذرية للمشكلة».
وتنوعت طرق الانتحار في الكويت حسب دراسة حالات الانتحار المنشورة بين 2011 و2012 في الصحف خصوصا للحالات المثبتة فبين المنتحرات مثلا من فئة عاملات المنازل كانت هناك طريقة النحر من الرقبة لخادمة اثيوبية ومحاولة فيليبينية الانتحار بجرعات زائدة من مسكنات الألم بالاضافة الى الطريقة الأشهر وهي القفز من مكان عال.
أما بالنسبة للكويتيين فاختلفت طرق الانتحار وشرائح المنتحرين فكانت الطريقة الأشهر التي استعملها المقبلون على الانتحار هي الشنق التي أقدمت عليه فعلا فتاة (حدث) في عمر الرابعة عشرة انتحرت فقط لأنها اكتأبت عندما حصلت على درجات ضعيفة في الامتحانات. كما اقدم حدث كويتي لم يتجاوز عمره 14 عاماً على الانتحار شنقاً في غرفة نومه بمنزل ذويه اثر نشوب خلاف عائلي. وبنفس الطريقة انتحر الفنان جاسم احمد بعد ان علق نفسه في الدور الاول في منزله الكائن في منطقة (هدية) بالكويت. وفي ظروف غامضة اقدم مواطن شاب (20 عاماً) على شنق نفسه داخل غرفته بمنزل ذويه في الجابرية، كما أقدم شاب كويتي في عمر الزهور على الانتحار شنقا في غرفته بمنزل والده في احدى المناطق في محافظة حولي لاسباب مجهولة. كل هذه الأحداث وقعت بين 2009 الى 2012. كما كان استعمال المسدس والبندقية وسيلة راجت بين الذين اقدموا على الانتحار سابقا واشهرها انتحار رجل الأعمال الكويتي حازم البريكان الرئيس التنفيذي لشركة الراية للاستثمار بطلق ناري في رأسه. كما انتحر مواطن كويتي امام مخفر العدان باطلاق عيار ناري على نفسه من بندقيته.
وفي الخلاصة تبين ان الشنق الوسيلة الأكثر شعبية لانتحار الكويتيين وان نسبة الـمُقبلين على الانتحار تزيد لدى شريحة المراهقين.
وبدراسة أحداث الانتحار التي نشرت على الصحف الكويتية في صفحات الجريمة، تبين أن النسبة الأكبر من المنتحرين في الكويت تمثلت في الجنسية الآسيوية وهي من فئة عاملي المنازل والأعمال المستعصية كالتنظيف والبناء. وقالت منظمة حقوق المهاجرين على موقعها «ميغرانت رايتس» ان «الإيذاء الجسدي والنفسي والتهميش الاجتماعي مثلوا «دوافع مباشرة» وراء أغلب حالات انتحار المهاجرين في الكويت».
منطقة الشرق الأوسط أقل الدول ينتحر فيها مواطنوها....
أتت منطقة الشرق الأوسط كأقل دول ينتحر فيها مواطنوها مقابل تزايد الانتحار في دول آسيوية كالصين والهند متفوقين بذلك على دول أوروبية عرفت بنسب عالية للمنتحرين بها كـالدنمارك وفنلندا والسويد والآن ليتونايا بلاروسيا وبولندا.
وينتحر نحو مليون شخص سنويا في العالم بطرق مختلفة حسب دراسة المعهد الإستوني- السويدي، وتعد اكبر شريحة للمنتحرين على سبيل المثال في أوروبا الرجال بين 45 الى 59عاما.
وبينت الدراسة على الرغم من صعوبات تقدير وفيات الانتحار خصوصا في الدول العربية فان العوامل الثقافية والاختلافات الإقليمية في الحالة الاجتماعية والاقتصادية تلعب دوراً مهماً في هذا المجال. وتوقعت الدراسة ان هناك تغييرات مستقبلية في توزيع الدول الأكثر تسجيلا لحالات الانتحار بمرور الوقت مع تغير المعايير الثقافية واستمرار التحول الاقتصادي ومسارات التنمية المختلفة. ولذلك فقد أتت الصين والهند كأكبر دولتين سجلتا أخيرا العدد الأكبر للمنتحرين في العالم اي ما يعادل 54 في المئة من حالات الانتحار في العالم نحو أكثر من نصف مليون منتحر.
على مدى السنوات العشرين الماضية اشارت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الأخير حول الانتحار الى تحسن ملحوظ في بيانات الوفيات في العالم جراء الانتحار، في اشارة الى ان التعليم وتحسن المعيشة كانا أكبر دافعين لتقلص حالات الانتحار في بعض المناطق وتزايدها في مناطق أخرى. ولايزال هناك حسب دراسة المعهد الإستوني-السويدي أوجه قصور في حصر البيانات والتقديرات الصحيحة لحالات الانتحار في كل دول العالم. وزادت حالات الانتحار في العالم مقارنة بعام 2008 بأكثر من 200 ألف حالة انتحار سنويا اذ كان عدد المنتحرين في 2008 نحو 782 ألفاً عبر العالم وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية ومثلت وفيات الانتحار 15 في المئة من عدد الوفيات في العالم.
ووفق الدراسة تبين ان الذكور هم الأكثر اقبالا على الانتحار في الفئة العمرية 15-29 عاما في المنطقة الآسيوية، اما في أوروبا فالرجال في الفئة العمرية 45-59 عاما هم النسبة العالية للمنتحرين في أوروبا اما الإناث من جنوب شرقي آسيا بين 15-29 عاما فهن يشكلن أغلبية المنتحرين في تلك المنطقة.
وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت أخيرا أن معدل فرد يلقى حتفه انتحارا كل 40 ثانية تقريبا. وبينت المنظمة، إلى أن عدد المنتحرين بات يفوق حاليا عدد من يلقون حتفهم في الحروب والصراعات المسلحة حول العالم.
وتبين ان عدد من يقدمون على محاولات الانتحار يزيد عشرين مرة عمن يلقون حتفهم بالفعل انتحارا حسب تقديرات منظمة الصحة المنظمة.
وحذرت المنظمة من أن أكثر الأسباب شيوعا للانتحار هي القلق والهواجس الدينية، وكذلك الدوافع الاجتماعية، حيث لفتت المنظمة إلى أن الآثار النفسية والاجتماعية التي تنعكس على الأسرة والمجتمع والتي تتسبب فيها حالات الانتحار هائلة ومكلفة.
وكانت أشارت دراسة منظمة الصحة العالمية الأخيرة الى ان ارتفاع عدد المراهقين الذين يموتون انتحارا سنويا الى نحو 100 ألف شخص. فهل تتغير فئة المنتحرين من المكتئبين الكهول بسبب الديون او تجربة حب فاشلة الى المراهقين نظرا لأسباب احيانا جدا تافهة لا ترقى الى طلب الموت والانتحار كحل لمشاكلهم، امر يستحق اعادة النظر في تأطير سلوك المراهقين في العالم وفي الكويت بشكل خاص.