فيصل خاجة / نعم للدنمارك... ولا للبلاهة

1 يناير 1970 06:25 ص

يعجز عقلي عن ادراك سبب تقبل الناس لأن يتم توجيههم وتسييرهم من قبل منظمات وأفراد لا يتحلون بأبسط مقومات العقلانية وذلك تحت غطاء الدين، فتجد الألوف المؤلفة من البشر ومنهم المهندس والمدرس والدكتور والمدير والسفير والخبير والوزير يتبعون دعوى تحريضية صادرة من رجل دين وكل مقوماته الفكرية... لحيته.

ودعوى مثل دعوى مقاطعة المنتجات الدنماركية تفتقد إلى أبسط مقومات العقلانية، فإذا كان منطلقها الدين فإن المبدأ القرآني الحكيم يعلمنا بأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، والشعب الدنماركي كما جميع شعوب العالم فيه الصالح والطالح، ومقاطعة منتجات دولة بكاملها فيه من الظلم ما يناقض المبدأ القرآني والانساني، فالفوضى العارمة بهذا الشأن أشبهها بفزعة مشاجرة صبيانية يتم خلالها ضرب كل من يعترض طريقها حتى وان لم تكن له علاقة بالموضوع، ولا اعتقد ان هذه الهمجية لها علاقة بمبادئ الإسلام والتي تحض على الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.

يحضرني مشهد كوميدي - تراجيدي شاهدته في احد شوارع الكويت لسيارة تم وضع الملصق الداعي إلى مقاطعة الاتحاد الأوروبي عليها مقابل تعهد خطي بدخول الجنة بإذن الله، والمشهد الكوميدي في هذا الموضوع ان السيارة المعنية هي من ماركة مرسيدس الألمانية الصنع!

أقول لأصحاب هذا الفكر، ادخلوا عالم الإنترنت أو الشبكة العنكبوتية كما يحلو لهم تسميتها، الذي صنعه لكم الغرب الكافر لتجدوا أن التعدي على الاديان والانبياء وعلى الذات الالهية صدر قبلا من الكثير من دول العالم ومنها أميركا وايطاليا ودول شرق آسيا وحتى من بعض الدول الاسلامية! فهل سيتم تبني حملة مماثلة لمقاطعة هذه الدول؟ وقبل ان نفكر بهذا الشأن هل أنتم مستعدون عن التخلي عن الإنترنت والستلايت والتلفون والسيارة والطيارة وأجهزة التكييف، ببساطة أقصد... هل أنتم مستعدون للتخلي عن العالم؟ فبحسب علمي البسيط أننا لا نستطيع ان نتخلى عن العالم في حين ان العالم يتمنى ان يتخلص منا، لأننا عالة على الكرة الارضية، نأكل مما لا نزرع، ونستهلك مما لا نصنع، ونستورد كل شيء ولا نصدر سوى... الشر.

كان من الممكن ان يتم التغاضي عن مثل هذه الاطروحات الساذجة لو كانت تصدر بصفة فردية. ولكن أن تأتي هذه الدعوة من منظمات تدعي انها خيرية ومن مؤسسات المجتمع المدني ومن الجمعيات التعاونية ومن كل حدب وصوب، فهذا يتطلب منا جميعا طرد الخوف من هذه الجماعات والوقوف بوجهها وبوجه أي طرح من شأنه تشويه الوجه الحضاري للكويت.

لا شك ان ثقافة المجتمع لها دور كبير في تهميش دور العقل وفي تسيير الجميع وفقاً لمفهوم القطيع وثقافة المجتمع هذه تأتي عبر دعم حكومي لا محدود، عن طريق المناهج الدراسية ووسائل الإعلام والحملات الإعلانية والتي تصور لنا رجل الدين بأنه عالم، ويعرف كل شيء في هذه الدنيا والحكمة تتقطر دائما من كلامه، والفرد يؤجر على طاعته ويؤثم على مخالفته.

دعوة إلى الجميع بأن يتجنبوا الكسل والاعتماد على غيرهم في التفكير نيابة عنهم، لأن ذلك يجعلهم عرضة ليكونوا قطيعا في حين ان «الشاوي» رغم انه طيب وقلبه أبيض وعلى نياته... إلا أنه ضرير!


فيصل خاجة

كاتب كويتي