د. وائل الحساوي / نسمات / مؤامرة مكتملة الأركان على أبنائنا

1 يناير 1970 10:00 م
أزمة القبول الجامعية وتوقف بناء الجامعات وأزمة البحث العلمي وآلاف الشهادات الجامعية المضروبة المستوردة من الخارج، كلها تمثل مظاهر لمشكلة واحدة، الا وهي طغيان الشكل على الجوهر في ما يتعلق بالتعليم، فالشهادة قد اصبحت غاية لا وسيلة، والهدف منها هو الرواتب العالية التي تتحقق بنيلها والمنزلة الاجتماعية الرفيعة.

ولو نظرنا إلى نتائج الاختبارات الدولية (تيمز وبيرلز) ومستوى طلبة الكويت لوجدنا بأن الكويت قد احتلت المركز 48 عالميا من اصل 50 دولة مشاركة في اختبار تيمز لمادة الرياضيات، بينما احتلت المركز 46 من اصل 49 مشاركا في مادة العلوم (اختبارات بيرلز).

ولا شك أن تلك الاختبارات ما هي الا بعض المؤشرات على اختلال الوضع التعليمي في الكويت، لكن بحكم خبرة الكثير من المدرسين في مجال التعليم العالي وانا من ضمنهم، فاننا نلاحظ بان مدخلات هذا التعليم تزداد تدنيا في كل عام، وتأتينا اعداد كبيرة من الطلاب والطالبات الذين حصلوا على نسب عالية في الثانوية، لكن ينقصهم معرفة ابسط العلوم الاساسية التي تؤهلهم للنجاح في دراستهم.

بالطبع فان زيادة مخرجات التعليم العام دون أن توازيها زيادة في عدد الجامعات والمعاهد التي تستوعبهم يؤدي حتما إلى تكدس اعداد الطلبة في الفصول الدراسية وزيادة الضغط على الجامعة والمعاهد لكي تقدم مستوى تدريساً اقل من المطلوب، كما أن كثيرا من الطلبة الذين لا يجدون مكانا في التعليم الجامعي في الكويت يتجهون إلى الخارج لاستكمال دراستهم ما يفتح الباب على مصراعيه لسماسرة التعليم العالي في الخارج ليبيعوا الشهادات لابنائنا حتى من دون أن يقدموا لهم اي تعليم، وبذلك يتخرج آلاف الطلبة الاميين في دكاكين التعليم العالي، وما اكثرها!! ويرجعوا الينا بأوراق يسمونها شهادات علمية لكنها لا تمثل الا عملية نصب كبيرة يتحمل تبعاتها سوق العمل في الكويت - ومنها فضيحة جامعات الفيليبين التي تبين بان اكثرها جامعات وهمية تخرج فيها آلاف الكويتيين.

واللوم لا يقع على الطلبة الكويتيين فقط ولكن بالاساس على الادارات السابقة بوزارة التعليم العالي التي شجعت هؤلاء الشباب على الانخراط في كل ما هب ودب من الجامعات واعطتهم القبول الاكاديمي بل والبعثات، فهؤلاء المسؤولون اشد جرما من سراق المال العام لانهم يسرقون العلم ويضعونه في يد من لا يستحقه.

ويشارك هؤلاء المسؤولين بالطبع كل من وقف كحجر عثرة امام تأسيس جامعات ومعاهد جديدة. بالرغم من سهولة ذلك وتوافر المال والامكانات، إلى أن وصلنا إلى هذه المرحلة اليائسة من تكدس خريجي الثانوية العامة دون أن يجدوا لهم مكانا مناسبا للدراسة في بلادهم، ولنا أن نتساءل عن خطة التنمية التي تكلمت عن بناء خمس جامعات جديدة خلال خمس سنوات انتهى منها اربع سنوات دون أن نشم رائحة اي جامعة، وعن جامعة جابر التي تمت الموافقة عليها بارادة شعبية ونيابية ثم لم يتم وضع لوائحها حتى الآن نحن لسنا يائسين من اصلاح الوضع ولكن لابد من البدء باصلاح التعليم منذ اليوم لاسيما التعليم العام وتحسين مستوى طلبتنا لكي ندخل مضمار السباق بكل قوة وجرأة، ولابد من التوقف عن تسييس التعليم أو تسليم المناصب العلمية المهمة لسماسرة التعليم والسياسة.





د. وائل الحساوي

[email protected]