رأي مالي / كيف تستثمر في سوق الأسهم؟

1 يناير 1970 11:35 ص
| بقلم: حيدر توفيق* |

قد يُفاجأ الكثير من الناس عندما يعرفون أن غالبية المستثمرين في سوق الأوراق المالية قادرون على التعرف على القيمة وإدراكها عندما يستثمرون، ولكنهم مع ذلك وللأسف الشديد يفشلون في كسب المال.

أعتقد أن الكثير من المستثمرين يدركون جيدا ما أتحدث عنه وهم بحاجة إلى معرفة الكثير عن سوق الأسهم قبل التفكير في استثمار أموالهم في السوق، ذلك أنهم يتحولون فجأة إلى مستثمرين على المدى الطويل عندما يبدؤون في خسارة المال أي أنهم يصبحون حرفيا عاجزين عن التصرف السليم. نصيحتي الشخصية لهؤلاء هي أن يتعلموا قواعد الاستثمار قبل التفكير في خوض المغامرة. يمكن للمستثمرين تعلّم بعض هذه القواعد ببساطة من خلال القراءة عنها، في حين يحتاج البعض الآخر إلى معرفة مُحرّكات سوق الأسهم والأسس التي تجعل أداء سهم ما أفضل من أداء سهم آخر.

يصبح المستثمر في اللحظة التي يبدأ فيها استثمار أمواله في سوق الأسهم، مستثمرا جادّا يخاطر بماله وبالتالي لا يجب النظر إلى الاستثمار على أساس أنه هواية أو وسيلة لتمرير الوقت.

يقضي مديرو الأموال معظم وقتهم في القراءة والدراسة والبحث عن استثمار جيد وهذه وظيفة جادّة بدوام كامل وبمجرد الالتزام بها يصبح المستثمر جادّا.

ينبغي أن يأخذ المستثمر كل استثمار يقوم به على محمل الجدّ وعليه أن يسأل نفسه دائما إذا كان الاستثمار سيجعله يربح أو يخسر ماله. وإذا أحسّ أنه أخطأ عليه محاولة إيقاف الخسائر والبدءَ من جديد. يجب ألا يدخل المستثمر أبدا صفقة خاسرة.

بصفة عامة ينبغي على المستثمرين الاستعداد جيدا والقيام بعملهم كما يجب قبل الاستثمار في أي سهم وذلك يعني تخصيص الوقت الكافي للبحث في السّهم والعثور على أي أبحاث أو دراسات متعلقة به.

على المستثمر أن يقرأ عن أعمال الشركة ويعرف الطريقة التي تعتمدها لجني الأموال ومصدر أرباحها ونموذج نشاطها وتاريخ إدارتها وما إذا كانت تملك أسهما في الشركة بالإضافة إلى دراسة المسائل التي قد تؤدي إلى أي عثرات أو مشاكل أو خسائر.

هناك العديد من التساؤلات التي تُطرح في هذا الإطار وهي في الواقع كلها مهمة باعتبارها أفضل وسيلة لجعل المستثمر يتروّى قبل الاستثمار في الأوراق المالية. ولكن قبل كل ذلك، على المستثمر دراسة التقييم الأساسي للشركة.

وتتمثل النصيحة الأساسية الأهمّ في هذا السياق في ضرورة معرفة ما إذا كان عمل الشركة يتناسب مع الدورة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد. فلا يجب على سبيل المثال الاستثمارُ في أسهم شركة تنقيب عن المعادن إذا كان الاقتصاد متّجها نحو الركود. وعلى المستثمر أن يستثمر أقل ما يمكن في كل سهم يختاره بحيث يبقى لديه ما يكفي من المال للمزيد من الاستثمار.

وبمواصلة هذه الإستراتيجية، يجد المستثمر أنه يمتلك في نهاية المطاف محفظة جيدة من الأسهم المتنوعة ذات الأسس الممتازة. وفي هذه المرحلة عليه البدء في مراقبة محفظته على أساس يومي، والبحث عن أي أخبار تتعلق بأسهمه. يجب على المستثمر مراجعة الأسهم عالية المخاطر بعناية فائقة والاستعداد للتخلي عنها إذا كان عليه القيام بذلك و لا ينبغي أن يتردّد في قبول الخسارة مع مواصلة البحث دائما عن الفرص التي تُكسبه المال والحرص على عدم الانسياق وراء عقلية القطيع بالإضافة إلى تجنب الاستثمار انسياقا وراء المشاعر.

لا ينبغي على المستثمر أن يدع تقلبات السوق تؤثر على قرارات الاستثمار التي يتخذها وعليه أن يتجنب تماما الاستثمار في الأسهم ذات التقلب الشديد لأنه لا يمكن أن يعرف إذا كان سيشتريها في أعلى أو أدنى مستوياتها. وإذا لم يتمكن المستثمر من تحديد وقت دخوله السوق عليه استثمارَ القليل من المال في البداية حتى يشعر بالراحة والثقة. وأنا أنصح المستثمرين المبتدئين بتجنب الاستثمار في أي شركة وليدة. تذكروا دائما: لا تستثمروا إلا ما يمكنكم تحمّل خسارته.

يميل المستثمرون الجدد إلى تداول الأسهم على نحو أكثر تواترا وهو أمر ينبغي أن يحاولوا تجنبه تماما. فبقدر ما يتداولون أسهمهم بقدر ما يعطون عمولات للسماسرة. وقد ينتهي الأمر بالمستثمرين الذين يتداولون الأسهم بسرعة إلى بيع الأسهم التي من شأنها أن تجلب لهم الكثير من الأرباح وشراء تلك التي قد تُفقدهم المال. ينبغي على المستثمرين تجنب أخذ المشورة من الأصدقاء أو الصحف وتجاهل أي معلومات. ومن خلال تحديد السعر المستهدف لكل سهم يتم شراؤه يمكن للمستثمر تجنب التداول غير الضروري وتوفيرَ الكثير من العمولات. وعندما يصل المستثمر إلى السعر المستهدف، عليه ألا يبيع كل أسهمه بل عليه محاولة التخفيف من الاستثمار تدريجيا في حالة امتلاك أسهم رابحة.

في النهاية، ما أنصح به المستثمرين الجدد هو قراءة الكثير عن عمالقة سوق الأوراق المالية ليفهموا كيف كوّن هؤلاء ثرواتهم ذلك أن أساطير المستثمرين الناجحين لديهم استراتيجياتهم الاستثمارية الخاصة وتخصصاتهم التي من المهم جدا فهمها قبل خوض مغامرة الاستثمار. لجميع المستثمرين الناجحين طرقهم الخاصة في الاستثمار ومن خلال القراءة عنها يمكن لأي مستثمر تشكيلَ طريقته الخاصة به وأخذ استثماره تدريجيا على محمل الجد. نصيحتي الأخيرة هي أن يبدأ المستثمر ببعض النقود الورقية ويرى كيف يتطور الأمر قبل استثمار المال الحقيقي في السوق. إن الاستثمار في سوق الأسهم هو أمر جادّ جدا، ولا ينبغي أن يؤخذ على أنه هواية أو تسلية لتضييع الوقت.





* نائب الرئيس لادارة الاصول في «ديمة كابيتال»

[email protected]