ساهم في تأسيس المدرسة المباركية سنة 1191 والمدرسة الأحمدية 0291 وفي إرسال البعثات الدراسية للطلبة وإنشاء المكتبة الأهلية سنة 3291

الشيخ يوسف بن عيسى ... بصمة في تاريخ الوطن

1 يناير 1970 04:55 م
ان الحديث عن سيرة الشيخ يوسف بن عيسى القناعي حديث ذو شجون فهو رجل جمع الكثير من الخصال والصفات فكان علامة بارزة في تاريخ الوطن** لما ساهم فيه من امور كان لها الاثر الكبير في بنائه وتطوره.

نتطرق اليوم الى البعض من ذلك فهو كان كالبحر الزاخر عالما ربانيا وهب نفسه للخير والصلاح نتركك عزيزي القارئ مع لمحات موجزه من سيرة العالم والقاضي يوسف بن عيسى القناعي:

كانت ولادة الشيخ عيسى بن يوسف القناعي سنة 1878 في فريج القناعات في حمى الوسط من مدينة الكويت القديمة وفي عهد الشيخ عبدالله الصباح وكان والده يوسف القناعي يعمل في التجارة وقد اصطحبه وعمره 11 عاما في رحلة تجارية حيث كان يملك سفينة سفر شراعية ينقل بها بين موانئ عدة ينتقل منها البضائع للكويت وقد وصل مع والده الى موانئ اليمن والهند ومليبار.



الدراسة

بدأت رحلته الدراسية وتحصيله العلمي وهو في السابعة من عمره فلقد كانت خطواته في التحصيل بأن حفظ القرآن على يد الملا دخيل الجسار وبعد ان اتم حفظ القرآن اخذ يكمل مبادئ العلوم الاخرى والتي كانت متوافرة آنذاك فتعلم الخط والمبادئ الأولية في الحساب عند السيد عبدالوهاب الرفاعي وكذلك عبدالوهاب الحنيان وقد نبغ في هذه الفترة فكانت يحل محل شيخه الحنيان وينوب عنه في دروسه، وبعد استكمال دراسته لمبادئ العلوم الاولية التي كانت متاحة في تلك الفترة بدأ في دراسة الفقه والنحو فقرأ متن ابي شجاع في الفقه الشافعي ومتن الاجرومية في مبادئ النحو ودرسهما علي يد قاضي الكويت عبدالله العدساني ثم اخذ يطلع الى مزيد من العلم فدرس عند الشيخ عبدالله الدحيان شيخ الكويت في زمانه مبادئ الفقه والنحو... انقطع الشيخ يوسف بن عيسى عن دروس شيخه بن دحيان فارسل اليه قصيدة يصف فضل الشيخ يوسف عليه فرد عليه بقصيدة كان مطلعها:

تقول بدرس انني لك محسن

فماذا القول الله أكبر



الاحساء

كانت الاحساء في الفترة التي عاشها الشيخ يوسف بن عيسى حينما اتجه لطلب العلم تعد منارة من منارات العلم وحاضره للعلم الشرعي فرحل لها لكي يلتحق في احدى مدارسها وكان ذلك سنة 1903 وبها درس الفية بن مالك مع شرحها لابن عقيل وحفظها حفظا متقنا وكذلك شرح التيسير في الفقه الشافعي ومتن المنهاج بعدها عاد للكويت واكمل تحصيله العلمي ثم توجه للبصرة واقام عند خاله خالد البدر اشهرا عدة ثم واصل رحلاته العلمية الى مكة المكرمة.



المدرسة

حين عاد من رحلاته العلمية واستقر في بلده الكويت افتتح مدرسة خاصة لتعليم القرآن الكريم ومبادئ الحساب والكتابة وكان يدرس فيها بمفرده. وتلاميذه في المدارس التي درس بها كثر من رجالات الكويت.

كما ساهم مع بعض رجالات الكويت بتأسيس اول مكتبة اهلية تفتح ابوابها للقراء وكان ذلك سنة 1923.



التأسيس

كان الشيخ اول من دعى الى تأسيس المدارس العصرية في الكويت فلقد كان دور كبير في تأسيس المدرسة المباركية وتولى التدريس بعض المواد بها (التجويد - الصرف - الحديث) وحين اراد ادخال بعض العلوم العصرية وتعليم اللغة الانكليزية ومادة الجغرافيا وكان عنده طموح في تطوير اساليب التعليم ومن هذه الرغبة استقر الامر على الاقتراح الذي عرضه الشيخ عبدالعزيز الرشيد في افتتاح مدرسة اخرى الى جانب مدرسة المباركية وهي «المدرسة الاحمدية» بعدها سعى الى ارسال الطلبة الكويتيين في بعثات علمية خارج الكويت وتحققت مساعيه في ارسال اول بعثة تعليمية الى العراق سنة 1924.



المجالس

كان للشيخ يوسف بن عيسى دور في المجالس التشريعية اولها المجلس التشريعي الاول سنة 1921 وكان يضم اثني عشر عضوا، ولم يعقد هذا المجلس سوى اربع جلسات بعدها تعرض لخلافات بين اعضائه ادت الى انتهاء مهمته، بعدها شارك في المجلس التشريعي للعام 1938 وكان احد اعضاء اللجنة الثلاثية التي اشرفت على انتخابات ذلك المجلس وحينما زار البحرين سنة 1928 واطلع على مهام البلدية هناك طالب بتأسيس دائرة للبلدية في الكويت وقد لقي هذا الطلب قبولا لدى الشيخ احمد الجابر ورجالات الكويت وامر الشيخ احمد الجابر بتأسيسها «دائرة البلدية» سنة 1930 وكانت اول دائرة حكومية في البلد وواصل الشيخ يوسف بن عيسى دوره فيها فكان عضوا في المجالس البلدية التي عقب تأسيس البلدية كما كان عضوا في اول وجلس للمعارف ومديرا فخريا للمعارف.



القضاء

بعد وفاة الشيخ عبدالله الخلف الدحيان طلب حاكم الكويت في ذلك الوقت الشيخ احمد الجابر الصباح من الشيخ يوسف بن عيسى تولي القضاء فاعتذر منه لكن اصرار الشيخ احمد الجابر عليه جعله يقبل هذا المنصب لكن اشترط ان يكون ذلك لفترة موقتة الى حين ايجاد بديلا له في هذا المنصب اي قاض اخر يتولى ذلك المنصب واشترط كذلك على عدم اخذه اجرا على هذا الامر، قبلت شروط الشيخ يوسف وتولي القضاء فكان تأتيه القضايا في المحكمة وفي بيته واستمر في هذا الامر مدة سنة ونصف السنة حتى حل مكانه الشيخ احمد عطية الاثري والشيخ عبدالعزيز حمادة.



الافتاء

عرف عن الشيخ يوسف واشتهر عنه رجاحة العقل والفكر النيَّر فكان ذا رأي سديد ما جعله محل استشاريه ورأي لا غنى عنه سواء عند الخاصة او العامة.

وكان عنده مكتب خاص له في سوق التجار يستقبل به الناس من كان لهم حاجة في الاستفتاء والاسئلة الشرعية في الفقه والتشريع والميراث وكان جوابه محل فصل في تلك القضايا المعروضة عليه.



ديوانه

وكان يجلس في ديوانه الذي اصبح ملتقى علميا وثقافيا يأتيه تلاميذه فينهلون من علمه وتقام به الندوات العلمية التي تناقش كثيرا من الموضوعات والقضايا التاريخية والادبية والسياسية وغيرها والمجلس في ديوانيه يبدأ بعد صلاة العصر وجلسة صباحية قبل ان يذهب الى محله في السوق.



الاطلاع

لقد تبحر الشيخ يوسف بن عيسى في العلوم كلها وغاص في بطون الكتب ونهل من علمها ومعارفها وهذا يلحظ في نتاجه العلمي ومؤلفته التي يتضح من خلالها سعة علمه واطلاعه في ميدان شتى للعلم والثقافة والمعرفة.



المذكرة الفقهية

ومن مؤلفاته المذكرة الفقهية وهي رسالة مختصرة جمع فيها امهات مسائل الفقه الاسلامي واقتصرت على ما لا بد منه للعمل واعرضت عن بعض الابواب والمسائل التي لا يعمل بها او لا تقع في هذا الزمن وكما لم يتقيد فيها بمذهب وكان له فيها اختيارات.



الملتقطات

وايضا من تأليفه كتاب الملتقطات وهو عبارة عن تسجيل لملتقطات اعجبت المؤلف في كتب كثيرة منوعة من الادب والفقه والفلسفة والتاريخ وغيرها من الموضوعات التي كان قد قرأها، فجمع منها هذه الفوائد وقد حرص على وضع المعلومات من دون ترتيب او تصنيف موضوعي حيث انه اراد كما جاء في المقدمة «ألا يختص القارئ بما يريده منها ويحرم من فائدة الاطلاع على ما قد يكون انفع مما اراد» وان الشيخ لا يصدر فيما يلتقطه او يختاره على مجرد الرغبة في النقل والتسجيل فهو حين يلتقط قد يوضح ويشرح ويناقش ويأتي بالرأي السديد فيدحض الافتراء والكذب ويسفه الخرافة الضارة.

وفي مجال الأدب احتوت الملتقطات على الكثير من الابيات الشعرية لقديم الشعر وحديثه وفصيحه ونبطه عامة.



تاريخ الكويت

اما كتابه تاريخ الكويت فيقول الشيخ يوسف بن عيسى في مقدمته «فهذه نبذة يسيرة من تاريخ الكويت الفتها لأبناء المدارس مبتدئا فيها من صباح الاول، وختمتها بوفاة مبارك بن صباح سنة 1334 هـ، وارجأت تاريخ من بعده الى وقت آخر ان سنحت لي الفرصة، وقد اعتمدت فيها على ما شاهدته ثم النقل عن الآباء فنقل الآباء عن اسلافهم» فهو اذن تاريخ موجز الف لأبناء المدارس وليكون منهجا لهم في معرفة تاريخ بلادهم، وهذا العمل في حد ذاته عمل تربوي تعليمي ناجح، حتى في نمط تأليفه حيث نراه سجله في ثلاثة وثلاثين فقرة تناول فيها مواضيع متنوعة، تجاوز في بعضها ما يعني به كاتب التاريخ، فقدم بذلك لقائه ما يستكمل به معرفة الكويت معرفة شاملة كاملة، فتكلم فيه عن مناخ الكويت، وارض الكويت، ما فيها من زراعة وصناعة وتجارة، اضافة الى تاريخ الحكم ورجاله والقضاء والعلماء والمعارف والدين والشعر والغوص والمنازل واللباس والمعيشة واللهو والخرافات وغير ذلك.



الوفاة

كانت وفاته يوم الخميس السادس من يوليو 1973 عن عمر ناهز الستة وتسعين عاما وقد خرجت الكويت عن بكرة أبيها لتشييعه رحمة الله عليه واسكنه فسيح جناته.



المصدر

حياة الشيخ يوسف بن عيسى القناعي رحمه الله كانت محل اهتمام كثير من الباحثين الذين أرخوا عن رجالات الكويت وعلمائها ونحن اعتمدنا في هذه الاطلاله على كتاب علماء الكويت وأعلامها خلال ثلاثة قرون للاستاذ عدنان الرومي وكتاب رجال تاريخ الكويت للاستاذ يوسف الشهاب. وكتاب د. نجاة عبدالقادر الجاسم الشيخ يوسف بن عيسى ودوره في الحياة الاجتماعية والسياسية في الكويت.

 

إنتاجه الشعري

 

كان للشعر حيزاً في حياة الشيخ يوسف بن عيسى وهذه نماذج من شعره الذي كان يعبر به عن احاسيسه في مواضيع شتى:

مناجاة الله سبحانه وتعالى:

احنو اليك برأسي

تذللا وابتهالا

واختشيك بسري

مهابة وجلالا

وذلتي لك تحلو

اما لغيرك لا لا

وقال ايضا:

حسبي اطلاعك سيدي

بسريرتي وجلي امري

فأنا المقصر في الورى

اخفي القصور وانت تدري

وانا الذي ألبستني

حللا سمت عن حصر شكري

فأتم جميلك يا جميل

الصفح عن ذنبي ووزري

ومن روح الصداقة التي تربطه بالشيخ عبدالله السالم

الله اعلم حيث يجعل

امرنا في حكم ذاتك

فلذا ترانا سائلين

الله يفسح في حياتك

يهنئه في عيد الاستقلال:

اهنئك في عيد التحرر كلما

بدا طالع للشمس في كل مشرق

وارجو لك التوفيق ما دمت سالما

تقوم بعدل في البلاد وتتقي

واني اهني الشعب فيك لأنه

يرى انك الماء الذي منه يستقي

فدم ابن سالم حافظا لكويتنا

حامي حماها من حدود ومرفق

وقال ايضا في مطامع الاجانب:

للأجنبي مطامع في مالكم

فتنبهوا لا تخدعوا بطلا سمه

يبدي لكم نصحا احيط بمكره

فإذا تكشف قال لست بعالمه

عن مكانة الأم وتقديرها:

هنيئا للذي لديه ام

يراها بالغداة وبالأصيل

يحييها بلطف واحترام

وعطف كالشفيق على العليل

يذل لرحمة ويطيع انسا

لها ما دام في دار الرحيل

وله في القراءة:

ولي لذة عند القراءة لم اجد

بطول حياتي مثلها بنعيمي

وتلك لأني استفيد فوائدا

تريح فؤادي من شفاء همومي

فيا رب زودني بحسن دراية

وزد ناظري في حدة العلوم

قال في عبدالكريم قاسم حاكم العراق حينما ادعى ضم الكويت سنة 1961:

خدعوك يا عبدالكريم بقولهم

انت الزعيم الاوحد والعالم

والحق انك احمق بل جاهل

مستكبر مستهتر بل ظالم

وعندما وصل الثمانين من عمره قال:

لا ارى بعد الثمانين

صحيحا بالتمام

بل اراه يضرب الرقم

بتعداد السقام

ولهذا عن قريب

سيودع بسلام