كتابات متفرقة «من بعيد» لعميد الأدب العربي طه حسين

1 يناير 1970 02:49 ص
| القاهرة - من داليا جمال طاهر |
عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر، صدر ضمن سلسلة «ذاكرة الكتابة» كتاب «من بعيد» لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، وهو عبارة عن فصول متفرقة لا يكاد يجمع بينها إلا أنها كتبت من بعيد في المكان كما كتبت من بعيد في الزمان أيضا، وأكثرها كتب من باريس وبعضها كتب من بلجيكا، وقليل منها كتب في القاهرة، والكتاب يعد من الكتب المهمة في مجال الدفاع عن المفهوم العلمي للدولة في العصر الحديث.
طه حسين كتب في مقدمة الكتاب ان أقدم هذه الفصول عهدا كتب سنة 1923، وأحدثها عهدا كتب سنة 1930، وأنها جاءت من بعيد في المكان والزمان جميعا، وذلك يظهر للنظرة الأولى أن بعد المكان لا يؤثر في كتابة الكاتب وكذلك إذا قرأت هذه الفصول وما يشبهها فستتبين في غير شك أن النأي عن الدار والتنقل في أقطار الغربة يثيران في نفس الكاتب من العواطف والخواطر مالا تثيره الإقامة والاستقرار، ما يهيئان الكاتب تهيئة خاصة للشعور والحس وللتفكير والتعبير، لا يستقيم له حين يكون مقيما مستقرا في داره بين أهله ومواطنيه يرى في كل يوم مثلما كان يراه من قبل لا تكاد تختلف الظروف التي تحيط به الا اختلافا يسيرا بطيئا لا يكاد يحس.
وأضاف «انه ليس من شك إذاً في أن لبعد المكان اثرا في اعداد الكاتب للكتابة أثرا فنيا خاصا، غير هذا الآثر الظاهر الذي يراه الناس حين يقرأون ما يكتبه المسافر عما يرى ويشهد من الأقطار».
ويضم الكتاب 5 أقسام هي: «من باريس وأسبوع في بلجيكا وخواطر سائح وبين العلم والدين وبين الجد والهزل».
وقد تعرض فيها لعدد من القضايا الشائكة مثل نقده للجنة التي وضعت دستور 1923بسبب المادة 149 والتي نصت على جملة من ثلاث كلمات «الإسلام دين الدولة» حيث ذهب إلى أن النص في الدستور على أن الإسلام دين الدولة مصدر فرقة، ليس بين المسلمين وغير المسلمين فقط، وإنما مصدر فرقة بين المسلمين أنفسهم، مشيرا إلى أن فهمهم للإسلام لم يأت على وجه واحد، وهو ما لاقى عميد الأدب العربي هجوما عنيفا بسببه.
كما نجده في القسم الرابع من الكتاب المعنون «بين العلم والدين»، تساءل: «هل هناك خصومة بينهم أم لا، وأجاب قائلا: الخصومة بين العلم والدين ستظل قوية متصلة ما قام العلم وما قام الدين لأن الخلاف بينهما خلاف جوهري لا سبيل إلى ازالته ولا تخفيفه، إلا إذا استطاع كل واحد منهما أن ينسى صاحبه نسيانا تاما»، وفسر أسباب الخلاف بأن الدين يرى لنفسه الثبات والاستقرار والعلم يرى لنفسه التغيّر والتجدد.