هل جربت نثر قطع لعبة التركيبات (Jigsaw) على الأرض ثم نظرت حجم اللخبطة وعدم وضوح الشكل النهائي للعبة، ثم قمت بعدها بتركيب تلك القطع خلال فترة وجيزة لتحصل على منظر جميل متناثر أكاد أجزم بأن الكويت اليوم تمثل تلك القطع المتناثرة للعبة التركيبات، من ينظر اليها يشعر بأنها فوضى في فوضى، وأمور معقدة ومقلوبة، لكن إعادة ترتيب تلك القطع المتناثرة في غاية السهولة، وكل ما تحتاجه هو خبير أو قيادة حكيمة يصطف الناس وراءها ليجدوا بأنها قد تحولت الى لوحة جميلة ناعمة جميع مقومات النجاح والتقدم والتحضر موجودة لدينا من شعب متجانس ومثقف ودستور وقوانين مناسبة وتجربة طويلة في الانجاز وحريات ورؤوس أموال كثيرة ومشاكل غير مستعصية لكننا بسبب استمراء الفوضى نشعر وكأن البلد مُختطف، انظر الى تجربة الحكومة خلال الشهر الماضي فقط عندما قررت أخذ زمام المبادرة وتطبيق القوانين بحزم، فقد استطاعت ضبط الأمور وكبح جماح الفوضى بسهولة، أزالت التجاوزات على أرض الدولة وأسكتت الاصوات النشاز التي هددت بكسر رأس رئيس الحكومة واشعال المعركة ضد الداخلية، وسكت الجميع، واستطاعت تنظيم عملية الانتخابات النيابية (نسبيا) وبيسر، ورضخ الجميع للقوانين، فلا إعلانات في الشوارع ولا فرعيات ولاشراء للذمم ولا تعيينات للقياديين في الحكومة، طبعاً لم يتم منع كل شيء كما يجب ولكن شعر الناس بأن الأمر جد، وأن الجميع معرض للمساءلة إن هو تجاوز ذلك الخط الأحمر.
لو جئنا لتسمية قطع اللعبة المبعثرة وطلبنا قيام المسؤولين عن هذا البلد بوضعها في مكانها الصحيح، لوجدنا بأنها سهلة جداً ومتيسرة بأكثر مما نتصور وهي:
أولاً: الواجب على الناخب حسن اختيار من يمثله في المجلس، وهي ورقة صغيرة يؤشر عليها لكنها تعني الكثير، فاللوم لا يقع على النواب في تخريب البلد ولكنه يقع علينا، فنحن أصحاب القرار.
وأعتقد بأن الدوائر الخمس بالرغم من مساوئها لكنها أفضل بكثير من الـ 25 دائرة، وحتى من يأتي عن طريق القبيلة او التجمع او الحزب سيتم اختياره بعناية أكبر لكي يدخل في بحر المنافسة.
ثانياً: الواجب على المجلس القادم ان يجعل نصب عينيه اختيار القيادات الصالحة للجهاز التنفيذي من وزراء ووكلاء ومديرين وغيرهم، وهنالك ألف طريقة لمنع تعيين المفسدين في المناصب القيادية حتى لو اضطر لتشريع قوانين صارمة تلزم أصحاب القرار باختيار الأكفأ، ثم قوانين لمحاسبتهم ومعاقبة المقصر منهم.
ثالثاً: بعدها يُلزم المجلس الحكومة بوضع خطة طويلة المدى قابلة للتنفيذ بعيدة عن النمط الإنشائي والتخيّل، ثم يتابع تطبيقها خطوة خطوة ويحاسبها على كل تقصير فيها. ومن أهم مقومات الخطة بيان طرق صرف الفوائض المالية لكي يقطع الطريق على اقتراحات الأعضاء «الملهوفين» الذين يتفننون في ابتكار قوانين لتبديد أموال الشعب ومدخرات الأجيال.
رابعاً: اطلاق يد القطاع الخاص للعمل وتشجيعه مع تشريع قوانين لمنع الاحتكار، فما من دولة تقدمت الا وكان للقطاع الخاص النصيب الأوفر.
خامساً: السعي لتنويع مصادر الدخل حتى لا نستيقظ يوماً ما لنجد بأننا قد بددنا ما تحت أيدينا من ثروات نفطية ثم لم نضع البدائل، وضاع البلد بينما نحن نائمون في العسل!!
د. وائل الحساوي
[email protected]